تواترت الأنباء والتقارير الصحفية (غير الرسمية) حول وجود توجه رسمي بالتنسيق بين وزارة الرياضة والاتحاد السعودي لكرة القدم لوضع خطة أو استراتيجية لتسهيل احتراف اللاعب السعودي خارجيًا، وهو -إن صدقت الأنباء- مشروع إيجابي بلا شك لصالح الكرة السعودية والمنتخب السعودي؛ بشرط أن يتم التخطيط له جيدًا، وأن ينفذ بشكل احترافي وذكي، حتى لا يتكرر فشل تجربة 2018، ولا يتكرر هدر الوقت والمال الذي حدث في مشروع «برنامج الابتعاث السعودي لتطوير مواهب كرة القدم» الذي أطلقته وزارة الرياضة في يونيو 2019. احتراف اللاعب السعودي خارجيًا يجب أن يتم بحكمة وذكاء وتخطيط، وعلينا الاستفادة من أفضل تجارب وقصص احتراف اللاعبين العرب، وآخرها وأشهرها قصة محمد صلاح الذي لم ينتقل من (المقاولون العرب) ليجد نفسه فجأة في ليفربول، ولم يكن وقتها نجمًا لافتًا في مصر ولا عنصرًا أساسيًا في منتخبها الأول؛ بل رحل إلى سويسرا بصمت ليحترف في بازل السويسري وهو يكاد يكمل عقده الثاني (19 سنة)، ومن هناك بدأ رحلة لفت الأنظار، واستطاع أن يثير اهتمام كشافي الدوريات الأوروبية، وانتقل بعد التألق في سويسرا إلى تشلسي الإنجليزي الذي أعاره في الموسم التالي لفيورنتينا ثم روما، قبل أن يقرر الأخير شراء عقده ويقدمه كنجم عالمي أجبر ليفربول الإنجليزي على استقطابه في أغلى صفقة للاعب عربي بلغت قيمتها 50 مليون يورو. الأحاديث التي تدور حول تحديد أسماء نجوم سعوديين بارزين وأساسيين في أندية كبيرة وفي المنتخب السعودي الأول يعيدنا لتجربة 2018، ومع هذا الضخ المالي الكبير والدعم غير المسبوق للدوري السعودي، وتطعيمه بعشرات النجوم العالميين، والأجهزة الفنية العالمية يعيد لنا السؤال: ما الفائدة من إرسال نجم سعودي أساسي في فريقه ومع المنتخب السعودي، ويخضع يوميًا للتدريبات تحت إشراف أجهزة فنية عالية المستوى، ومع نجوم عالميين؟ وما الذي يمكن أن يجده هناك ولن يجده هنا إذا ما ذكرنا احتمالية أن يفقد هناك فرصة اللعب بشكل أساسي، أو يواجه بعض أخطار وسلبيات الاحتراف الخارجي التي يعرفها الجميع؟! كيف يمكن أن نقول للعالم إنَّنا نملك منتجًا عالميًا هو الدوري السعودي ثم نرسل نجوم أنديتنا ومنتخبنا الأول إلى الدوريات الأوروبية بحجة الرغبة في تطويرهم؟! وكيف نسعى لإقناع نجوم الكرة في العالم بجودة الدوري السعودي المتطور وجدوى اللعب فيه ثم نسعى لتسهيل احتراف نجوم الصف الأول من لاعبينا بعيدًا عن الدوري السعودي؟! مشروع احتراف اللاعب السعودي خارجيًا يجب أن يكون مدروسًا، وعلى المسؤولين وضع المعايير والأهداف التي تتحقق بها المصلحة من هذا المشروع حتى لا تتكرر حكايتنا مع فشل المشاريع (المسلوقة)، والاحتراف الخارجي يجب أن يكون وسيلة لا غاية، ولا يجب أن يكون الهدف استعراضيًا، ولا لأجل المباهاة بوجود لاعب سعودي في أحد الدوريات الأجنبية بعيدًا عن الجدوى من هذا الاحتراف، والعائد منه للكرة السعودية والمنتخب السعودي! أجزم أن وجود اللاعب السعودي البارز الذي وصل لمرحلة النضج الكروي ويشارك مع ناديه ومع المنتخب السعودي بصفة أساسية في الدوري السعودي أجدى من إرساله في مغامرة غير محسوبة إلى الخارج، والأجدى أن يتركز المشروع المذكور على المواهب الشابة التي لا تجد فرصتها مع أنديتنا في الدوري السعودي على أمل أن تتكرر معها قصة نجاح محمد صلاح.