لا لبس أن المكون السياسي الإسرائيلي بعيد كل البعد عن الفكر المؤدي إلى السلام عطفاً على المواقف والإجراءات التي يتخذها يوماً بعد آخر تجاه كل المحاولات التي تدعو إلى سلام عادل وشامل، هذا الأمر ليس بجديد إنما هو امتداد لمواقف الحكومات الإسرائيلية المتتالية التي تعتبر أن السلام هو بداية نهايتها، تلك الحكومات تمسكت بمواقفها كونها لم تجد مواقف صارمة من المجتمع الدولي الذي في بعض الأحيان دعم التوجهات الإسرائيلية وأيدها على اعتبار أن ذلك يصب في مصلحته بطريقة أو أخرى. اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير أمس باحات المسجد الأقصى المبارك، تحت حماية الشرطة في خطوة استفزازية في توقيت أكثر من سيئ يكرس الاحتلال ويوضح أن السلام ليس ضمن أجندة الحكومة الإسرائيلية الحالية وبالتأكيد ليس في أجندة الحكومات القادمة أيضاً، هذا الطرح يؤيده تبني الكنيست الإسرائيلي مساء أمس الأربعاء قراراً ينص على رفض إقامة دولة فلسطينية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المجلس، وحظي بدعم أحزاب في ائتلاف نتنياهو والأحزاب اليمينية، ووصف قرار الكنيست إقامة دولة فلسطينية في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر الماضي أنها «مكافأة للإرهاب» وستكون خطراً وجودياً على إسرائيل. بذلك التصرف وبهذا القرار يتأكد لنا أن السلام في الشرق الأوسط أصبح بعيداً أكثر من أي وقت مضى في ظل فكر سياسي عقيم لا يؤمن إلا بالحرب ضماناً لوجوده وبقائه في السلطة أكبر وقت ممكن، هذا الأمر من الممكن جداً أن يؤدي إلى اتساع رقعة الحرب ودخول أطراف أخرى فيها ما يهدد الأمن الإقليمي والدولي خاصة في ظل التوترات الحاصلة بالفعل بين المعسكرين الشرقي والغربي، والتي في أضعف الأحوال ستقود إلى حرب باردة جديدة تزيد من الاحتقان الذي هو حاصل بالفعل. المجتمع الدولي عليه مسؤوليات يجب أن يضطلع بها بأن لا ينحاز كل الانحياز إلى إسرائيل ويؤيد تصرفاتها تحت ذريعة الأمن، عليه أن يكون ذا توجهات حيادية إيجابية تسعى من أجل إحلال الأمن والسلم في منطقة قابلة للاشتعال.