مرض فقر الدم المنجلي (SCD) هو اضطراب دموي وراثي مزمن، حيث ينتج عنه نزول في نسبة الهيموجلوبين نتيجة تكسر كريات الدم الحمراء مما يؤدي في الغالب إلى نوبات ألم حادة وقد يؤدي نادراً لا قدر الله إلى تلف في أحد أعضاء الجسم . على الرغم من تصنيفه كمرض نادر عالميًا، إلا أنه يعتبر أكثر انتشاراً نسبياً في المملكة العربية السعودية حيث يبلغ معدل انتشاره حوالي 2.3% بحسب ما ذكرته بعض الدراسات البحثية . تتواجد الأنيميا المنجلية بشكلٍ ملحُوظ في المنطقة الشرقية ، بالتحديد في القطيف والأحساء، تليها المنطقة الجنوبية، ثم المنطقة الغربية. يعد مرض فقر الدم المنجلي مرضًا فريدًا لا يؤثر فقط على المرضى في مختلف الأعمار بطرق متعددة، ولكنه يؤثر - أيضًا – على مقدمي الرعاية من ذوي المرضى. من جانب المرضى - غالبًا ما يعاني المُصاب من مجموعة من المشكلات الصحية الجسدية والنفسية. جسديًا، يمكن أن يعاني المريض من نوبات التمنجل وهي عبارة عن إنسداد في الأوعية الدموية تسببها شكل الخلايا المنجلي واللتي ينتج عنها نوبات من الألم الشديد، يمكن أن تحدث هذه النوبات بشكل مُفاجئ، وغالباً ما تتطلب تلقي العلاج في المستشفى إذا لم تحصل الاستجابه المطلوبه للمسكنات في المنزل. ومن النوبات الشائعه لدى هذه الفئة من الغالية علينا نوبة التكسر، حيث تتحلل خلايا الدم الحمراء قبل أوانها وينتج عن ذلك نزول حاد في نسبة الدم (الهيموجلوبين) فيصاحبه شحوب في الوجهه واصفرار في العينين وكذلك دكانه في لون البول فيشعر المُصاب بالتعب والإرهاق الشديد وقد تصل أحيانا لضيق التنفس. لا تقتصر معاناة مريض أالأنيميا المنجلية على هذا الأمر فحسب بل هناك نوبات أخرى قد تحصل بنسب متفاوته ، ولهذا فإنّ الوعي بأعراضه أمر في غاية الأهمية. عدم الاهتمام بالمتابعه وأخذ الأدوية اللازمة والموصى بها من الطبيب المعالج قد تؤثر على المريض من الناحية النفسية كذلك؛ حيث يتسبب الشعور المستمر بالألم والإقامات المتكررة في المستشفى في تعرض المرضى للضغوط النفسية، وقد تجعلهم عُرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية. ومن الناحية الاجتماعية؛ يمكن للقيود الجسدية والإرهاق الناجم عن مرض فقر الدم المنجلي أن تحد من المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، مما يؤثر سلبًا على التطور الاجتماعي للأفراد المصابين. عدم الاهتمام كذلك قد يمتد تأثيره لمُقدمي الرعاية من ذوي المرضى، فإنّ مرض فقر الدم المنجلي غالباً ما يؤثر عليهم من خلال الضغوطات النفسية والإرهاق الذي يأتي مع الطبيعة المزمنة المُصاحبة للمرض. على الرغم من كل التحديات، فإن المملكة العربية السعودية تواكب التقدم الملحوظ عالميا لعلاج مرضى فقر الدم المنجلي، حيث تقدم العديد من الطرق العلاجية من بينها الأدوية المكتشفة حديثا واللتي أثبتت فعاليتها في التقليل من مضاعفات المرض ومكنت مرضى الأنيميا المنجلية من ممارسة حياتهم بشكل أفضل. ومن الإجراءات العلاجية المتبعة في مملكتنا الحبيبة زراعة نخاع العظام (الخلايا الجذعية ) واللتي تمكن من علاج المرض والشفاء منه تماما ، ومن الطرق اللتي أضيفة حديثاً استخدام الهندسة الوراثية في علاج المرض واللتي لا تحتاج لمتبرع كما هو الحال في زراعة نخاع العظم (الخلايا الجذعية) . بالإضافة إلى ذلك، يشمل المنظومة الصحية الواسعة المتاحة لعلاج ورعاية مرض فقر الدم المنجلي في السعودية برامج فحص ما قبل الزواج واللذي سيكون له دور كبير في الحد من انتشار هذا المرض إذا كان هناك تعاون من أبناء وطننا الحبيب، إلى جانب ذلك الفحص المبكر لحديثي الولادة حيث يمكن الطاقم الطبي من توفير الرعاية بشكل مبكر. إن معدل انتشار المرض المرتفع نسبيًا في المملكة العربية السعودية، خاصة عند مقارنته بالمعدلات المسجلة في دول أخرى، لا يزال يشكل تحديًا للصحة العامة. ولذلك، فإنّ إدارة الرعاية الطبية ضرورية للغاية، لذا يُنصح بالحفاظ على مواعيد مُنتظمة مع مقدمي الرعاية الصحية المتخصصين في مرض فقر الدم المنجلي لمراقبة الحالة وإدارتها بشكلٍ فعّال. وفي الختام، فإنّ أسلوب الحياة والرعاية الذاتية توازي الرعاية الطبية في الأهمية، إلى جانب الحصول على الدعم والتثقيف المناسبين للتعايش مع مرض فقر الدم المنجلي وتعزيز مجتمع صحي ومزدهر. * استشاري طب الأطفال وأمراض الدم والأورام لدى الأطفال في مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر ، استاذ مساعد فخري بحامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل