يؤدي الرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى، في مطلع أغسطس ليصبح الرئيس التاسع للجمهورية الاسلامية الايرانية، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية الأحد. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) عن عضو الهيئة الرئاسية بالبرلمان مجتبى يوسفي، قوله إن "مراسم تنصيب الرئيس ستقام في الرابع أو الخامس من أغسطس" على أن "يعين خلال 15 يوماً الوزراء للتصويت على الثقة". ونُظمت هذه الانتخابات على عجَل لاختيار خلف لابراهيم رئيسي الذي قُتل في حادث مروحيّة في 19 مايو، ووسط حالة استياء شعبي ناجم خصوصًا من تردّي الأوضاع الاقتصاديّة بسبب العقوبات الدوليّة المفروضة على الجمهوريّة الإيرانية. ومن المقرر أن يتم حفل التنصيب بعد نيل بيزشكيان موافقة المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، رسمياً. فاز الاصلاحي بيزشكيان البالغ من العمر 69 عامًا، والداعي إلى الانفتاح على الغرب في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة أمام المرشّح المحافظ المتشدّد سعيد جليلي، وفق نتائج أُعلنت السبت. غير أن صلاحيات الرئيس في إيران محدودة إذ تقع المسؤولية الأولى في الحكم في الجمهورية الإسلامية على عاتق المرشد الأعلى الذي يُعتبر رأس الدولة. أما الرئيس فهو مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها علي خامنئي. حصل بيزشكيان على 53,6% من الأصوات فيما حصل منافسه على 44,3%، من أصل نحو 30 مليون صوت. بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية 49,8%. ودعت صحف إيرانية الأحد إلى "الوحدة" تحت قيادة الرئيس المنتخب. وفي أول تصريح له منذ إعلان فوزه، قال بيزشكيان على منصة إكس "الطريق الصعب أمامنا لن يكون سهلًا إلا برفقتكم وتعاطفكم وثقتكم. أمدّ يدي لكم"، مكررًا ما تعهد به الثلاثاء ب"مد يد الصداقة للجميع" . من جهته، دعا جليلي أنصاره إلى "احترام" نتائج الانتخابات، قائلًا على التلفزيون "علينا جميعنا بذل جهود لمساعدته". ولم يكن من المتوقع أن يتمكّن بيزشكيان النائب عن تبريز، أكبر مدينة في شمال غرب إيران، من تحقيق هذه النتيجة عندما قبل مجلس صيانة الدستور طلب ترشّحه مع خمسة مرشّحين آخرين، كلهم من المحافظين، للانتخابات المبكرة. وبيزشكيان ليس شخصية بارزة في معسكر الإصلاحيين والمعتدلين الذين تراجع تأثيرهم في مواجهة المحافظين في السنوات الأخيرة.لكن تمكّن من كسب دعم هذا المعسكر، لا سيما تأييد الرئيسين الأسبقين محمد خاتمي وحسن روحاني، وكذلك وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، مهندس الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع القوى الكبرى في العام 2015. وفي خطاب ألقاه لاحقا ، قال الرئيس المنتخب إن "اصواتكم منحت الأمل لمجتمع غرق في أجواء من عدم الرضى"، مضيفا "لم أطلق وعودا كاذبة في هذه الانتخابات، لم أقل شيئا لا يمكنني تحقيقه". وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام محلية أنصارًا لبيزشكيان يعبّرون عن فرحهم في شوارع طهران وتبريز حتى قبل صدور النتائج الرسمية. ورحّب إيرانيون قابلتهم وكالة فرانس برس بعد فوز بيزشكيان، بالانتصار فيما اعتبر آخرون أن ذلك لن يحدث أي تغيير. وقال المهندس أبو الفضل (40 عامًا) "نحن سعداء جدًا لفوز السيد بيزشكيان. نحن بحاجة إلى رئيس واسع المعرفة لحلّ المشاكل الاقتصادية". من جهتها، قالت ربة المنزل رؤيا (50 عامًا) "هؤلاء المرشحون يطلقون فقط شعارات. حين يستلمون السلطة، لا يفعلون شيئًا للشعب". ودعا المرشح الإصلاحي إلى "علاقات بنّاءة" مع الولايات المتّحدة والدول الأوروبية من أجل "إخراج إيران من عزلتها". غير أن صلاحيات الرئيس في إيران محدودة إذ تقع المسؤولية الأولى في الحكم في الجمهورية الإسلامية على عاتق المرشد الأعلى الذي يُعتبر رأس الدولة. أما الرئيس فهو مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وأوصى خامنئي السبت الرئيس المنتخب في رسالة تهنئة "باستخدام القدرات العديدة للبلد . واعتبر خبير الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز في منشور على منصة إكس أن فوز بيزشكيان "يكسر نمط سلسلة من الانتخابات الوطنية شهدت تشديد المعسكر المحافظ قبضته على جميع مراكز السلطة". لكن مع ذلك، "تستمر سيطرة المحافظين على المؤسسات الأخرى في الدولة" وفق قوله. وأضاف "الصلاحيات المحدودة للرئيس تعني أن بيزشكيان سيواجه معركة شاقة لتأمين المزيد من الحقوق الاجتماعية والثقافية في الداخل ومشاركة دبلوماسية في الخارج، وهو ما تم التأكيد عليه خلال حملته الانتخابية". ويقدّم بيزشكيان الذي تولى تربية أطفاله الثلاثة بمفرده بعدما قضت زوجته وطفلهما الرابع في حادث سيارة في العام 1993، نفسه على أنه "صوت الذين لا صوت لهم". ويدعو إلى إيجاد حل دائم لقضية إلزامية الحجاب، أحد أسباب حركة الاحتجاج الواسعة التي هزت البلاد إثر وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر 2022 بعد توقيفها لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية. وتعهد بيزشكيان التفاوض مع واشنطن لإحياء المفاوضات حول النووي الإيراني بعد الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة في العام 2018 بقرار اتّخذه دونالد ترمب الذي كان رئيسا للبلاد حينها وإعادة فرض عقوبات اقتصادية مشددة على طهران.