المخرجة العمانية مزنة المسافر، مخرجة تعشق السينما، وتراهن عليها في النبش في التراث، وتطوير الفكر، وخلق عالم جديد من المحبة والسلام وطرح القضايا المهمة، ورغم أنها تميل إلى الرمزية إلا أنها دائماً ما تطرح المختلف والجديد فهي تهتم بالنوعية وليس الكمية، تحدثت ل»الرياض» بشكل سريع عن مهرجان الخليج السينمائي في الرياض وفوزها بجائزة أفضل فيلم قصير «غيوم» وعن شيء من عشقها وحبها لعالم السينما، فإلى الحوار. * المملكة تشهد تطوراً ثقافياً على كل الأصعدة كيف ترى المخرجة مزنة ذلك؟ * جميل أن يرى المرء وجود حراك ثقافي وهو ضروري للغاية ليساهم في تطوير مفاهيم إنسانية، وإبداعية عبر الأجيال. وهنالك تطور بالطبع وهو تطور ثقافي وهذا شيء طبيعي كونه نتاج عدد كبير من المثقفين في المملكة وهنالك فنانون كثر يساهمون في هذا الحراك وسيكون بالطبع هنالك حراك أكبر على صعيد السينما وصناعة الكلمة والصورة ولابد أن يكون هذا التطور قد وصل لجميع الشرائح والفئات الاجتماعية. * حدثينا عن زيارتك للمملكة وحضور مهرجان الخليج السينمائي في دورته الرابعة مؤخراً في الرياض؟ * كانت تجربة مثرية على جميع الأصعدة، ويقف المرء وقوف المتمعن في ما حوله، من فعاليات، ومشاركات، ليتعلم ويفهم التجارب المرئية التي أمامه، والمحكية بصورة بالغة في الجمال والدقة أحياناً، وأحياناً ناطقة بالتشويق. * كيف ترين الواقع السينمائي العربي ومستقبل الكتابة للأجيال الجديدة في ظل ثورة المعلومات التي تشهدها المنطقة والعالم؟ * الكتابة تقنية عتيقة وبالغة في القدم، لا يمكن محو الكتابة من الأرض، والتكنولوجيا الحديثة هي وسيلة فقط لأسس قد أسسها الإنسان عبر العصور، وكون فكرة عميقة للتدوين، واتخذ من التدوين مناهج شتى، لذا يصعب محو الكتابة والصورة، والسينما تستند على الصورة والكتابة واللحن. * كونك سينمائية، هل يمكننا أن نجعل الأفلام ذات تأثير في محاربة التطرف؟ * التطرف وليد قبولنا لعدم السير نحو الآفاق البعيدة، ومكوثنا بانتظام في مكان واحد غير قابل لفهم الآخرين، الحياة بحاجة لوعي عالي، وإدراك عميق لما حولنا، حتى تصبح حياتنا أفضل، وأجمل وأقل راديكالية، وأكثر مرونة. * كيف نستطيع أن نجعل من السينما طريقًا للتغير بشكل أفضل؟ o نحن بشر لابد أن نساهم في الفكر الإنساني، والتعبير عن ما نشعر، وما نفكر بطريقة رزينة، فيها فهم لما نشعر وما نفكر حتى ننقله للأجيال القادمة من بعدنا، ومن مبادئ الإنسان الحركة والتعبير، فقد كان الإنسان يعبر بأمور أساسية فيها الكثير من الاحتياج في السابق، الآن الإنسان يعبر بكلمات يغلفها الخيال، والجمال، ويعبر بطريقة سجعية وقصائدية أحياناً، لأنه تمكن من التعبير اللغوي، وقد يميل أحياناً إلى التعبير البصري ليكون صورة حية ناطقة بالحياة. * يقال إن مزنة تحب أن تكون هي الكاتبة والمخرجة في أي فيلم تقوم بإخراجه.. لماذا؟ -أحب كتابة ما أشعر حتى أتمكن من السيطرة على الفيلم، والنظر نحوه بطريقة كاملة المعالم. * ماذا يعني أن يكون اسمك مرتبطاً بالكثير من الجوائز؟ * الجوائز السينمائية والتلفزيونية التي حصدتها هو شيء ربما اعتدت عليه منذ الصغر، وأنا حاصدة للجوائز وأنا ممتنة لما منحتني الحياة من جوائز، لكنني أنظر لها بطريقة مختلفة، أنني أحب التفوق، وأسعى إليه، ولكن قبل التفوق هنالك باب مهم لابد أن يطرقه الفنان هو باب التواضع ليملك قلوب الناس، ويشعر بحبهم له ولفنه. * جائزة أفضل فيلم قصير كانت من نصيبك عبر فيلم "غيوم" حدثينا عن الفيلم وهل كنتي تتوقعي الفوز؟ * لم أدرك مدى حبي للفيلم إلا في أيام المهرجان وأنا أشاهده مع الجمهور، كان جلوسي على مقعد سينما رائع، لأنه يشعرني بمدى أهمية الفيلم وأهمية هذا العمل. * في رأيك ما العوامل التي تجعل من السينما الخليجية منافساً عربياً وعالمياً؟ * القاعدة الإنتاجية الجيدة، والقاعدة الإبداعية، لابد من الاثنين لوضع سينما تعني بالفكر الإنساني، وكذلك تعني بصناعة المال وجلب المستثمرين وجذبهم نحو اقتصاد مختلف من نوعه. * هل الاهتمام بالسينما العماني عبر مهرجانات ومسابقات يكفي ان تكون السينما العماني حاضرة؟ * غيوم كان بدعم من جهات حكومية من سلطنة عُمان، لكن أنا أرجو أن يكون هنالك دعم أكبر لي لوضع لبنات سينما مختلفة، سينما ذات بصمة إبداعية عالية وصورة متناهية في الدقة والتكوين. * في محاضرة لك تحدثتي عن أهمية التعرض المبكر للصورة لدى الفنان.. ماذا تقصدين بذلك؟ * أنا ابنة فنان تشكيلي ومصور فوتوغرافي ومهندس ديكور، فقد ارتبطت بالفن منذ سن صغيرة، وتعلمت من والدي الكثير، فقد كان له الفضل في تقريبي مسافات واسعة من الفن، وشرح لي معناه، ومدارسه، وفهمت من خلاله الكثير، وحملته معي على الدوام في كل رحلة، وكل مهرجان، وكل عمل. * أنتِ من مواليد مسقط، بدأ إعجابها بالصورة في سن مبكرة من خلال والدها وهو رسام ومصور فوتوغرافي. تخرجت المسافر من جامعة الكويت ودرست تخصص "الاتصال الجماهيري"، كما درست السينما السويدية وثقافة التلفزيون في جامعة ستوكهولم في عام 2011. حدثينا عن تلك المرحلة؟ * الدراسة الأكاديمية مهمة لوضعك على طريق واضح، فأنا أميل ميلاً عظيماً للسينما، لكنني أقدر التلفزيون، واحترم قواعده وجمهوره، وأرى فيه نافذة أخرى للتعرف على جمهور من نوع آخر، ولي "11" عملاً تلفزيونياً حتى الآن. * كثير من أفلامك ما تركز على التحولات الاجتماعية وعلاقة الانسان بالطبيعة والبيئة والانسان بالإنسان، هل هي رسالة من المسافر الى العالم؟ * الإنسان، والمكان، والأرض. ثلاثية جميلة لابد أن ندرك أبعادها، ونجد مكاناً لها إن كنا نشعر بقوة هذه الثلاثية، وأنا فعلاً أحب الطبيعة. * لماذا تجنحين في بعض أفلامك إلى الرمزية؟ * أحب الرمزية كونها طريقة للتعبير عن أفكار مبطنة، أفكار عميقة، ولكن الأكثر من الرمزية هي الواقعية السحرية التي أفرضها أحياناً على الصورة والمضمون. * هل تعتبر المخرجة مزنة السينما تعبيراً عن ذاتها وأحلامها وطموحاتها؟ o السينما مساحة بيضاء لقول كلمات بحبر أسود أو أحمر أو أزرق، لكنه حبر بالغ في الدقة. * متى تستطيع السينما في الخليج منافسة السينما العالمية؟ * لكل زمان دولة ورجال، لكل أمة، ولكل حضارة، ولكل جيل مكان وعنوان، ليس لما للآخرين لنا وليس ما للآخرين لنا. لكن باعتقادي الشخصي أننا نملك ألف ليلة وليلة لذا لن تصعب علينا الحبكة أو القصص الصعبة ومنحها النور المطلوب. * ماه حدود أحلام مزنة السينمائية؟ * أجل أحلامي وأحلاها هو الموسيقى فأنا أقدر اللحن، وأرغب بشدة تعلم كل ما هو متعلق بالموسيقى واللحن. * كلمة منك للسينمائيين في الخليج وكلمة للسينمائيين السعوديين؟ * الخليج لابد أن يزدان بالألوان، والأفكار والمساحات الحرة للنطق والتعبير، ولابد أن يكون له كل الحظوة في كل انعكاس فكري، وإنساني يحدث، وأن يكون لنا كل الامتنان لهذا الخليج المتعاون. من أعمال مزنة