عندما ينظر الإنسان إلى السماء يرى عقودا من المجرات ونجوما تتلألأ في الفضاء بكثير من الأضواء، وقد كان من المعروف منذ القدم وحتى القرن السابع عشر أن كل النجوم التي نراها هي أجسام ثابتة على بعد أو أفق سمّوه (أفق الثوابت). ومع تقدم الأبحاث والكشوفات الفلكية ووجود المراصد الإلكترونية تبين أن للنجوم حركة مستمرة وأماكن تجري بها بشكل منتظم، وهي تحتفظ بعلاقاتها المحددة فيما بينها، يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم:- (فلا أقسم بمواقع النجوم)، (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم). وهنا يتضح لنا الأسلوب البلاغي في القرآن الكريم، فإدخال لا النافية على فعل القسم هو مبالغة في توكيد القسم، ودلالة على تعظيم القسم مما يدل على قدرة الله تعالى وعلمه الذي يفوق علوم البشر، إن مواقع النجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء، وهي محتفظة بالعلاقات والمسافات فيما بينها، ومع غيرها من الأجرام السماوية في المجرة الواحدة. كما أن هذه النجوم تحتفظ بسرعة معينة وبالأبعاد الفاصلة فيما بينها، وكذلك بقوة الجاذبية الرابطة بينها، والمسافات بين النجوم مذهلة وذلك لضخامة أبعادها، وحركات النجوم متعددة وهي متحركة غير ثابتة ولذلك فنحن لا نرى إلا مواقعها التي كانت عليها عند صدورها إلينا، ولذلك فقد أقسم الله بها ليثبت للناس أن القرآن وحي من الله عز وجل، وأن كل ذلك متعلق بقوة الجاذبية، وهي قوة لا ترى، تتحكم بالكتل الضخمة للنجوم والمسافات التي تفصل بينها، والحركات المتعددة التي تتحرك بها من دوران حول محورها وسير حثيث في مداراتها المتعددة، وغير ذلك من من العوامل التي لا نعلم منها إلا القليل، إن القسم القرآني لمواقع النجوم يشير إلى سبق القرآن الكريم إلى إحدى حقائق الكون التي تقول إنه نظرا للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عن الأرض فإن الإنسان على الأرض لا يرى النجوم إطلاقا، ولكنه يرى مواقع مرت بها تلك النجوم ثم مغادرتها، وعلى هذا فإن تلك المواقع نسبية تماما وليست مطلقة، وقد أثبتت الدراسات الفلكية أن بعض النجوم التي نراها قد تلاشت منذ زمن بعيد، وأن الضوء الذي ينبثق منها في عدد من المواقع التي مرت بها لا يزال يتلألأ في السماء في كل ليلة من الليالي حتى الآن، ونظرا لانحناء الضوء في هذا الكون الفسيح، فإن النجوم تبدو للناظر في مواقع ظاهرية غير مواقعها الحقيقية، ولهذا كانت الأهمية البالغة لهذا القسم القرآني المذهل بمواقع النجوم وليس بالنجوم ذاتها، وملخص ما ذكرته أعلاه بأن النجوم ليست ثابتة في مكانها كما كان معروفا عند الناس، وإنها أجسام متحركة بشكل منتظم ضمن أفلاك محددة وتنظمها علاقات منسقة، ويحكمها نظام دقيق كما ورد في سورة الواقعة والله تعالى أعلى وأعلم.