المعنويات تجاه السندات السعودية "قوية للغاية" وتشهد إصدارات السعودية من السندات إقبالاً قوياً من قبل المستثمرين العالميين، لتصبح المملكة بذلك أكبر دولة مصدرة للديون الدولية على مستوى الأسواق الناشئة، بحسب ما أفادت به وكالة بلومبرغ، مبيعات السندات من المؤسسات السعودية زادت بنسبة 8 % خلال عام 2024 حتى بداية شهر يونيو الحالي، وتجاوزت المملكة للمرة الأولى الصين في قيمة الإصدارت الدولية من السندات بالدولار واليورو والجنيه الإسترليني، الإصدارات شملت السندات الحكومية والمؤسسات العامة والشركات، الانضمام إلى مؤشر فوتسي راسل للأسواق الناشئة للسندات الحكومية في عام 2021 أتاح للصكوك وأدوات الدين السعودية بأن تكون جزءا من مؤشرات أسواق الصكوك وأدوات الدين التي يتبعها المستثمرون العالميون وهو ما حدث فعليا، فالسندات السعودية أصبحت تحظى بإقبال كبير من المستثمرين الأجانب بل إن الطلبات تفوق قيمة الطرح بعدة مرات، ويعد الدين العام إحدى أدوات تنشيط سوق الدين وتعميقه والذي من شأنه الإسهام في زيادة السيولة المحلية وتنويع أساليب التمويل ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، وزارة المالية السعودية أعلنت أنها ستتبنى إطارا موحدا لإدارة الأصول والخصوم السيادية مما يعطيها قدرة عالية على تقدير التعرض للمخاطر، وعمل التحوطات اللازمة لذلك واتخاذ قرارات أكثر دقة، لأن الشفافية العالية سوف تساعد المستثمرين على تحليل الاستثمارات، وكذلك وكالات التصنيف الائتماني لتحديد التصنيف الائتماني المناسب والمستحق، وهذا جعل التصنيف السيادي للمملكة عند A+ حسب وكالة فيتش للتصنيف الائتماني وهو مماثل للتصنيف الائتماني للصين إلا أن النظرة المستقبلية للسعودية مستقرة مقارنة مع نظرة مستقبلية سلبية للصين حسب "فيتش" المملكة أصدرت أدوات دين معظمها بفائدة ثابتة وبأسعار فائدة منخفضة، منحنى العائد على الديون السعودية يجعل تقييماتها التي تم إصدارها في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة مميزة، كما أن متوسط آجال الديون يصل إلى حوالي 9 سنوات وهو مؤشر جيد، بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس توقع أن تبلغ إصدارات الدين الخارجي بالسعودية إلى حوالي 16 مليار دولار سنويا في المتوسط خلال السنوات الثلاث المقبلة، ارتفاعا من 10 مليارات في المتوسط في السنوات الثلاث الماضية، ولا يتوقع "غولدمان ساكس" أن يشكل هذا الارتفاع المتوسط في حجم الإصدارات الخارجية خطرا ماليا على المملكة في المدى المتوسط؛ إذ إن السعودية تتمتع بنفاذ قوي في أسواق رأس المال العالمية ولديها مساحة كبيرة في ميزانيتها لتحمل المزيد من الدين، وبحسب تقديرات البنك، سيرتفع إجمالي الدين الحكومي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى أعلى قليلا من 32% بنهاية 2026 بالمقارنة بنسبة 26% العام الحالي، باحتساب افتراضات الاقتراض آنفة الذكر، وهي ثاني أقل نسبة بين دول مجموعة العشرين، المملكة ولله الحمد في الاتجاه الصحيح الذي حددته رؤية 2030 الاقتصادية ولازالت الفرصة قوية لزيادة نسبة الاقتراض لتمويل المشاريع التنموية ولا يوجد قلق من ارتفاع حجم الدين لأنه دين اختياري بعد أن أظهرت الأرقام أن العائد من الدين على الاقتصاد السعودي أعلى بكثير من خدمة الدين وبالتالي متوقع أن تستمر الحكومة في مواصلة العجز الاختياري في ميزانياتها القادمة طالما أن ذلك يحفز الاقتصاد ويحرك عجلة النمو ويخلق فرصا جيدة للقطاع الخاص ويساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وما يتبعها من توليد للوظائف ومعالجة ملف البطالة وتمكين القطاع الخاص من استيعاب الأعداد المتزايدة من طالبي العمل. المركز الوطني لإدارة الدين هو من يضع سياسة الدين للمملكة وتأمين احتياجاتها التمويلية ويحافظ على استدامة الوصول الى أسواق الدين العالمية وضمان الحصول على أسعار عادلة ومخاطر مدروسة، وكذلك متابعة التصنيف الائتماني للمملكة وتقديم الخدمات الاستشارية للأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة، وخلال السنوات الماضية أثبت المركز أنه يعمل وفق منظور اقتصادي أكثر اتساعا للسياسة العامة، والتأكد من قدرة اقتصاد المملكة على تحمل مستويات الدين ومعدلات نموه، ومدى قدرة الحكومة على تحمل خدمة الدين في ظل الأزمات الاقتصادية القوية ولذلك يعمل المركز على إدارة الدين وفق أسس علمية غاية في الدقة بالتنسيق مع الجهات المختصة برسم السياسة المالية والسياسة النقدية لكي تظل مديونية القطاع العام عند مستوى يمكن تحمله وفق استراتيجية تجنب الدولة مخاطر الديون المفرطة.