دأبت المملكة في كل عام على وضع الخطط الأمنية التي تكفل نجاح الحج وحماية حقوق الحجاج النظاميين من أجل حج آمن ونظامي، ومن ذلك خطة وزارة الداخلية الإعلامية لحملة "لا حج بلا تصريح" لتوعية المواطنين والمقيمين وزوار المملكة إلى أن أنظمة الحج لا تسمح بدخول العاصمة المقدسة إلاّ بتصريح، فالحاج مطالب بتصريح حج، والعاملون في العاصمة المقدسة من المقيمين مطالبون أيضاً بتصريح عمل لدخول المشاعر، فيما يمنع بقاء أصحاب التأشيرات عدا تأشيرة الحج، هذا التنظيم كان واضح الأهداف وهو الذي رسمته وزارة الداخلية ليكون عنوان الحج دائما "حج آمن". وكانت وزارة الداخلية أعلنت وبشكل رسمي ومنذ وقت مبكر أنه "لا حج بلا تصريح"، وكان ذلك عبر جميع منصات الوزارة، إضافةً إلى أنها قد أعدت الخطة الإعلامية بكل اللغات وعلى نطاق واسع، مستفيدة من المنصات الإعلامية الحكومية ومن حسابات إمارات المناطق والأجهزة الأمنية في مواقع التواصل، لأجل إيصال الرسالة الإعلامية التي تهدف إلى إحترام أنظمة الحج وعدم مخالفتها، لمنح الحجاج النظاميين فرصة أداء الفريضة بكل يسر وطمأنينة. هذه الحملة حققت الكثير من أهدافها إلاّ أن البعض قد خالف النظام، وهو ما دعا رجال الأمن إلى تطبيق النظام بحق كل من خالف التعليمات، وبلغ عدد من تم إعادتهم من غير المقيمين بمكةالمكرمة حسب آخر إحصائية أكثر من (250) ألف شخص، و160 حملة وهمية، إضافةً إلى إصدار قرارات إدارية بحق (119) قاموا بنقل (567) مخالفًا ليس لديهم تصريح بالحج. نجاح الخطط وكان العقيد طلال بن عبدالمحسن بن شلهوب -المتحدث الأمني لوزارة الداخلية- أكد على نجاح الخطط الأمنية في حج هذا العام، والتي تم العمل عليها من وقت مبكر، وفق توجيهات القيادة الرشيدة -أيدها الله- وبمتابعة وإشراف من سمو وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، لافتاً في مداخلة له مع قناة العربية، إلى أن نجاح الخطط الأمنية دليل على تكامل الجهود بين الجهات الأمنية والعسكرية والأجهزة الحكومية المعنية بالحج كافة في خدمة ضيوف الرحمن وسلامتهم ليؤدوا مناسكهم بسكينة وطمأنينة، مبيناً أنه بلغ عدد الوفيات قرابة (1079) ممن لا يحملون تصريح الحج، وهو ما يعادل نسبة 83 % من إجمالي الوفيات خلال موسم الحج والبالغ عددهم (1301)، سائلاً الله تعالى لهم الرحمة والمغفرة، وأن يجبر مصاب أسرهم، مؤكداً على العمل المسبق في تكثيف الحملات الإعلامية والتوعوية التي تحذر من الحج بلا تصريح، وتشدّد العقوبات على المخالفين للأنظمة، مشيرًا إلى أنه تم استغلال البعض لتأشيرات الزيارة بمختلف أنواعها والتأشيرات غير المخصصة للحج. تغرير ومخالفات وأوضح العقيد طلال بن شلهوب أن هناك شركات سياحية في عددٍ من الدول الشقيقة أسهمت في التغرير بحاملي تأشيرات الزيارة بأنواعها، وقامت بمنحهم تأشيرات غير مخصصة للحج، وشجعتهم على مخالفة الأنظمة والتحايل عليها، والبقاء في العاصمة المقدسة قبل موسم الحج بشهرين، مضيفاً أن تصريح الحج ليس مجرد بطاقة عبور للمنافذ أو نقاط الفرز، وإنما وسيلة وأداة مهمة تسهل الوصول للحجاج والتعرف على أماكنهم؛ لتقديم الرعاية والخدمات المطلوبة في الوقت المطلوب، مؤكدًا على أن عدم وجود التصريح كان تحديًا أمام الوصول لبعض المخالفين، وعائقًا لتقديم الخدمة لهم أو رعايتهم، مشيراً إلى أنه تم الإعلان وبشكل مستمر عبر حساب الأمن العام عن ضبط قوات أمن الحج داخل المملكة لمن يروجون لحملات الحج الوهمية، وإحالتهم للنيابة العامة لتطبيق الأنظمة بحقهم، مثمنًا ما أعلنته بعض الدول الشقيقة باتخاذها إجراءات صارمة تجاه تلك الشركات، وما عملت عليه من إجراءات تصحيحية للقضاء على محاولة تكرار تلك المخالفات. حملات وهمية وأكدت وزارة الداخلية مرارًا أن تأشيرة الزيارة بجميع أنواعها ومسمياتها لا تعد تصريحاً لحاملها لأداء فريضة الحج، مهيبةً بضيوف المملكة من حاملي تأشيرة الزيارة عدم التوجه إلى مكة أو البقاء فيها خلال الفترة المحددة المعلنة، مبينةً أن من يخالف ذلك سيكون عرضة لتطبيق الجزاءات بحقه وفق ما تقضي به الأنظمة والتعليمات في المملكة. البيان السعودي لقي ترحيباً من بعض الدول وهو ما حذرت منه وزارة الأوقاف الأردنية في بيان لها من الانسياق خلف حملات وهمية وإعلانات احتيالية تزعم تنظيمها رحلات بتأشيرات زيارة على أنها تصلح للحج، لافتةً إلى العقوبة التي تفرضها السعودية على المخالفين. وفي وقت لاحق بعد أن توفي عدد من الحجاج الأردنيين خارج إطار بعثة الحج الأردنية الرسمية، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية مهند مبيضين عبر وكالة الأنباء الرسمية: إنه بناء على التحريات فإن عدداً من المواطنين تعرضوا للتغرير من قبل ضعاف النفوس وبعض المكاتب، وأضاف البيان أن النيابة العامة أصدرت مذكرات توقيف بحق عدد من المشتبه بهم وتوقيف بعض منهم بالفعل، وما تزال هذه التحقيقات الموسعة جارية، وسينال كل من سولت له نفسه التكسب الحرام على حساب حياة المواطنين الأبرياء وسلامتهم، مستغلين العاطفة الدينية والرغبة لكل مسلم بأداء فريضة الحج، جزاءه الرادع وفقاً للقانون. وفي الوقت نفسه كشف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أنه سيتم إيقاع أشد العقوبات على الشركات التي تحايلت لتنظيم السفر للضحايا بصورة غير رسمية، لمنع تكرار هذه المخالفات مرةً أخرى، كما يفرض القانون المصري غرامة لا تقل عن مليون جنيه -21 ألف دولار- ولا تتجاوز ثلاثة ملايين جنيه -36 ألف دولار- على كل من نفذ رحلات أداء مناسك الحج بالمخالفة لأحكام قانون تنظيم الحج، مع مضاعفة الغرامة بحديها الأدنى والأقصى في تكرار الأمر. توظيف التقنية وقال الكاتب الأردني علي البلاونة -في مقالة له في جريدة الدستور-: "بدأت السعودية ثورة في توظيف التقنية، أتمتة جميع التعاملات الحكومية، منصة أبشر أصبحت تعفيك عن المراجعات وحتى التعاملات المالية، أصبح كل شيء عبر التقنية، وكل شيء يمضي بسهولة، لا واسطة لا محسوبية، ولك حق الاعتراض، هذا التغيير الكبير تم خلال عدة سنوات، قضى قضاء شبه كلي على الفساد والتهرب الضريبي، لا بل وسرّع العمل الإداري، وضمن حقوق العمالة، حتى الحج بتصريح، كان أمراً نظامياً، تُقدّم تأتيك الموافقة، تدفع، تحصل على الرخصة دون إبطاء وبكل أمان"، مضيفاً: "ولكن هناك فئات وشركات وهمية عديدة كانت مستفيدة في السابق، والحديث ليس عن المئات، بل يزيد اليوم على 300 ألف محاولة غير نظامية للحج، والحج مسؤولية كبيرة، ليس فقط من الناحية الأمنية، وإنما إقامة، سكن، مواصلات، غذاء ودواء وتفويج، وكلها محسوبة بدقة ومهارة عالية، فإدارة هذه الحشود لها قوة خاصة راكمت معارف وخبرات طويلة، يمكنها إدارة حشد منظم بكل يسر وسهولة، مبيناً أن الخارجين عن القوانين والأنظمة، بعضهم هدفه الحج، ومعظمهم هدفه أغراض أخرى، ولا يمكن ترك الأمور على عواهنها، ولا التعاطف معها تحت أي مبرر كان". خط أحمر وذكر الكاتب الأردني البلاونة أن "المملكة متسامحة بنظام مع الآخرين، زائرين وراغبين بالحج والعمرة، وكثيراً ما نقلنا رغبة مسؤولين كبار في دول أوروبية وآسيوية، وكثيراً ما كانت الإجابة عاجلة وصادقة، خاصةً في الموضوعات الإنسانية، وعلى سبيل التذكر، في 2004 راجعت حاجة وزيرة الإعلام أسمى خضر آنذاك للتوسط لديها لأجل تزكيتها للحج، وكان جواب الوزيرة أن هذا الأمر يتعلق بوزارة الأوقاف، فرفضت الحاجة الخروج من الوزارة حتى تلبية طلبها، وبحكم علاقة ووشائج مع سفارة خادم الحرمين الشريفين في عمان حينها، أرسلت فاكساً للسفير عبدالرحمن بن ناصر العوهلي، ولم يمضِ على الأمر ساعات حتى جاء الأمر بالموافقة، والذهاب الى القنصلية لإتمام الإجراءات، هذه السعودية التي نعرفها وشهادتنا فيها مجروحة"، مشيراً إلى أنه "كان شعار وزارة الداخلية السعودية، والأجهزة الأمنية "لا حج بلا تصريح"، "أمن الحج خط أحمر"، ونحن نقول أمن المملكة العربية السعودية بالنسبة لنا خط أحمر، ونعني ما نعنيه، ليست المسألة مزايدة إعلامية، وإنما لأننا نرى بأن الأمن الوطني الأردني جزء لا يتجزأ من الأمن الوطني للمملكة العربية السعودية، لم يغلق أمامنا باب جئناه وطرقناه بحسب الأصول، كنا في ضيافة أعرق البيوت السعودية من الشمال إلى الجنوب، حضرنا اجتماعات خاصة مقصورة عليهم، لأننا منهم وهم منا ولا تفرقة بيننا". أنظمة الحج لا تسمح بدخول العاصمة المقدسة إلاّ بتصريح وجود أمني كفل نجاح الحج وحماية حقوق الحجاج النظاميين عمل كبير من أجل أن يؤدي الحجاج مناسكهم بسكينة وطمأنينة رجال الأمن كانوا على قدر المسؤولية بمساعدة الحجاج