رغم تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي خلال عام 2023، إلا أن المملكة حققت مراكز متقدمة في مؤشرات التنافسية العالمية والبقاء على بعضها. وهذا يؤكد على مرونة الاقتصاد السعودي وكفاءة الأداء الحكومي والتجاري ومتانة البنية التحتية في ظل الظروف الجيوسياسية والاقتصادية العالمية. ولهذا لا يمكن اختزال القدرة التنافسية للاقتصاد في أداء اجمالي لناتج المحلي والإنتاجية فحسب؛ بل بناءً على الدور الحاسم الذي تلعبه الحكومات في تحديد مكانتها التنافسية على المستوى العالمي، من خلال توفير بيئة تتسم بكفاءة البنية الأساسية والمؤسسات والسياسات التي تمارسها لخلق وتوفير بيئة اقتصادية جاذبة، وذات قيمة اقتصادية مضافة ومستدامة من الاستثمار في مشاريعها والذي ينعكس إيجاباً على الوطن والمواطن. وتقوم حكومتنا الرشيدة بتنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية، منذ اطلاق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برامج ومبادرات رؤية 2030 في عام 2016، وصولاً الى أهدافها الاستراتيجية على المدى المتوسط والطويل، فقد حققت المملكة الكثير من الانجازات والسريعة من تنويع الاقتصاد وزيادة الإيرادات غير النفطية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، بالتكامل والتنسيق بين القطاع العام والخاص والشركات الأجنبية، كما رفعت الحكومة من جودة خدماتها المقدمة للقطاع الخاص ورقمنتها، وإنشاء العديد من البرامج، والمبادرات، وصناديق التمويل، وحاضنات ومسرعات الأعمال. وحفزت الشراكات والتحالفات المحلية والأجنبية على الإبداع والابتكار، ووضعت أنظمة وتشريعات وإجراءات حكومية مرنة وملاءمة ،وبنية تحتية ذات كفاءة عالية، وبيئة أعمال جاذبة وأكثر ديناميكية وحيوية. ونتيجة لهذه السياسات والإصلاحات الاقتصادية، واصلت القطاعات غير النفطية نموها الى 4.4% في 2023، متفوقةً على نمو القطاع النفطي، مما عزز تنافسية المملكة عالمياَ في التقرير السنوي للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) لعام 2024، وهو مؤشر مهم ويشمل 67 دولة ويقيس "قدره الدولة على خلق بيئة مستدامة تحافظ على خلق قيمة أكبر لمشروعاتها وازدهار أكبر لشعبها". وبمقارنة عام 2023 بعام 2024 كما جاء في التقرير: تقدمت المملكة من المرتبة (17) إلى المرتبة (16) في مؤشر التنافسية العالمي، لتحتل المرتبة 4 بين دول مجموعة العشرين. كما تقدمت في المحاور الأربعة الرئيسة: محور كفاءة الأعمال من المرتبة (13) إلى المرتبة (12)؛ بينما حافظت على الأداء الاقتصادي عند المرتبة (20)؛ وكفاءة الحكومة عند المرتبة (20)، والبنية التحتية عند المرتبة (34) دون تغيير. بالإضافة الى تحقيقها للمراتب الثلاث الأولى في 24 مؤشرًا فرعياً، مثل الأمن السيبراني والتحول الرقمي للشركات، وقدرة الاقتصاد على الصمود. ومن المتوقع ان تحقق المملكة تقدماً ملحوظاً في محاور التنافسية الأربعة الرئيسة في تقرير التنافسية في عام 2025، مع تحسن الأداء الاقتصادي واكتمال تنفيذ المزيد من مبادرات رؤية 2030، في بيئة تنظيمية وتشريعية خصبة تسهل من ممارسة الأعمال نوعياً وكمياً، وقادرة على جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر.