قام المدرب في إحدى الدورات التدريبية، بتوزيع بالونات على كل متدرب، ثم طلب أن يأخذ كل متدرب بالونة وينفخها، ومن ثم يربطها في رجله، وفعلاً قام كل متدرب بنفخ البالونة وربطها في رجله. جمع هذا المدرب جميع المتدربين في الدورة في ساحة مستديرة ومحدودة، وقال: لدي مجموعة من الجوائز وسأبدأ من الآن بحساب دقيقة واحدة فقط، وبعد دقيقة سيأخذ كل متدرب مازال محتفظاً ببالونته جائزة! بدأ الوقت وهجم الجميع بعضهم على بعض، كل منهم يريد تفجير بالونة الآخر، حتى انتهى الوقت! وقف المدرب بينهم مستغرباً، وقال: لم أطلب من أحد تفجير بالونة الآخر؟ ولو أن كل شخص وقف من دون اتخاذ قرار سلبي ضد الآخر، لنال الجميع الجوائز، ولكن التفكير السلبي يطغى على الجميع، كل منا يفكر في النجاح على حساب الآخرين. مع أن النجاح متاح للجميع، ولكن للأسف البعض يتجه نحو تدمير الآخر وهدمه لكي يحقق النجاح. هذه - وللأسف حقيقة موجودة عند البعض في حياتنا اليومية. إن نجاحك لا يستوجب عليك أن تسعى لفشل غيرك. كلما أحسنت نيتك، أحسن الله حالك! وكلما أزلت الحسد من قلبك وتمنيت الخير لغيرك يوفقك الله للخير والنجاح. هذه القصة المتداولة تقودنا إلى التأكيد على ضرورة التفكير الإيجابي، وبأن النجاح يتسع للجميع، فنجاحك هو نجاح للآخرين الذين يعملون معك، وقد جاءت النصوص الشرعية بالحث على مد يد المساعدة للآخرين وحب الخير والنجاح لهم كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيِه مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) وقد علق بن رجب على هذا الحديث بقوله (هذا الحديث مِن الأحاديث العظيمة التي عليها مدار الدِّين، ولو عمل الناسُ به لقُضى على كثير من الخصومات بين الناس، ولعمَّ المجتمعَ الأمنُ والخير والسلام، وهذا يحصُل عند كمال سلامة الصدر مِن الغل والغش والحسد، فإنَّ الحسد يَقتضي أن يَكره الحاسدُ أن يَفوقه أحدٌ في خير أو يُساويه فيه؛ لأنه يحب أن يمتاز على الناس بفضائله ويَتفرَّد بها عنهم، والإيمانُ يَقتضي خلافَ ذلك، وهو أنْ يَشْركه المؤمنون كلُّهم فيما أعطاه الله من الخير، مِن غير أن ينقص عليه من ذلك شيء) ويقول الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي - رحمه الله -: «إن أي نجاح لا يتحقق إلا بفشل الآخرين هو في حقيقته هزيمة ترتدي ثياب النصر وكنت ولا أزال أرى العالم يتسع لكل الناجحين بالغاً ما بلغ عددهم"، وأخيرا لا تبنِ نجاحك على فشل الآخرين، ولا تنسَ قول نبينا عليه الصلاة والسلام: (خير الناس أنفعهم للناس).