عاش حياته فقيراً معدماً. كلما طرق باب رزق وجده مغلقا. لم يجد حوله من يمد له يد العون. رحل في طلب الرزق ولم يوفق. وبينما هو في طريق العودة إلى بلده خرجت له امرأة مسنة لايدري كيف ظهرت ولا من أين أتت. بادرها بالسلام فردت بتحية حارة وطلبت منه المكوث. حاول الاعتذار ولكنها أصرت، وقالت ماذا لديك لتفقده، هلا مكثت عندي سويعات؟ لم يجد بدا من مجاملتها فقرر المكوث. قدمت له شرابا باردا وطعاما زكيا. ثم أحضرت له عربة هي للخردة أقرب منها للعربة. وكان فيها بالونا كبيرا ثم قالت له: إن أردت العربة أن تسير فلا بد أن تنفخ هواءً في البالون. ولا بد أن تدرك أن الله كتب لك الرزق مع هذا البالون فحافظ على بالون رزقك. ركب العربة وبدأ بنفخ البالون فتحركت العربة. لم يجد صعوبة في نفخ البالون في البداية ولكن وبعد مسافة بدأ الإجهاد يظهر عليه، ولحسن حظه فقد كان قريبا من قرية يعرف أهلها ويعرفونه. طلب منهم المساعدة في نفخ البالون، ولكن لم يأبه الناس لحاله ماعدا نفر قليل نفخ شيئا من هواء في البالون مما ساعده على قطع مسافة من الطريق. حاول جاهدا رغم الإرهاق مواصلة النفخ ولكنه أخفق فاستقرت العربة مكانها. حاول دفع العربة ولم يستطع لأن عجلاتها غاصت في الرمل. بدأ بدفع الرمل بعيدا عن العجلات ولكن العجلات تغوص أكثر فأكثر. وبينما هو يحاول تحرير العجلات من الرمل وقعت يده على جسم لم يتوقعه في الرمل. فلما فحصه وجده ذهبا خالصا. سبائك كثيرة من الذهب جمعها من تحت العجلات وهو لايصدق. حمل الذهب على العربة وجلس على الكرسي في حالة فرح وانتظار. وبعد قليل مر نفرٌ قريبا منه فاستأجر أحدهم لينفخ له بالونه فامتثل. وما هي إلا سويعات حتى بلغ مقصده. وعندما وصل القرية اشترى أفخم بيوتها. ولأن البالون كان يمثل مصدر رزقه فقد قرر الحفاظ عليه، ووضعه في مقدمة الدار. حرص على نفخ البالون بالهواء كلما سنحت له فرصة. تقرب منه الناس بعد أن كانوا له نابذين. وصار كلٌ يدعي أنه الأكثر إخلاصا ووفاء، وكان يغدق عليهم العطايا. ولأنهم يدركون مدى حرصه على بالونه فقد كان حديثهم عن أهمية البالونات وفوائدها. وكانوا يصرون على مشاركة صاحبهم في نفخ البالون ويجتهدون في ذلك أشد الاجتهاد. شق على صاحب البالون التمييز بين الصادق والمنافق. خدعه المظهر فافترض الصدق وصدّق من حوله. حيّره أن يرى شخصا من القرية المجاورة سبق أن ساعد في نفخ البالون عندما مر بقريتهم، غير أنه يمتنع عن المشاركة في النفخ الآن. سأله: مالك لاتشارك في نفخ بالوننا؟! فقال: شاركت بالنفخ عندما كنت بحاجتي، أما الآن فليس لنفخي نفعا وعندك من يشرِّفه النفخ. سخر منه الجمع وقالوا: هذا لايود لك الخير وإلا لشاركنا النفخ. كان من بين أهل القرية من حسد صاحب البالون على رزقه وافترض للبالون علاقة بذلك، فقرر ثقب البالون بخنجره. ما أن اقترب ذلك الحاسد من البالون حتى هجم عليه جمع كبير من النافخين وأوسعوه ضربا. ثم تدافعوا إلى البالون كل ينفخ فيه مااستطاع كدليل ولاء، وصاحب البالون مزهو بحب الناس له ولبالونه. زاد حجم البالون مع النفخ والأفواه تتزاحم عليه ثم فجأة، صدر دوي هائل. ياإلهي لقد انفجر البالون وتمزق إربا من كثر ما نفخ فيه الناس. من هول المفاجأة مرت بصاحب البالون حالة من استعادة الماضي وقال: قد كنا نحمي بالوننا من خنجر الحساد، وهاقد فجرته أنفاس النُفَّاخ، ثم أطرق....