من منا لم يفكر يوما في ان يتنافس من اجل الى الوصول الى هدف؟ هل تعتقدون ان هناك من البشر من لم يمر ولو بتجربة واحدة تصنف تحت مسمى التنافس؟ في الحقيقة لقد وجدت نفسي افكر في التنافس وعلاقته وارتباطه بالثقافة، فنحن كل يوم نرى امثلة ونماذج للتنافس تتباين في موضوعاتها واساليبها، وحتى في نتائجها، فهناك منا من يتنافس من اجل الحصول على وضع مادي معين، وآخر ينافس من اجل مكانة اجتماعية، وآخر يبحث عن الجاه، وآخر يبحث عن؟؟... ومهما كان سبب التنافس، فأنا ارى ان التنافس يرتبط بالطموح والاحلام والتطلع الى المستقبل، وهذا يختلف في مضمونه واسلوبه من شخص الى آخر ومن ثقافة الى اخرى، ومن وقت الى آخر، وخاصة ونحن في هذه الايام التي تندر فيها الفرصة وتقل فيها مجالات العمل وتتغير فيها اهداف وطموحات البشر، وخاصة الاتجاه الى غلبة المادية على جميع مظاهر الحياة، وتفشى مفاهيم وثقافة الأناملية والأنانية والفردية والمصلحة وحب الاخذ بدون عطاء، كل هذا بسبب الثقافات الدخيلة التي تحاول النيل من الثقافة العربية الاصيلة، وفي الحقيقة ابهرتني قصة جميلة عن "رئيس وزراء ماليزيا الاسبق مهاتير محمد، فيحكي انه في عام 1974كان "مهاتير محمد" ضيف شرف حفل الانشطة الختامية لمدارس "كوبانج باسو" في ماليزيا، وذلك قبل ان يصبح وزيرا للتعليم في السنة التالية ثم رئيسا للوزراء عام 1981، قام مهاتير في ذلك الحفل بطرح فكرة عمل مسابقة للمدرسين وليس للطلاب، وهي توزيع بالونات على كل مدرس، ثم طلب بأن يأخذ كل مدرس بالونة وينفخها ومن ثم يربطها في رجله، فعلا قام كل مدرس بنفخ وربط البالونة في رجله، جمع مهاتير جميع المدرسين في ساحة مستديرة ومحدودة وقال لدي مجموعة من الجوائز، وسأبدأ من الآن بحساب دقيقة واحدة فقط، وبعد دقيقة سيأخذ كل مدرس ما زال محتفظا ببالونته جائزة! بدأ الوقت، وهجم الجميع على بعضهم البعض كل منهم يريد تفجير بالونة الآخر، انتهي الوقت، فقط شخص واحد ما زال محتفظا ببالونته، وقف مهاتير بينهم مستغرباً وقال: لم أطلب من احد تفجير بالونة الآخر؟ ولو أن كل شخص وقف بدون اتخاذ قرار سلبي ضد الآخر لنال الجميع الجوائز، ولكن التفكير السلبي يطغى على الجميع، كل منا يفكر بالنجاح على حساب الآخرين، مع أن النجاح متاح للجميع، لكن للأسف البعض يتجه نحو تدمير الآخر وهدمه، لكي يحقق النجاح.. فعلا قصة جديرة بالاهتمام والتعمق فيها ودراستها دراسة متأنية، ليس ذلك فقط، بل يجب أن تصبح نهجا نسير عليه ونتعلم منه، ويجب ان نسأل انفسنا لماذا نتنافس بمفهوم خاطئ ومنحى سلبي يبنى على هدم الآخر وتحطيمه؟ لماذا عندما ندخل في تنافس مع آخر ننشغل في التفكير في كيفية ايقاعة والقضاء عليه؟ وكان الافضل من الافضل ان ننشغل بالتفكير في كيفية الوصول إلى الهدف عن طريق استثمار طاقتنا وقدراتنا واعتمادنا وتوكلنا على الله سعيا لأمل الخير، لماذا تناسينا القيم الجميلة والنبيلة في ثقافتنا وديننا الحنيف؟ ولماذا لا نسأل انفسنا: هل يمكن أن يشعر الانسان بفرحة النجاح اذا تحقق ذلك على ركام غيره؟؟! لا، لا يجب أن نسير في هذا الاتجاه، يجب أن ننتبه ويجب أن نعلم أبناءنا كيف يتعاونون مع غيرهم ويتنافسون تنافسا ايجابيا شريفا قائما على المبادئ الاخلاقية وسماحة ديننا الكريم، ونحن في هذه الايام في اشد الحاجة إلى التمسك بقيمنا واعرافنا وثقافتنا العربية الاصيلة، وفي ظل هذه الثقافة يجب أن نشجع التنافس الايجابي الذي يعتمد على المبادئ الاخلاقية، ليكون منهجا وطريقا مستنيرا لأبنائنا وشبابنا، امل الامة ومستقبلها. إن التنافس الايجابي هو أقصر الطرق إلى الهدف واكثرها نجاحا، يجب أن نعلم اولادنا الثقة بالنفس والمثابرة والكفاح والعمل من اجل النجاح، يجب أن نبني من اجل المستقبل على اسس صلبة قوية ركائزها الاخلاق والقيم الحميدة والنبيلة وقوة الارادة والتوكل على الله مع الاجتهاد والعمل.