لا يختلف اثنان على شاعرية أبي الطيب المتنبي الذي لقب بشاعر العرب، ولا سيما في مجال الحكمة وفلسفة الحياة. ولعل من أهم ما يميز شعر المتنبي هو امتداحه نفسه ومدح الأمراء مثل سيف الدولة الحمداني وكافور الإخشيدي. كان المتنبي ذا طموح كبير مع قدرة على الوصف الدقيق للمعارك بصياغة شعرية مبدعة. وقد ترك المتنبي تراثاً شعرياً غزيراً يتمثل في 326 قصيدة صور فيها بعض جوانب الحياة في القرن الرابع الهجري بشكل بلاغي جميل. ومن أبياته الجميلة في الحكمة وفلسفة الحياة ما يلي من أبيات شعرية: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم أو : إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام أو : ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن أو : أعز مكان في الدنى ظهر سابح وخير جليس في الزمان كتاب ولو أدرك المتنبي عصرنا هذا لقال: وخير جليس في الزمان جوال أو : وما الحسن في وجه الفتى شرفا له إذا لم يكن في فعله والخلائق أو: آلة العيش صحة وشباب فإذا وليا عن المرء ولى وإذا الشيخ قال أف فما مل حياة وإنما الضعف ملا أو: يهون علينا أن تصاب جسومنا وتسلم أعراض لنا وعقول أو: إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم وشعر الحكمة وفلسفة الحياة كثيرة ومتناثرة في ديوان أبي الطيب المتنبي، ويصعب تلخيصها في مقال أو حتى في كتاب... كلمة أخيرة لابد منها، وهي أن فلسفة المتنبي تنبع من شخصيته المغامرة مع الاعتداد الشديد بنفسه، حتى عندما يمدح أميره:(سيف الدولة الحمداني)، فإنه يعلي من شأن نفسه عند الخصوم فيقول: سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا بأنني خير من تسعى به قدم أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم ولعل اعتداده بنفسه أدى إلى قيام فاتك بن أبي جهل الأسدي بقتله عام 345 هجرية، غرب مدينة بغداد، ويعود سبب قتله إلى هجاء المتنبي لضبة الأسدي ابن أخت فاتك....