قبل نحو ألف ومئة عام قال المتنبي يمدح: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم رمق الهلال بعينه، فأكمل: وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم لو كانت كرة القدم موجودة ذلك القرن لرمى أبوالطيب السياسة خلف ظهره وتوجه إلى ملاعب كرة القدم يستمتع بمبارياتها وينهل من إبداعها، وبدلا من أن يذهب إلى مصر يبحث عن إمارة لدى كافور الإخشيدي لجأ إلى الرياض يستمتع بفن الهلال، وسيطلب أن يكون شاعره الفصيح، وحينئذ سيختلط الفنان العظيمان، فن كرة القدم الذي يقدمه الهلال، وفن الأدب الذي يقدمه أبو الطيب. ماذا لو أتيحت له رئاسة الهلال، أتراه يشبع نهمه، فيتوقف عن البحث عن أرض يتولى إمارتها ويخاطر بحياته من أجلها، ولو خير بينهما أيهما سيختار؟! أوقف أبوالطيب فرسه على بوابة النادي ودخل متوشحا سيفه، ومتأبطا ديوانه، في الصالة رمى الورق وأخذ يتأمل الكؤوس، تناول قلما وكتب على الجدار: إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم قال: هذا النادي الذي يستحق أن يشجع. وجد سامي الجابر فسلم عليه وهنأه على حصوله على لاعب القرن: لا يدرك المجد إلا سيدٌ فطنٌ لما يشق على السادات فعّال حضر المتنبي بحكمته وحاكميته حفل تنصيب الهلال على رأس قائمة أكبر قارات العالم، وقف بعمامته وعباءته متحدثا أمام جمهور هلالي غفير متغنيا بإنجازات الهلال: مضت الدهور وما أتين بمثله ولقد أتى فعجزن عن نظرائه قال كلمته: كما تفخر آسيا بمعجزاتها كسور الصين العظيم، وبتاريخها، وبشركاتها التي نهضت بالتقنية عالميا، وببشرها، وباقتصادها، تفخر بزعيمها الهلال. فدتك نفوس الحاضرين فإنها معذبة في حضرة ومغيب! اقشعر جلد أبوالطيب عندما سمع عن من أهلك نفسه يبحث عن معلومة تكذب إنجاز الهلال، تبسم ساخرا من فعلهم: ومن البلية عذل من لا يرعوي عن جهله وخطاب من لا يفهم! ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا فوق كرسي رئيس النادي وقف أبوالطيب، سلّ لسانه من فمه، قال لرئيسه الأمير عبدالرحمن بن مساعد: أيها الأمير الشاعر، قرأت لك البيت التالي: أنا شاعر رغم أنف الحسد والحقد والأحباب وأنا يا حاسدي المسكين بعيد العيب عن ذاتي دعنا نقضي ساعة في شعر ما تسمونه شعر القلطة، قلت أنا أمدح نفسي: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم رد عليه الأمير: كفاني رئاسة الهلال فخرا، الآن انشغلت بإدارة النادي عن شعري فجمدته إلى حين، عذرا، فالهلال أهم من القلطة، اقلط تقهو، احتسى أبوالطيب فنجانا ثم غادر النادي وهو ينشد: يا من يعز علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدم