أشعر بمجرد كتابة العنوان بأنني أسير على قشر بيض، لكن، فتحت الباب وسأبدأ بالحديث، وهو في النهاية حديث متداول، ليس علنا، وإنما في مجالس المبدعين. هناك دائما تلك العلاقة المتوترة بين المبدع والناقد، وهناك الكثير الكثير من الاقتباسات التي قالها المبدعون ردا على آراء نقدية بخصوص إبداعاتهم، وهو أمر بديهي، ما ليس بديهيا أن يتوقف النقاد عن النقد، قلت مرة في أحد اللقاءات الثقافية أن لو ناقدا كتب عني شيئا لا يعجبني فلن ألتفت له، لكن هذا يجب ألا يمنع النقاد عن أداء دورهم، وإذا كان النقاد يتحرجون عن قول رأيهم فيما لا يعجبهم، لماذا لا يكتبون لنا عما يعجبهم. لو لاحظتم أنا أسلك الآن مسلكهم في عدم ذكر الأسماء، تعودنا من النقاد أنهم يكتبون عن المشهد بعمومه، والكثير منهم لا يعجبهم النتاج الأدبي عندنا، يكتبون عن النظريات الأدبية، ولا نعرف أي نظرية منها يؤمنون بها لأننا لا نجد تطبيقا لها على الأعمال الإبداعية. كل ما أكتب هو مجرد تساؤلات وسأكون في غاية السعادة لو عارضني ناقد وقال لي إنني مخطئة وأتاني بقائمة بالكتابات النقدية التي كتبت عن أعمال إبداعية بعينها، وأعود لأكرر أنني لا أعمم، لدينا عبدالله السفر ومحمد الحرز ولعل هناك أسماء أخرى غابت عن ذهني الآن، لكن، في ظل حركة إبداعية لا تتوقف، نحن بحاجة إلى كتابات نقدية تسلط الضوء على الأعمال الأدبية بشكل علمي مدروس. نحتاج إلى الكثير من عبدالله السفر ومحمد الحرز، بنفس البهاء في التركيز على الجمال، لأنك حين تلقي الضوء على الأشياء الجميلة، فأنت تضع المعايير وتلفت الإنتباه إليها، تنمي الذائقة وتبلورها. لا أتحدث عن الإنصاف والبعد عن الشخصنة فهذه أبجديات لن أخوض فيها، فقط أريد أن أذكر هذه الحادثة التي وقعت لي، كي يعرف النقاد لماذا توجد لدى المبدع هذه الحساسية، فقد تلقيت مرة نصيحة مخلصة من شخص يظن أنه ناقد بأن أركز على كتابة المقال وأبتعد عن كتابة الرواية، وحين سألته عن أي رواية يتحدث، اتضح أنه لم يقرأ لي ولا رواية. ما يتداول لدى المبدعين أن نقادنا لا يقرؤون الأعمال الإبداعية، يعتمدون على ما يسمعونه من آراء من حولهم حول أهمية كاتب أو جودته، ويبنون على ذلك تصورهم، فأصبحوا لا يقودون الحركة الإبداعية أو يواكبونها، ينظرون لها، دون تطبيق. ويكتبون فقط عن الأعمال المشهورة والتي تحدث عنها الجميع. أرجو أن يكون كلام المبدعين خاطئا، وأرجو أن يكتب لي الجميع قائمة بمقالات تتحدث عن أعمال إبداعية وتلفت النظر لأهميتها. ومرة أخيرة، النقد لا يعني الهدم، لفت الانتباه إلى مواضع الجمال يكفي.