أغلقت السوق السعودية الرئيسة "تاسي" يوم الخميس الماضي عند النقطة 11503 وسجل أدنى مستوى له في عام 2024 متراجعا بنسبة 10.4 % من القمة التي سجلها في 21 مايو 2024 فهل هذه التراجعات الحادة مبررة؟ من خلال تحليل البيانات يتضح أن السوق المالية لا تعاني من مشكلة في السيولة فقد أظهرت الأرقام أن متوسط القيمة المتداولة اليومية ارتفع خلال الفترة من يناير إلى نهاية مايو 2024 إلى 8.3 مليارات ريال مقارنة مع 4.8 مليارات ريال لنفس الفترة من العام الماضي 2023 وبنسبة نمو قدرها 72 % أيضا المعروض النقود سجل نموا بنسبة 4.94 % منذ بداية العام وسجل رقما تاريخيا في 18 أبريل 2.8 تريليون ريال، أرباح الشركات خلال الربع الأول إذا استثنينا شركة أرامكو السعودية نجد أنها قد حققت نموا بنسبة 8 %، أما على مستوى الاقتصاد السعودي فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من الأنشطة غير النفطية بنسبة 2.8 % وهو ما يعني أن الاقتصاد ينمو بشكل جيد رغم تراجع الإيرادات النفطية، التضخم تراجع إلى مستويات 1.6 % في شهر أبريل الماضي وهو أقل متوسط التضخم الذي تستهدفه الدول الكبرى وهذا يعني أن الشركات لن تواجه ضغوطا تضخمية تؤثر على مستويات السيولة لديها ما يمكنها من مواصلة النمو، أيضا البطالة بين السعوديين تراجعت إلى 7.7 %، وارتفع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 7 %، إيرادات الدولة غير النفطية ارتفعت خلال الربع الأول بنسبة 9 % والإنفاق الرأسمالي ارتفع بنسبة 33 %، صافي مشتريات الأجانب خلال ثلاثة أسابيع من شهر مايو وصلت إلى ما يقارب المليار ريالا، بعد تحليل الأرقام التي لها تأثير على السوق المالية نأتي إلى تحليل القطاعات التي قادت تراجع السوق ونختصر التحليل في أهم القطاعات التي لها وزنا كبيرا في المؤشر وهي الطاقة والمواد الأساسية والبنوك والاتصالات، قطاع الطاقة تراجع بنسبة 12 % ونسبة التراجع مقاربة لنسبة التراجع في صافي الأرباح ولذلك نعتقد أن التراجع مبرر، قطاع المواد الأساسية تراجع بحدود 8 % على الرغم من نمو أرباح القطاع بنسبة 19 % مدعوما بنمو أرباح شركات الأسمنت ومواد البناء ولكن تأثير شركة سابك على القطاع كبير والتي شهدت تراجعا في الأرباح بنسبة 63 % ولذلك نعتقد أن تراجع مؤشر قطاع المواد الأساسية أيضا مبرر، نأتي إلى قطاع البنوك الذي تراجع بنسبة 10 % على الرغم من نمو الأرباح المجمعة للبنوك بنسبة 8 % وهنالك حالة من التفاؤل بمستقبل البنوك بعد أن أظهرت نتائج شهر أبريل نموا في الأرباح المجمعة بنسبة 16 % مقارنة مع نفس الشهر المماثل من العام الماضي ولا يزال الطلب قوي على التمويل رغم ارتفاع التكاليف وهنا لا نجد أي مبرر لتراجع مؤشر قطاع البنوك القوي والذي يعتبر أكبر وزنا في تاسي ولذلك أي تراجع للقطاع فهو يؤثر سلبا على المؤشر العام، قطاع الاتصالات تراجع بنسبة 8 % مع أن هنالك نموا جيدا في الأرباح ولو استثنينا الأرباح الرأسمالية لدى شركة زين فإن القطاع حقق نموا فعليا قرابة 9 % وتراجع مؤشر قطاع الاتصالات أيضا غير مبرر، بعض المحللين يعزون تراجع السوق إلى كثرة الاكتتابات ولكن عدد الشركات التي طرحت منذ بداية العام 7 شركات، إجمالي قيمة الأسهم المطروحة 3.7 مليارات ريال وهي غير مؤثرة على سيولة السوق نهائيا. في ضوء التحليل السابق نعتد أن السبب الرئيس في تراجع السوق السعودية ما هو إلا حركة تصحيحية صحية بعد الارتفاعات القوية التي شهدها السوق وكان متوقعا أن يؤسس منطقة دعم عند مستويات 11,700 نقطة إلا أن أخبار الإدراج الثانوي لشركة أرامكو والتي تم تداولها عبر وسائل الإعلام خلال الأسبوعين الماضيين أخذت المؤشر إلى إغلاق سلبي يوم الخميس الماضي، أما وقد أعلن رسميا عن الطرح الثانوي لشركة أرامكو بدءا من اليوم الأحد بقيمة تقارب 44 مليار ريال فهل يؤثر هذا الطرح على سيولة السوق ونشهد مزيدا من التراجعات في الفترة القادمة؟ نعتقد أن السوق استوعب هذا الخبر وربما يكون هنالك تراجع محدود بداية افتتاح السوق يعقبه عودة إلى الارتفاع وتكوين موجة صاعدة طويلة تستهدف مستويات 13 ألف نقطة، أما تأثير الطرح الثانوي لشركة أرامكو فهو محدود جدا لأن النسبة المخصصة للأفراد لا تزيد على 4 مليارات ريال وبقية الطرح مخصص للشركات والصناديق، وأعتقد أن هنالك رغبة لدى الشركات والصناديق الأجنبية للحصول على حصة كبيرة من الطرح، حيث تشير بعض التقارير غير الرسمية أن هنالك طلبات مبدئية تفوق مبلغ الطرح وهذا بالتأكيد سوف يخفف من الضغط على سيولة السوق كما أن سهم أرامكو قد يشهد ارتفاعا جيدا خلال الأسبوع القادم.