أنهت الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية الأسبوع الماضي إعلانات نتائجها المالية للربع الأول من العام الحالي 2024 وحققت صافي أرباح بنحو 136 مليار ريال متراجعة عن الفترة المماثلة بنحو 8 %، ولكن إذا استثنينا شركة أرامكو السعودية نجد أن الشركات نمت أرباحها بنحو 8 % وإذا ما ربطنا هذه النتائج مع الناتج المحلي الإجمالي نجد أن الناتج المحلي من الأنشطة غير النفطية في نمو مستمر وهذا يعني استمرار نمو أرباح الشركات السعودية وبدء تحقيق رؤية المملكة 2030 لأهدافها بتحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد يعتمد على النفط كمصدر رئيس للدخل إلى اقتصاد متنوع يعتمد على القطاع الخاص كمحرك وداعم للنمو وشريك في تنفيذ البرامج والخطط وموفر رئيس لفرص العمل، بينما يتراجع دور القطاع العام للتخطيط والدعم والمساندة وتطوير الصناعة السعودية والخدمات اللوجستية ورفع قيمة الصادرات غير النفطية والاعتماد على المحتوى المحلي، ورغم تباين نتائج الشركات في الربع الأول إلا أن الشركات التي تراجعت نتائجها في الغالب كان لديها ارتباط قوي بالأسواق الخارجية وتأثرت بضعف الطلب العالمي أو بارتفاع تكاليف التمويل، ومنها شركات قطاع البتروكيميائيات التي خسرت أكثر من 720 مليون ريال مقارنة مع خسائر 105 مليارات ريال في الربع المماثل، كذلك شركات التمويل والتي تعتمد على الاقتراض وإعادة الإقراض حيث تراجعت أرباحها بنسبة 42 % أما الشركات التي تعتمد أنشطتها على الداخل أو التي لديها ارتباط مع رؤية المملكة 2030 أو التي تعتمد على الإنفاق الرأسمالي، نجد أن لديها نمواً جيداً في الأرباح، قطاع الأسمنت ارتفعت أرباحه بنحو 12 % مقارنة مع الربع المماثل ونحو 63 % عن الربع السابق، البنوك السعودية وهي الممول الرئيس للمشاريع والشركات والمستثمر في إصدارات أدوات الدين الحكومية فقد نمت أرباحها بنحو 8 % وجاءت سبع بنوك ضمن قائمة ال 10 شركات سعودية الأعلى ربحية، قطاع الرعاية الصحية حقق نحو مليار ريال بنسبة نمو 10 % وهو من القطاعات الواعدة خلال السنوات القادمة بعد تخصيص القطاع الصحي وتحمل الدولة قيمة التأمين الصحي عن المواطنين، كذلك النمو الكبير في الطلب على الخدمات الصحية الخاصة، ويمتد النمو الى قطاع الأدوية الذي ارتفعت أرباحه بنحو 33 % بعد وضع استراتيجية للأمن الدوائي وتوطين الصناعة الدوائية، قطاع إنتاج الأغذية ارتفعت أرباحه بنحو 5 % نتيجة زيادة الزيارات إلى المملكة وتسهيل الحصول على التأشيرة السياحية وفتح العمرة طوال العام، وبعض شركات القطاع التي حققت تراجعا في الأرباح أو خسائر كان لها ارتباط بأنشطة خارج المملكة، شركات التأمين والتي تقع ضمن برنامج تطوير القطاع المالي حققت نمواً في الأرباح بنحو 50 % ومتوقع استمرار النمو مستقبلا بعد صدور قرار إنشاء هيئة للتأمين تشرف على أنشطة التأمين في المملكة ومنوط بها تطوير التشريعات التنظيمية والقضائية وزيادة المنتجات التأمينية. أرامكو السعودية حققت أرباح في الربع الأول في حدود 103 مليارات ريال تمثل 76 % من إجمالي أرباح الشركات ورغم تراجع أرباحها بنسبة 12 % عن الربع المماثل إلا أن الشركة رفعت توزيعاتها النقدية من 73.2 مليار ريال في الربع الأول 2023 إلى 116.5 مليار ريال هذه التوزيعات السخية عززت ثقة المستثمرين في الشركة وتفوقت على عمالقة النفط عالمياً في عائد التوزيع النقدي لآخر 12 شهراً ليبلغ العائد 6.2 %، فيما يتراوح بين 4.8 % و3.3 % لشركات إكسون موبيل وشيفرون وتوتال وشل وبي بي، كما أن شركة أرامكو لها دور في نمو بعض الشركات المدرجة في السوق السعودية سواء من خلال العقود المرتبطة بالحفر والتنقيب والتي استفادت منها شركة أديس القابضة ورفعت أرباحها بنسبة 124 % وشركة الحفر العربية التي نمت أرباحها بنسبة 3 % أو الشركات التي تستفيد من برنامج المحتوى المحلي من المشتريات لدى الشركة "اكتفاء" والذي وصل إلى 63 % من إجمالي المشتريات وتستهدف أرامكو الوصول بنسبة المحتوى المحلي من المشتريات إلى 70 % في عام 2025. السوق لم يتفاعل بإيجابية مع النتائج والتوزيعات النقدية الجيدة، حيث كسر مؤشر تاسي مستويات 12 ألف نقطة في مزاد إغلاق يوم الخميس الماضي وعلى الرغم من هذه السلبية التي صاحبت السوق منذ بداية إعلانات نتائج الربع الأول إلا أن ذلك سوف يعيد السيولة الاستثمارية إلى السوق وبناء مراكز استثمارية جديدة في الشركات التي أظهرت نمواً جيداً ونظرة مستقبلية واعدة.