طفرة كبيرة شهدتها الرياضة السعودية في السنوات الخمس الأخيرة، حالها كحال جميع المناشط التي تعيش قفزات هائلة وغير مسبوقة في وطننا الكبير والغالي، ولعل المرأة وما يتعلق بها من جوانب، نالها نصيب كبير من التطوير والتطور. فالرياضة النسائية في المملكة تعيش حراكاً كبيراً غير مسبوق، حيث كانت البداية عام 2018 عندما صدر مرسوم ملكي سمح للعائلات بدخول الملاعب، وزاد عدد الحضور في ملاعب أغلب الألعاب الرياضية بنسبة 152 في المئة، ثم تم السماح بمشاركة المرأة في المنافسات الرياضية بشكل رسمي، مما ساهم في تكون الفرق النسائية في أغلب الرياضات، إضافة إلى فتح باب الاستثمار في الرياضة للمرأة السعودية التي أبدعت أيضاً في هذا المجال. وكانت أول مسابقة فروسية نسائية قد جرت في مضمار جامعة الأميرة نورة بالرياض عام 2017، بمشاركة وصلت إلى 70 فارسة، وهذا يعكس حماساً كبيراً وشغفاً أكبر لدى النساء في ممارسة الرياضة في جميع الألعاب، بل إن الحماس تجاوز الحدود، حيث بدأت الفرق النسائية تتشكل لتشارك في بطولات خارج الحدود خليجياً وعربياً وآسيوياً حتى وصلن بمشاركاتهن للعالمية. ففي عام 2019 شاركت 66 رياضية سعودية في دورة ألعاب مجلس التعاون الخليجي، عبر 8 رياضات وفزن ب11 ميدالية متنوعة، كما أن الفرق السعودية النسائية شاركت في بطولة كأس العالم للأهداف في كوبنهاغن في مايو 2019، وفي نيويورك في سبتمبر 2019. واستمرت المشاركات للرياضيات السعوديات في البطولات الخارجية، حيث شاركت 72 رياضية سعودية في الدورة الرياضية العربية للسيدات في الشارقة عام 2020، وهي أكبر بعثة نسائية وفزن ب12 ميدالية. وفي عام 2023 أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم عن تأسيس منتخب للشابات تحت 20 عاماً، ليصبح لدى المملكة 4 منتخبات نسائية، بداية بمنتخب السعودية للسيدات في الصالات، والمنتخب الأول للسيدات، ومنتخب الناشئات، ثم منتخب الشابات. والآن هناك 25 اتحادًا، يوجد لدى كل اتحاد من هذه الاتحادات فريق وطني للسيدات. وبلغ عدد الرياضيات السعوديات المنتسبات ل54 اتحاداً رياضياً وطنياً بشكل رسمي، ما يصل إلى 2026 لاعبة، وهذا رقم ممتاز جداً لقطاع ناشئ. وكان الدعم الحكومي للرياضات النسائية واضحاً وكبيراً، حيث بلغ إجمالي دعم وتطوير الفرق النسائية حوالي 50 مليون ريال في 2023. كما أن الاتحادات اهتمت بالمسابقات الرياضية النسائية، ودعمتها بالتنظيم الجيد والجوائز المحفزة. فالاتحاد السعودي لكرة القدم خصص جوائز مالية محفزة لبطل الدوري السعودي الممتاز للسيدات 2024، حيث يحصل بطل الدوري الممتاز على مليوني ريال، ويحصل الوصيف على مليون ريال، فيما يحصل الثالث على 600 ألف ريال. وما يميز الرياضات النسائية أن الإقبال عليها كبير والفرص فيها أكبر، سواءً على صعيد ارتفاع عدد الممارسات للرياضات التنافسية، أو على صعيد توفر الوظائف وأيضاً توفر الفرص الاستثمارية. ففي بدايات تشكّل هذا القطاع خلال عامي 2018 - 2019، تم توفير 250 ألف وظيفة في المراكز والأندية الرياضية النسائية، وساهم تشكيل الفرق النسائية وتنظيم المسابقات التنافسية التي تنظمها الاتحادات المعنية، في جذب وسائل الإعلام التي بدأت تنقل هذه البطولات وتغطيها بشكل جيد، مما أعطاها شهرة ومتابعة جماهيرية وإعلامية، وهذه التغطيات الإعلامية ساهمت في جذب الشركات المعلنة والراعية لتوقع شراكات مع هذه البطولات ومع بعض الفرق النسائية لتبني علاقة متينة مع عملائها من الجانب النسائي. كما أن هذا الحراك قاد بعض المستثمرين والمستثمرات إلى الاستثمار في قطاع الرياضات النسائية، من خلال ضخ مبالغ مالية كبيرة في هذا القطاع كنوع من الاستثمار الذي يبحث عنه الجميع. وتنوعت الاستثمارات ما بين إنشاء الأندية الرياضية الصحية، وتأسيس الأكاديميات الرياضية النسائية، إضافة إلى إنشاء وتملك الأندية الرياضية الخاصة. نختم بأن الرياضة النسائية تسير في طريقها المرسوم من الحكومة للمساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 من خلال تمكين النساء من المشاركة في المنافسات المحلية والإقليمية والدولية، تعزيزًا لممارسة الأنشطة الرياضية لدى جميع فئات المجتمع بدلاً من اقتصارها على فئة واحدة فقط.