التعاقد مع النجوم العالميين سيخدم الثقافة والسياحة السعودية ويعظم ارباحها، ويخفض من معدلات البطالة، ويؤسس لفرص عمل جديدة وجيدة، وهذا يفسر ارتفاع ايرادات القطاع الرياضي السعودي، ووصول مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي الى ستة مليارات وخمس مئة مليون ريال، في عام 2023، وهو رقم غير مسبوق.. مأسسة الرياضة السعودية بدأت في 1957 أو قبل 72 عاماُ، ولكنها لم تتطور بشكل ملحوظ الا في 2019، أو منذ قرابة خمسة اعوام، وذلك بعدما تحوات الى وزارة في 2020، واصبحت تقوم بادوار مهمة في الدبلوماسية السعودية الناعمة، بالمشاركة مع وزارتي الثقافة والسياحة، وكلها ومن خلال فعالياتها المختلفة، تساعد في الوصول الصحيح الى اوساط اجتماعية لم يلتفت اليها السعوديين في السابق، فقد كانوا لا يهتمون بالرأي العام العالمي، ويركزون على النخب وأوساطها الضيقة. الا أنهم وعن طريق الاستثمار الرياضي في اللاعبين الدوليين، واستضافة الرياضات العالمية صاحبة الشعبية، وبالاخص كرة القدم والغولف والفورميلا بانواعها، والراليات ونزالات الملاكمة الاحترافية، ومعها البطولات القارية والاقليمية، والكريكت الموجه لجاليات شبه القارة الهندية في الداخل، استطاعوا كسب ود الجماهير الغربية والاسيوية والعربية بعفوية وباقل مجهود، وهو المهم بالتأكيد، فالأولويات التي تحكم المشهد السياسي والاقتصادي العالمي تتغير، ولكن الناس لا يتغيرون، ومن الامثلة، صفقة نادي نيوكاسل الانجليزي، التي شكلت نجاحاً استثنائيا، لانها صححت المفاهيم الخاطئة عن المملكة عند عامة الانجليز، وربما بشكل جذري، وعملت مع غيرها من الصفقات، على تعزيز مكانة الدولة السعودية في الخارطة الجيوسياسية العالمية. كل هذا يظهر في الاعلام الغربي، فقد استفزت التحركات السعودية في مجال الرياضة، صحيفة الغارديان البريطانية، والتي وصفت في 2023، ما يقوم به الصندوق السيادي، باوصاف لاتليق وحاولت شيطنته، لأن التعاقد مع مشاهير اللاعبين في الدوري الانجليزي لم يعجبها، وجاء الرد من مدرب مانشستر سيتي، الاسباني بيب غوارديولا، الذي اعتبر التعاقد السعودي مع النجوم من لاعبي الدوري الانجليزي طبيعي جداً، لان الانجليز أنفسهم حصلوا على خدمات لاعبين نجوم من الدوري الايطالي والالماني، ومن اميركا الجنوبية وافريقيا، وبطبيعة الحال، اللاعب يأخذ جمهوره معه، مثلما يفعل الحلاق مع زبائنه، ومن هؤلاء كريستيانو رونالدو، صاحب اكبر جماهيرية عالمية في السوشال ميديا، وبرقم يصل الى نصف مليار او يزيد، ومن يتابعه سيهتم بمعرفة الدولة التي استقر فيها، وسيحضر لرؤيته، وهذا يخدم الثقافة والسياحة السعودية ويعظم ارباحها، ويخفض من معدلات البطالة، ويؤسس لفرص عمل جديدة وجيدة، وما سبق يفسر أرتفاع ايرادات القطاع الرياضي السعودي، ووصول مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، الى ستة مليارات وخمس مئة مليون ريال، في عام 2023، او ما يعادل مليارا وسبع مئة واربعة وثلاثين مليون دولار، والرقم الأخير غير مسبوق. الاستحواذ على الاندية الرياضية مفيد في توسيع دائرة العلاقات التجارية الاوروبية، وخصوصاً مع المشجعين الكبار لهذه الاندية، وسيعود بالمنفعة والفرص الاستثمارية، على من هم خارج الدائرة الاوروبية، وتمثل كرة القدم قاسماً مشتركا، لاكثر من ثمانية مليارات شخص حول العالم، وبالتالي فالارباح فيها لا تتوقف عند الجوانب المالية وحدها، ومن الشواهد، تعريف قامات رياضية من نوع كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما ونيمار جونيور بالعرضة السعودية، واحتفالهم باليوم الوطني وبالاعياد والمناسبات الوطنية، ومشاركتهم في الفعاليات المختافة، والرياضة تمثل ركيزة اساسية في معادلة النفوذ والقوة، فقد استخدمت الصين استضافتها لأولمبياد 2008، في بناء صورة مختلفة عنها باعتبارها دولة اقتصادية قوية، واستفادت روسيا من استضافة كأس العالم عام 2018، في كسر عزلتها الدولية، وفي تحسين الصورة النمطية السلبية، التي حاول الاعلام الغربي حشرها فيها. في سبعينات القرن العشرين ساهمت دبلوماسية ال (بينغ بونغ) او تنس الطاولة، في تحسن العلاقات بين اميركا والصين، ايام الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون، وقام بزيارة بكين بعد ذلك، وهناك دول لا تعرف الا برياضاتها، كدولة جامايكا التتي تحضر بقوة في العاب القوى العالمية، بفضل عدائيها المشاهير من الجنسين، وسنغافورة استفادت من سباقات (الفورملا ون) في الاقتصاد والسياحة، فهو اكبر سباق ميكانيكي في العالم، ويرتبط باضخم شركات تصنيع السيارات، وبالشركات السياحية العالمية، وفي هذه الايام الفكرة المبدعة والخلاقة، أعظم في قدرتها على التأثير، من الترسانة العسكرية الضخمة، والعبارة السابقة لي فلا تسرقوها رجاءاً. روسيا حققت مكاسب كبيرة من استضافتها لكاس العالم 2018، فقد تابعها وشاهد فعالياتها ثلاثة مليارات و300 مليون مشاهد بواسطة البث التلقزيوني، وثلاثمائة مليون عن طريق مواقع الانترنت والسوشال ميديا، وشاهدها في المنطقة العربية 261 مليون انسان، والمباراة النهائية التي اقيمت بين فرنسا وكرواتيا، وفازت بها الأولى، تابعها منفردة مليار ومئة مليون شخص، وساهم المونديال في توفير ما يزيد على 200 الف فرصة عمل، ومونديال قطر 2022 تابعه ستة مليارت شخص، وهو رقم قياسي، وزارها بعد ذلك مباشرة أكثر من مليون سائح، والمملكة ستقيم كأس العالم لكرة القدم في 2034، واتصور ان ارقامها ستتفوق على الارقام القطرية والروسية، والسبب زيادة اعداد المنتخبات المشاركة، ولعل فيها مساحة اوسع لتسويق الدولة ومدنها كعلامات تجارية، وابرازها كوجهات سياحية وثقافية لا تشبه غيرها.