حين تراقب المشهد الثقافي تجد تحوُّلاً عظيماً ومرونةً ساطعة في البيئة الثقافية، فلو تحدثنا عن النشاط الذهبي الحاصل مؤخرًا في المملكة العربية السعودية لن تسعفنا اللغة، ولن نجيد الصياغة الملائمة، وسنفقد مهارة الوصف، فنحن الآن نعيش نقلة نوعية بديعة، وحراكاً ثقافياً مذهلاً، وازدهاراً عظيماً، فمن الثقافة الحصرية إلى التمكين، ومن الانغلاق إلى التوسع، ومن التعقيد إلى المرونة، لم تعُد مزاولة الثقافة مقتصرة على القراءة أو على متابعة المشهد الثقافي عن بعد، لم تعُد عملية فسح كتاب أو البحث عن دار نشر أو ممارسة نشاط ثقافي مهمة صعبة على أولئك المثابرين، لم تعُد المشاركة في أعمدة المجلات والصحف عملًا مستحيلًا، تكسرت القيود، وبادت تلك الأفكار القديمة المعتمة، وأُتيحت كل الفرص والمساحات المتنوعة للتفاعل والمشاركة وتبادل الخبرات، خرجنا من تلك الأُطر الضيقة المحدودة، أزهر الطريق بعد أن كان ممتلئًا بالهضاب، يُسِّرت جميع الإجراءات لدعم الكيان الثقافي وأصبحت الوزارة حاضنة حقيقية للمبدعين من أبناء الوطن ومن خارجه، اعتنت بالكلمة وبالحِرفة وبالموهبة وبالهوية، وتحولت إلى منجمٍ ثمين يحوي جميع الفنون بأنواعها الأدبية والأدائية والبصرية، ازدهرت بيئتنا بالمبادرات القيِّمة والفعاليات الهادفة والمواسم المتنوعة والتي تشير إلى إرث ومخزون ثقافي هائل، زُوِّدت مؤسساتنا التعليمية باختلاف مراحلها ببرامج التوعية والمسابقات للمساهمة في رفع الوعي الفكري والثقافي والنفسي للأجيال القادمة، أشرقت المتاحف بالإرث السعودي العظيم، نُظمت الفرق الثقافية والأندية القرائية والجمعيات الأدبية،أُنشأت معتزلات الكتابة التي استهدفت الكُتاب والشعراء السعوديين والعرب أيضًا لتتسع دائرتنا، ونستقطب العالم بهويتنا، انتعشت المقاهي بالكتب والأدباء والشعارات الثقافية ضمن مبادرة الشريك الأدبي، المبادرة الفريدة من نوعها، والتي جعلتنا نتناول الأدب والقهوة في لوحةٍ فنية مذهلة، جعلتنا نتصل بمهاراتنا وهواياتنا وشغفنا، الشريك الأدبي المشروع الأنيق الذي أثبت جدارته، وساهم في عولمة الثقافة حين جعلنا على مقربةٍ من الأدب والأدباء، ومنحنا المساحة للحديث والاستماع والتواصل، جعلنا نتمحور حول هدفٍ واحد ببنيتنا الثقافية المتفاوتة، بأجيالنا المختلفة، بمعارفنا المتباينة، لنجد أنفسنا في بحارٍ من العلم والأدب والفن، بكل هذا الدعم الوزاري العظيم، تجاوزنا المعيقات، مضينا متباهين بهذه المساحة الفسيحة والتي سمحت لنا بأن نكون، توهجنا بما نملك من علم وثقافة وحضارة، حلَّقنا في سماء العالمية تاريخًا وفنًا وشعرًا وأدبًا، تجاوزنا العالم وطنًا وقادةً وشعبًا، أصبحت بلادنا وِجههة ثقافية آسرة يرِد إليها الناس من كل مكان، فهنا نهضة متكاملة لاتتوقف، وحراكٌ واسع لا يهدأ، وإبداعٌ فريد تقوده رؤية عظيمة بقيادة سمو سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- فبتلك الخطوات الزاهية الواسعة تقلصت المسافات بين أبناء المناطق المحلية، وتصدر فكرنا الثقافي للعالمية، ودخلت مدننا قائمة المدن المبدعة في اليونسكو، وأصبح موروثنا باعثًا للإلهام والإبداع، حين تراقب المشهد الثقافي تجد أنك في زخم من الجمال والفن والبراعة.