لست ممن يجيدون الغوص في أعماق الكتابة والإعلام ولم يسبق لي الرثاء، ولكنني حاولت أن أجمع الأحرف والكلمات وأصممها وأهندسها لأكتب عن أحد رجالات الرعيل الأول في الاقتصاد وإدارة العمل المصرفي في مملكتنا الحبيبة أنه والدي تاج الرأس وأغلى الناس الشيخ أحمد سالم بالعمش، والذي انتقل إلى رحمة الله تعالى بمدينة جدة يوم الجمعة 10 شوال 1445 للهجرة، وتمت الصلاة عليه في المسجد الحرام بعد صلاة الفجر يوم السبت 11 شوال 1445 للهجرة، ودفن في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة، والدي رحمه الله رحمة واسعة تخرج من إحدى أشهر كليات الاقتصاد في العالم وهي London School of Economics عام 1963، وعمل لسنوات طويلة في مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي الآن) امتدّت لأكثر من ثلاثين عاماً خدم فيها بلاده حتى سن التقاعد. التحق -رحمه الله- بمؤسسة النقد إبان إدارة المحافظ الدكتور أنور علي، وكان نائبه الأستاذ جنيد عبدالقادر باجنيد (رحمهم الله جميعاً)، وتدرج في وظائف المؤسسة حتى وصل المرتبة الرابعة عشرة مساعداً للإدارة العامة للأبحاث الاقتصادية والأحصاء. وعمل مستشاراً بفرع المؤسسة في جدة، وكلف بالإشراف على فرع الإدارة العامة لمراقبة البنوك في الساحل الغربي ثم مديراً عاماً لمراقبة البنوك في المركز الرئيس لمؤسسة النقد العربي السعودي في الرياض. عاصر -رحمه الله- ونال ثقة وثناء محافظي مؤسسة النقد العربي السعودي وعلى رأسهم الدكتور أنور علي ثم معالي الشيخ عبدالعزيز القريشي ومعالي الأستاذ حمد سعود السياري، ونواب المحافظين سعادة الأستاذ جنيد باجنيد ومعالي الشيخ خالد محمد القصيبي -رحمه الله- والذي تولى لاحقاً وزارة الاتصالات ووزارة الاقتصاد والتخطيط. وكان الوالد -رحمه الله- يشارك في إعداد التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي والذي يتم تقديمه للملك فيصل والملك خالد -رحمهم الله جميعاً-، وبشهادة كل من عرفه كان -رحمه الله- علامة فارقة في نبل الأخلاق وحسن التعامل، كسب ثقة المسؤولين وحب الموظفين الذين رأسهم، وكان مدافعاً عن الحق، وحسن الاستماع، بسيطاً في تعامله مما أكسبه محبة الجميع. اشتهر بتواضعه الجم وخلقه الرفيع وروحه الجميلة، نال معها محبة وتقدير كافة أطياف المجتمع البسطاء والأغنياء والوجهاء وكبار المسؤولين. وكان خيراً لينا باذلاً للخير، باشاً بوجهه، باراً بأهله وأقاربه وكل من عرفه. رحمك الله رحمة واسعة يا أبا محمد، وأسكنك الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ومنّ الله علينا بالصبر والسكينة والسلوان. م. محمد أحمد بالعمش