تستمر حملات الوعي والتقنين الإعلامي المطلوب مع ضوابط وتنظيمات هيئة تنظيم الإعلام التي يحسب لها الكثير من الانضباط والتحسن الملحوظ في المشهد الإعلامي؛ لكن بالمقابل نتفاجأ بين الفينة والأخرى بظهور مقاطع تستهدف الأطفال بشكل مباشر هادمة للقيم وخادشه للحياء، بل تحمل الكثير من الأسئلة عن أهلية القائمين على هذه البرامج التي تنشر عبر منصات اليوتيوب ويتم تداولها ومشاهدتها في المنصات الاجتماعية السعودية سواء من باب النقد أو التأييد. لعله حان الوقت لأن يكون لدينا (Ofcom) وهي الجهة المنظمة لخدمات الاتصالات التي تستخدم وتعتمد عليها بريطانيا في ضبط المحتوى الموجه للأطفال تأسست في عام 2003 ومناط بها وضع قانون البث الذي يمكن من خلاله قياس الشكاوى المقدمة ويجب أن يشمل ذلك معايير البرنامج (القُصر، والحياد، والدقة، والأذى، والمخالفة) والعدالة والخصوصية. تؤمن أوفكام أن محو الأمية الإعلامية تمكن الناس من الحصول على المهارات والمعرفة والفهم الذي يحتاجون إليه لتحقيق الاستفادة الكاملة من الفرص التي تتيحها خدمات الاتصالات التقليدية والجديدة على حد سواء. كما تساعد المعرفة الإعلامية الأشخاص على إدارة المحتوى والاتصالات وحماية أنفسهم وعائلاتهم من المخاطر المحتملة المرتبطة باستخدام هذه الخدمات. يتضمن عملهم أيضا عمل الكثير من الأبحاث والدراسات التي تطرح نتائج تتعلق بآراء أولياء الأمور حول استخدام أطفالهم لوسائل الإعلام، والطرق التي يسعى بها الآباء - أو يقررون عدم مراقبة - أو الحد من استخدام أنواع مختلفة من الوسائط. تعزيز المعرفة الإعلامية مهمة سامية وليست بالأمر البسيط وفي ظل هذا أوجدت برامج تحت عنوان «Making Sense of Media». «صناعة المعنى من الاعلام» ولعل المدرسة البريطانية الرائدة في التربية تركز على هذا المبدأ الإنساني الأصيل «صناعة المعنى» في كل شيء، ونحن اليوم نصنع المعنى ولا يجب أن تترك هوامش للمنتهكين والمنتهكات، بل أرجو محاسبة من يقمن بتحويل الطفلات البريئات لمادة جنسية أو قابلة للانتهاك عبر لقاءات اعتباطية يرفضها أي مجتمع واع، بل لا ينبغي أن يتعرض أي طفل لما يمس كرامته. والمملكة اليوم تقود المنطقة بالإصلاحات التي تخص الأطفال ولله الحمد رغم ذلك تظهر مجموعات تدعي البراءة وهي بنظري مجرد (استخدام) غير قانوني وانتهاك صارخ لحقوق الطفل. في تقريرها الأخير نشرت أوفكام «ماذا يعني أن يكون الأطفال متصلين بالإنترنت اليوم؟». على وجه الخصوص، هم يركزون على الفهم النقدي للأطفال، حيث أصبحت هذه المهارات ذات أهمية متزايدة في عالم يتزايد فيه عدم اليقين بشأن ما هو صحيح وما هو خطأ بوصفهم. وقد تطرق التقرير إلى استخدام الأطفال للذكاء الاصطناعي (AI). لعلنا نفهم ما الطرق التي يتعامل بها الأطفال مع عوالمهم الشخصية عبر الإنترنت؟ وأهم الفوائد والمخاوف، والجوانب الإيجابية لوجودهم على الإنترنت التي يحددونها هم وأولياء أمورهم، بالإضافة إلى مدى مواجهتهم لمواد مثيرة للمشاكل وشعورهم بالقدرة على الحفاظ على أمانهم على الإنترنت، 96% من الأطفال يستخدمون الإنترنت الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و7 سنوات، وبمجرد وصول الأطفال إلى الفئة العمرية 12-15 عامًا، فإن أكثر من 99% منهم يفعلون ذلك. على الرغم من النتيجة الإيجابية التي عكسها التقرير أن أكثر من سبعة من كل عشرة (72%) من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و17 عامًا والذين يستخدمون مواقع أو تطبيقات المراسلة/ وسائل التواصل الاجتماعي يشعرون بالأمان عند استخدام هذه التطبيقات/ المواقع عبر الإنترنت، إما طوال الوقت أو معظمه، فإن مساحة الإنترنت هي بيئة محفوفة بالمخاطر للأطفال. حيث كشفت الدراسة أن نسبة الأطفال، ومجموعات فرعية محددة بينهم، الذين شاهدوا محتوى يحتمل أن يكون ضارًا أو تعرضوا لتفاعلات سيئة أو مؤذية عبر الإنترنت. يقول ثلث (32٪) من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و 17 عامًا أنهم شاهدوا شيئًا مثيرًا للقلق أو سيئًا عبر الإنترنت خلال ال12 شهرًا الماضية، لكن 20٪ فقط من آباء الأطفال في هذه الفئة العمرية أبلغوا عن أن أطفالهم أخبروهم أنهم شاهدوا شيئًا مخيفًا أو سيئًا عبر الإنترنت. أزعجهم في نفس الإطار الزمني. تزداد احتمالية رؤية الأطفال لهذا النوع من المحتوى مع تقدم العمر؛ يقول ما يزيد قليلاً عن ثلث الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا أنهم تعرضوا لهذا النوع من المحتوى في العام الماضي (34%) مقارنة ب28% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و11 عامًا. هذا جزء يسير من تقارير المنظمة وأتساءل عن وجود دراسات محلية مماثلة والأهم أن تكون مستقلة التمويل، بكل حال إصلاح محتوى الطفولة المقدم باللغة العربية يحتاج جهود عاجلة وملحة وعلينا قبل أن نلوم ونقرع من يتجهون للمحتوى الأجنبي أن ننصف عقولنا وعقولهم ونشاهد الفجوات الشاسعة فيما تقدمه البرامج الأجنبية كقنوات البي بي سي وغيرها ممن قدموا مواد متميزة وتعليمية رصينة تراعي خصائص الأطفال دون أدلجة او تنميط ثقافي معادي للمجتمع وللحياة. دمتم بخير