يولي مكتب الاتصال الحكومي البريطاني «Ofcom» اهتمام خاص بالطفولة والإعلام، وذلك ينعكس عبر إدارته لأحد المشاريع البحثية المعنية بالطفولة والإعلام تحت مسمى «حياة الأطفال الإعلامية «Children's Media Lives»، ويمتاز هذا المشروع بكونه طويل الأمد، حيث يقوم على رصد ومراقبة عادات 18 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 8-15 سنة، على مدار سنوات متتالية، وإجراء مقابلات معهم أمام الكاميرا كل عام، بهدف تحليل عاداتهم والتغيرات التي طرأت على مواقفهم الإعلامية، على مدى فترات متباينة. هذا العام، ركز المشروع على الطفل أثناء جائحة كورونا، وتطرقت نتائج الدراسة الى طرق ودوافع استخدام الأطفال للإعلام أثناء منع التجول، باختلاف ظروفهم، وهل ساهم الإعلام في تنمية عاطفة وذهن وقدرات الطفل بالتزامن مع الجائحة وبعد انقضاءها. بدأ البحث قبل ست سنوات وكان الهدف منه حينها المساهمة في محو الأمية الإعلامية لدى الطفل البريطاني، ورغم اختلاف السياق الثقافي بيننا وبين بريطانيا الا أن نتائج هذا البحث حول الطريقة الأفضل للتعامل مع الأطفال وحمايتهم إعلاميًا بالتزامن مع جائحة كورونا وما بعدها، تنطبق على أي طفل في العالم بما في ذلك الطفل السعودي. قبل شهرين، ظهرت نتائج البحث لهذا العام حيث هيمن عليها موضوع تلقي الأطفال الإعلامي للأخبار حول فيروس كورونا، وكان من بين النتائج أنه أثناء فترة منع التجوّل قضى الأطفال فترة أطول بكثير من المعتاد على هواتفهم مما سيغير انماط استهلاكهم للإعلام حتى في المستقبل القريب والبعيد كما أن معظم الأطفال لم تكن لديهم خطة لروتين أيامهم واضحة وكانوا يملئون أوقات فراغهم في الانترنت إما على الألعاب الالكترونية أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي؛ أيضاً تطبيق «تيك توك» الصيني كان هو صعودا في الجماهيرية بين الأطفال أثناء فترة كورونا، وأستمر بعد نهايتها فيما تحوّلت الأنشطة الاجتماعية والتعليمية للطفل رقميًا ولكنها أصبحت متزامنة مع ممارسة أنشطة أخرى لدى الطفل كاللعب (شاشات متعددة!) ومن النتائج أيضاً أنه لم يكن الأطفال بشكل عام مهتمين بالأخبار حول مستجدات فيروس كورونا، وكذلك الطفلات الإناث بعمر 9 سنوات فما فوق أبدين اهتماما بمحتويات إعلامية رقمية حول الجمال والرياضة بشكل أكثر كثافة أثناء فترة كورونا وما بعدها. وتكمن أهمية دراسة الجماهير الصغيرة في أوقات الأزمات مثل «كورونا» في فهم التغيير الذي يحدث في أنماط استهلاك هذه الجماهير للإعلام، وامتداد أثر هذا التغيير حتى بعد انتهاء الجائحة لسنوات. كما تتيح مثل هذه الدراسات قياس نجاح القطاع الاتصالي في المجال الصحي في عدم اغفال شريحة الأطفال بوصفها احد اهم الشرائح الجماهيرية المستهدفة بالتوعية أثناء الجائحة. وبالإضافة لذلك، فإن دراسات الطفولة والإعلام بهذا الشكل تكشف عما إذا كان هناك تداول كثيف للاشاعات والأخبار المضللة بين الأطفال في مواقع التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو وغيرها من الوسائل الرقمية، جميع ما سبق يؤكد ضرورة الاعتماد على معايير علمية عند استهداف الطفل (إعلاميًا) بوصفه مستقبل الوطن وأحد أهم ثرواته.