كيف هي علاقتك بالتلفاز؟ ومتى آخر مرة فتحته وشاهدت ما يطرح فيه؟ أسأل هذا السؤال لأن الكثير من الناس للأسف لا يعرفه إلا وقت مشاهدة مباريات كرة القدم، وربما يضحك منك أحدهم ويصفك بالرجعي القديم عندما تخبره بأنك متابع للتلفاز وبرامجه لأنه أدمن الجوال وتطبيقات التواصل فأصبح كل ما يقرأ وكل ما يعرفه من معلومات وأخبار وكل حياته تتمحور حوله وحولها! والعجيب أن البعض يشاهد ما يعرض على التلفاز في شاشة جواله ويحاول أن لا يفوته أي شي لحظة بلحظة وكأنه مسؤول عن البشر وما يحدث على سطح الأرض! على الرغم من أن قنوات التلفاز الرسمية هي مصادر موثوقة ومصداقيتها لا تقارن بما تحتويه تطبيقات التواصل! ونحن هنا لسنا بصدد الحديث والتفصيل عن هذه التطبيقات والتي من خلالها نجح ملاكها في فهم نفسية المتلقي بوجود هذا التدفق المعلوماتي التقني الكبير المتجدد في كل ثانية والذي بدوره جعلهم يقدمون لمستخدميها كل محتوى يشبع رغباته ويوهمه بأن العالم بين يديه في لمح البصر وكأنه يعرف كل شيء في سباق تقني متسارع ومتجدد، ويحقق الربح لهذه الشركات التي نجحت في تحقيق خططها وأهدافها، ولكن المتضرر هو ذلك المستخدم الذي أدمن هذه التطبيقات ولا يزال غير واعٍ لمثل هذه المخططات التجارية فأصبح أسيراً لمحتوى قصير يغلب عليه التفاهة ولا يتجاوز الدقيقة في أفضل أحواله بضغطة زر وتحريك إصبع وعينين لا تكاد تغمضان، بعد أن كان المتلقي قبل ظهور هذه التطبيقات لديه شيء من الصبر وقادر على المشاهدة والاستماع لمدة ساعة وأكثر –بحكم أن الكثير من الناس بصريين ويفضلون المشاهدة– أو حتى قارئاً للكتب أو للصحف والمجلات وقتاً طويلاً عندما كانت ورقية وكذلك الاستماع للإذاعة، فالخيارات كانت محدودة والفائدة تكاد تكون أكبر مقارنة قبل ظهور الجوال وتطبيقات التواصل. التلفاز بما يقدمه في عصرنا الحاضر تطور كثيراً وأصبح مواكباً للتغيرات والأحداث، وبالمناسبة فالتلفزيون السعودي بقنواته المتعددة خطا في ذلك خطوات واسعة ببرامجه القيمة والمتنوعة والتي تواكب رؤية المملكة 2030، والعودة إليه والحرص على متابعته له ثمراته الإيجابية، ولا ننسى في هذا المقام أن نشكر وزارة الإعلام السعودية -ممثلة في هيئة الإذاعة والتلفزيون- على ما تبذله من جهد كبير وملحوظ للارتقاء بالتلفزيون، وحتى الإذاعة تطورت بشكل كبير يواكب المستجدات والمنجزات ويقدم من خلالها البرامج النوعية المميزة في كل المجالات، فلهم جزيل الشكر والعرفان. التلفاز يجعلك تستغني كثيراً عن الجوال عندما تستشعر بأن وقتك هو أعز ما تملك، فهو يحفظ عليك وقتك ويزيد من تركيزك واستيعابك لما تتلقى من أخبار ومعلومات، وليس كالجوال بتطبيقاته حين يضيع وقتك ويجعلك مشتتاً لا تكاد تمسك بمعلومة أو طرح مفيد بل متنقلاً بسرعة البرق بين الغث والسمين من الأخبار وتتبع حياة الناس وفضائحهم، بحرصك على مشاهدة التلفاز تكون أكثر هدوءاً وتركيزاً وتكون قادراً على التفكير والاستيعاب وتذكر الأشياء وربط بعضها ببعض بشكل أكبر، وحينما تكون شاشة التلفاز مفضلة لديك ستكون عيناك أكثر راحة عند مشاهدته لأن شاشة الجوال تسبب جهداً كبيراً عليهما وذلك يجلب الصداع، وبالمناسبة ينصح أطباء العيون بأخذ وقت راحة عند استخدام الجوال إضافة للإكثار من شرب الماء، ومن يستخدمونه بكثرة يُنصحون باستخدام قطرة العين تجنباً لجفافها، وكثرة استخدام الجوال وإدمانه تزيد من فرص الإصابة ببعض الأمراض مثل الاكتئاب وآلام العظام وغيرها. بالنسبة للوالدين فإن اجتماعهم بأولادهم عند شاشة التلفاز بحد ذاته مكسب كبير، والقدرة على جعل التلفاز اختياراً مفضلاً بالنسبة لهم هو أمر إيجابي، وحينما تكون جالساً مع أولادك وعند التفاز احرص على أن يكون جهازك الجوال بعيد عنك لأنك قدوة لهم وبمرور الوقت يعتادون على مجالستك بلا جوال وسيؤثر ذلك فيهم بلا شك ولا يمنع أن تتفق معهم أن تكون جلستكم بلا جوال، وعند مشاهدة التلفاز حاول أن تكون المادة المختارة من اهتماماتكم المشتركة أنت وأولادك كبرنامج ترفيهي أو وثائقي أو مسلسل أو مباراة كرة قدم.. وما شابه ذلك، ولا يمنع أن تتنازل وتشاهد ما يحبون حتى ولو لم يعجبك المعروض، وأثناء الجلوس حاول أن تحاورهم عما يعرض على الشاشة وتجاوب على أسئلتهم قدر الإمكان إذا سألوا، واجعلوا جلوسكم معهم حواراً متبادلاً بينكم تعززون فيهم القيم وتحذرونهم فيها من بعض ما يعرض من سلبيات في حينها ولحظتها، ومن يدري فلعلهم بمرور الوقت ينجذبون لمحتوى هادف أو ترفيهي على شاشة التلفاز كانوا يجهلونها وغافلين عنها فنبهتهم لها أو اقترحتها عليهم فيحرصون على متابعته وبذلك تساعدهم على حفظ وقتهم وما ينفعهم، وبدلاً من استخدام الجوال بإمكانك أيها الأب وأيتها الأم أن تعرضوا ما يحبون في الجوال على شاشة التلفاز كذلك فالمهم هو إبعادهم عن الجوال أو محاولة دفعهم للتقليل من استخدامه، وبالمناسبة لا ننسى أن نذكر بأن المختصين والتربويين يحذرون وينصحون من كثرة أجهزة التلفاز في المنزل خصوصاً في غرف النوم وإن كان ولا بد من وجود أكثر من شاشة لغرض اللعب والترفيه فيفضل أن تكون بوقت مقنن وتحت إشراف الوالدين.