يعد الدكتور تنيضب الفايدي، واحدا من أبرز الباحثين السعوديين الذين قضوا شطرا كبيرا من حياتهم العلمية، في البحث والدراسة والتحقيق العلمي والميداني لكثير من المواقع التاريخية والأثرية والجغرافية بالمملكة العربية السعودية. وقد صدر للدكتور تنيضب خلال مشواره البحثي العلمي التوثيقي الذي لم ينقطع على مدى الخمسة عقود الماضية من الزمن ما يقارب أربعين كتابا أو ما يزيد، هذا غير ما لا يزال مخطوطا عنده من بحوث ودراسات نتوقع طباعتها ونشرها قريبا إن شاء الله للاستفادة منها، وفضلا عما شارك به من محاضرات وندوات علمية كثيرة، معظمها في تاريخ المملكة وجغرافيتها، وبعضها في مجالات أخرى، شملت اللغة والأدب والثقافة بالإضافة إلى حصوله على عدة جوائز قيمة من الدولة تقديرا لما قدمه من جهود متميزة لخدمة تراث المملكة وتاريخها وجغرافيتها على مدى سنين طويلة. ومن آخر إصداراته التي صدرت حديثا، كتابه المعنون ب (جبال وحرار طابة دراسة جغرافية مصورة) الصادر بطبعته الأولى عام 2022م عن (دار المفردات للنشر) بالرياض. وهو كتاب كما هو واضح من عنوانه، يتناول كثيرا من المعالم الطبيعية للمدينة المنورة/ طابة (طيبة الطيبة) مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بجبالها وحراتها وأوديتها.. الخ. وليس هذا الكتاب الوحيد الذي تناول من خلاله الدكتور الفايدي هذه المدينة المقدسة، وإنما سبقته عدة مؤلفات له ألقت مزيدا من الضوء على جوانب مختلفة من تاريخ المدينةالمنورة قديما وحديثا. وهذا ما أشار إليه في مقدمة الكتاب، إذ يقول: «ومنذ خمسين عاما ركزت -والحمد لله- على المدينةالمنورة، حيث صدرت مجموعة من الدراسات والمؤلفات منها: كتاب تاريخ طيبة في خير القرون والذي شمل مجموعة كبيرة موثقة عن المدينة وتاريخها وفضائلها ومساجدها، وقد صدر في حدود 700 صفحة بالصور الملونة -مدعما بالمصادر والمراجع- التي بلغت 500 مصدر تقريبا، ثم صدر كتاب آخر أدبي عن المواقع المباركة بها (ثقافة الأديب عن آثار ومواقع في بلد الحبيب صلى الله عليه وسلم)، وكتاب أهل الصفة ودورهم في انتشار الإسلام، وكتاب الأودية والآبار في مدينة المختار.. الخ». انتهى كلامه. أما كتابه هذا الموجود بين أيدينا الآن فهو كتاب متمم لما قبله من الكتب التي سبق أن صدرت للمؤلف على فترات زمنية مختلفة، وقد ذكر لنا في (مقدمة الكتاب) أهم النقاط أو الموضوعات الرئيسة التي تناولها بقوله: «سوف أبرز في هذا الكتاب بعض جبال المدينة وحراتها، مبينا ما جاء في فضلها -الجبال والحرار- من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يتم إلقاء الضوء باختصار على الغزوات التي لها علاقة بتلك الجبال أو الحرات، وكيف كانت هذه العوامل الطبيعية لها دور في فشل مهمة الأعداء، وعندما تتبع المؤلف لوصف المعالم الجغرافية لجبال المدينة وحرارها، اتضح أن الوصف له ارتباط بالأدب، سواء شعرا أو نثرا، وله ارتباط كذلك بقصة أو حدث، وقد ذكر ذلك المؤلف باختصار، ولم يقتصر على الوصف الجغرافي فقط. وقد زودت تلك المواقع بالصور الكثيرة الجذابة». انتهى كلامه. ومن جانب آخر فقد أشاد بهذه المناسبة الأستاذ عبدالرحيم بن مطلق الأحمدي، بما وضعه من (تقديم) بهذا الكتاب، مؤكدا على أهميته، وعلى ما جاء فيه من معلومات تاريخية وجغرافية قيمة، وعلى المكانة العلمية الرفيعة لمؤلفه بقوله: «أما الدكتور تنيضب فهو كاتب موسوعي في التربية والأدب ومعرفة الأمكنة والتاريخ، وباحث حصيف لم تقتصر مؤلفاته على منطقة واحدة أو فن من فنون الكتابة، بل إنه كتب عن كثير من مناطق المملكة بالأسلوب والمنهج الذي تحدثنا عنه، مشيدا بالرعاية الشاملة للعصر الذهبي الذي تشهده بلادنا اليوم ومنذ قيام الوحدة الوطنية التي تمت في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وتعهدها من بعد الأبناء رعاية وعناية وأمجادا حفظهم الله وأدام توفيقه لهم».