على الرغم من إسدال الستار على ملتقى "العقيق" الثقافي الذي نظمه نادي المدينةالمنورة الأدبي نهاية الأسبوع المنصرم، إلا أن بعض المعلومات والطروحات التي حفلت بها أوراق الملتقى ما زالت تدور حولها الأسئلة وربما تثير العديد من الآراء والردود خلال الأيام المقبلة. ومنها إحصائية مثيرة للاهتمام كشف عنها الباحث في معالم وتاريخ المدينةالمنورة الدكتور تنيضب الفايدي، مفادها أن طلاب التعليم العام لا يتعلمون عن تاريخ المدينةالمنورة وجغرافيتها سوى 5% فقط، وهو حسب الفايدي ما يمثل الدراسة النظرية في المقررات الدراسية، مطالبا وزارة التربية والتعليم ب"تخصيص جزء من تعليم الطلاب ميدانيا للتعرف على المواقع التاريخية بالمدينة". وأكد الفايدي "الذي كان مديرا للتعليم بمنطقة المدينةالمنورة" على أهمية "استثناء" مكةوالمدينة وبعض مدن المملكة التي تحوي في نطاقها الجغرافي مواقع تاريخية ومعالم أثرية في الخطط الدراسية، وذلك باقتطاع جزء من زمن الحصص النظرية للنزول الميداني على المواقع ومعرفة حدودها ومعالمها، مبينا أن التعليم الميداني يشكل أهمية بالغة لكي يتحقق الهدف المنشود وهو معرفة المواقع التاريخية وخصوصا الإسلامية. واستغرب الفايدي من "ترك عدد من المواقع التي ترتبط بتاريخ المدينة والسيرة النبوية دون اهتمام ومن بين تلك المواقع مسجد "الفسح" الذي يقع في جبل أحد في منطقة "شعب الجرار"، حيث لم يتبق منه سوى جزء يسير من جداره القبلي". وقال إن مسجد الفسح من المواقع التي صلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائه من غزوة أحد. ومن الأوراق الأخرى التي أثارت اهتمام الحاضرين ورقة علمية أخرى انتقد فيها الباحث "عميد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طيبة" الدكتور سليمان الرحيلي "أطلس طريق الهجرة النبوية" مؤكدا وجود بعض الأخطاء فيه محملا "مركز بحوث ودراسات المدينة الخطأ لعدم دقة رسم المواقع وإطلاق المسميات الصحيحة فيه من ناحية، وعدم الدقة العلمية؛ نظرا لصدورها من غير ذوي الاختصاص في هذا المجال من ناحية أخرى، ومن ناحية أوجه القصور والملحوظات التاريخية التي لاحظها الباحث في أطلس المدينةالمنورة"، وأشار الباحث إلى أن من الأخطاء التي تعتري الأطلس أن طريق الهجرة مر ب"ثنية الغاير" والموقع المحدد هو "ثنية ركوبة" وهذا هو المشهور عند المؤرخين بأن طريق الهجرة مر بها ولم يمر ب"ثنية الغاير" التي تقع شمال "ركوبة"، وأيضا جاء تحديد مسار طريق الهجرة في الخريطة الجيولوجية بأنه سلك سيل مجرى وادي العقيق بعد قرية "آبار الماشي"، والصحيح هو مسار الوادي على الخريطة الفضائية. ووجه الباحث في دعوة إلى جميع الباحثين والمؤرخين بضرورة "التأكد والتحقيق من تسمية الحرة الشرقية "حرة رهاط" وهي تسمية لا دليل على وقوعها حسب قوله ؛ لأن "حرة رهاط" تقع في وادي فاطمة وهي بعيدة جدا عن المدينة. أما المستشار بمركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة الدكتور عبدالباسط بدر، فذكر في ورقة له بالملتقى، أن المؤرخين وظفوا الشعر في حفظ تاريخ ومعالم المدينة، مؤكدا أن الشعر حفظ تاريخ ما نسبته 83% من المعالم والأحداث التاريخية في المدينةالمنورة. وقال بدر، إنه توصل إلى أن بعض المؤرخين استخدم هذا التوثيق الشعري للمعالم المدنية على قلة، ك"ابن زَبالة" و"ابن شبة"، ولم يستخدمه بعضهم الآخر ك"ابن النجار" و"المطري"، إلا أن "الفيروز آبادي" يعد من أكثر المؤلفين عن المدينة ومعالمها استخداما لمنهج توثيق المعالم بالشعر، ولم يسبقه أحد إلى تلك العناية، حيث وثق بالشعر ما نسبته 83% من معالم المدينة في الباب الخامس من كتابه، وركز على اسم المعلم المضبوط وحروفه وحركاته.