قفز حجم سوق تكنولوجياالمعلومات العالمية إلى 1.3 تريليون دولار في عام 2023، ارتفاعاً من 1.2 تريليون دولار في عام 2022، ومن المتوقع أنينمو القطاع بمعدل نمو سنوي مركب 9.7 % حتى عام 2030، مما يعني أن السوق مرشح لتحقيق إيرادات بقيمة 2.5 تريليون دولار بنهاية العقد الحالي، ويشهد السوق نموًا سريعًا مدفوعًا بعوامل مثل اعتماد السحابة على نطاق واسع في تقنيات الحوسبة والرقمية، وارتفاع الطلب على حلول الأمن السيبراني، والتركيز على الابتكار والأتمتة، فيما تؤدي المخاوف المتزايدة بشأن أمن البيانات وحماية الخصوصية إلى زيادة الطلب على خدمات تكنولوجيا المعلومات من الشركات عبر مختلف قطاعات الصناعة. يعتمد نمو السوق على الاتجاهات السائدة عالمياً، مثل زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وارتفاع الطلب على تحليلات البيانات وحلول البيانات الضخمة، والتركيز على إنترنت الأشياء والأجهزة المتصلة، وزيادة الحاجة إلى الامتثال للوائح الحكومية المتعلقة بخصوصية البيانات، ومع تزايد اعتماد الشركات والصناعات على التكنولوجيا، فإن مقدمي خدمات تكنولوجيا المعلومات سيستفيدون من هذا السوق المزدهر، وقد كان لجائحة كورونا تأثير إيجابي على السوق، حيث أدى التحول المفاجئ إلى العمل عن بعد إلى ظهور الحاجة الماسة إلى تكنولوجيا المعلومات التي تدعم نموذج العمل عن بعد، مما أدى إلى زيادة الطلب على الأدوات والبنية التحتية من شركات تكنولوجيا المعلومات. من جهة أخرى، شهدت الحوسبة السحابية نموًا كبيرًا، حيث قامت الشركات بترحيل عملياتها إلى السحابة، مما استلزم خدمات تكنولوجيا المعلومات لإدارة هذه البيئات وتأمينها، وعلاوة على ذلك، فقد أدى ارتفاع الهجمات الإلكترونية خلال العقد الماضي إلى زيادة الطلب على خدمات الأمن السيبراني، حيث سعت الشركات إلى حماية بياناتها وأنظمتها من التهديدات المحتملة، وبشكل عام، فقد سرعت الجائحة من الاعتماد على خدمات تكنولوجيا المعلومات والحلول التكنولوجية، وهو أمر إيجابي لنمو السوق. خلال السنوات الأخيرة، زادت حاجة الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، مما عزز من نمو السوق، خاصة التجارة الإلكترونية، وعلى سبيل المثال، نجحت الشركات الناشئة في تحقيق أرباح طائلة عبر تكنولوجيا المعلومات، مثل منصة طلب وتوصيل الطعام الهندية "سويجي"، ومقرها الرئيس في بنغالور، والتي تعمل في أكثر من 500 مدينة هندية، وتعتمد بشكل كامل على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، من جهة أخرى، تزود الشركات موظفيها بشكل متزايد بالأدوات الرقمية التي توفر تكاليف المعاملات على الشركات الصغيرة والمتوسطة، مما يخلق بالنهاية، فرصًا واسعة لتجارة الخدمات. تتيح الأدوات الرقمية سهولة وصول المستخدمين إلى مجموعة واسعة من الخدمات الضرورية، مثل الخدمات الحكومية والتدريب والتمويل وقنوات التوظيف، حيث تنتقل هذه الخدمات بسرعة إلى الإنترنت، وعلاوة على ذلك، فإن تبني الرقمنة يعزز ثقافة الابتكار، حيث يمكن للشركات الاستفادة من البيانات والتحليلات المتقدمة للحصول على رؤى جديدة لعملياتها، وتحسين الأداء والكفاءة، وبذلك، أصبحت الرقمنة عامل تمكين استراتيجي للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تمكنها من الازدهار في مشهد أعمال تنافسي بامتياز. تحتاج الشركات إلى الخدمات التكنولوجية بشكل يستحيل تصور خلافه، فهي تستخدمه في النظام العام، وإرسال الإيميلات، وحضور الاجتماعات التليفزيونية عن بعد، وهذه الخدمات تحسن عمليات الشركات ويدفع النمو، كما يمكن للشركات الاستفادة من الحلول المخصصة مثل استراتيجية الأمن والتخطيط، وتطبيقات الأنظمة والشبكات، وخدمات الأمن المدارة، ويؤدي تنفيذ هذه الحلول إلى تمكين الشركات من تبسيط العمليات وتحسين السلع والخدمات وتسهيل التوسع، بينما تلعب شركات تكنولوجيا المعلومات دورًا حاسمًا في مراقبة الأنظمة وتقديم المشورة الاستباقية لمعالجة المشكلات قبل تفاقمها، ويمنع هذا النهج الاستباقي أي توقف عن العمل، مما يعزز إدارة الشركات بشكل جيد. وفقاً لدراسة استقصائية حديثة أجرتها، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في باريس، فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة في كل العالم زادت من استخدام التكنولوجيا الرقمية بنحو 70 % منذ تفشي وباء كورونا عام2020، ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه خلال السنوات المقبلة، وتؤكد الدراسة أن 75 % من الشركات في المملكة المتحدة قد تحولت إلى العمل عن بعد على مدى فترة من الزمن، بينما استثمر حوالي ثلث الشركات في القدرات الرقمية الجديدة، في حين أقرت 55 % من الشركات الصغيرة والمتوسطة في البرازيل بتحسن العلاقات مع العملاء، ومرونة العمليات، واكتساب عملاء جدد بسبب الرقمنة. قاد قطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات التفاعلي السوق بقوة في عام 2023، إذ يمثل أكثر من 56 % من الإيرادات العالمية، مستفيداً من التعقيد المتزايد لأنظمة تكنولوجيا المعلومات، مما يجعل منع المشكلات أمرًا صعبًا، مما يدفع الشركات إلى اعتماد حلول تكنولوجيا المعلومات التفاعلية، بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع تكلفة التوقف عن العمل يدفع الشركات للاستثمار في مثل هذه الخدمات لتجنب خسائر الإنتاجية والإيرادات، بالإضافة لذلك، تعمل خدمات السحابة على تسهيل تنفيذ تدابير تكنولوجيا المعلومات التفاعلية من خلال إمكانات المراقبة والتنبيه وإدارة الحوادث، ولهذا، من المرجح أن يستمر نمو الطلب على خدمات تكنولوجيا المعلومات التفاعلية. تعطي الشركات والمؤسسات أولوية قصوى لحماية أصول تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها، والحفاظ على العمليات دون انقطاع أثناء المشكلات الفنية، وتبدو الفرصة مهيئة تماماً لنمو قطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات الاستباقية خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بعدة عوامل، منها تعقيدات أنظمة تكنولوجيا المعلومات، وتصاعد تهديدات الجرائم الإلكترونية، والرغبة في تحسين أداء تكنولوجيا المعلومات وسرعتها، وتلعب هذه الخدمات دورًا حاسمًا في مساعدة الشركات على تحديد المشكلات المحتملة وحلها قبل أن تؤدي إلى التوقف عن العمل أو فقدان البيانات، وتعزيز أمانها. استحوذت إدارة التطبيقات على إيرادات بنحو 31.5 % من إجمالي إيرادات تكنولوجيا المعلومات في عام 2023، حيث يمكن للشركات الاستفادة من التطبيقات في تعزيز أداء التطبيق وموثوقيته، وتقليل تكاليف الملكية، وتعزيز أمان التطبيقات، وزيادة القيمة الإجمالية لتطبيقاتها، فيما تلعب حلول إدارة التطبيقات دورًا محوريًا في مراقبة التطبيقات وتحسينها وصيانتها بشكل فعال، بالإضافة إلى تحسين الأداء والموثوقية، فيما استحوذ الذكاء الاصطناعي على حصة تتخطى 31 % من إيرادات القطاع في عام 2023، حيث تتبنى الشركات حلول الذكاء الاصطناعي بتكلفة معقولة، مما يسهل اكتشاف الاحتيال، والصيانة التنبؤية، بينما يؤدي الطلب القوي على الأتمتة إلى نمو تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تبسيط المهام، مثل خدمة العملاء، وتحرير الموارد البشرية لأدوار أكثر تعقيدًا. من المنتظر أن تسجل أسواق آسيا والمحيط الهادئ أسرع معدل نمو سنوي مركب يبلغ 7.4 % خلال السنوات المقبلة، وتصل الإيرادات في سوق خدمات تكنولوجيا المعلومات بالمنطقة إلى 304.7 مليارات دولار، وهي مرشحة لتحقيق 406 مليارات دولار بحلول عام 2030، ويعزى هذا التوسع إلى ارتفاع الإنفاق على التكنولوجيا من شركات آسيا والمحيط الهادئ، حيث تميل إلى دمج التكنولوجيا من أجل عمليات أكثر اتصالاً وفعالية وبساطة، وعلى سبيل المثال، تنفذ الحكومة الأسترالية منذ عام 2021 استراتيجية طموحة للاقتصاد الرقمي، باستثمارات تصل إلى 1.2 مليار دولار لضمان وجود بنية تحتية قادرة على التحول الرقمي، وتستهدف الحكومة الأسترالية تحقيق انتقال رقمي رائد بحلول 2030، بناءً على مهاراتها وبنيتها التحتية وقوانينها وأمنها السيبراني واستثماراتها في المجال الرقمي. هيمنت أميركا الشمالية على سوق التكنولوجيا في عام 2023، مستحوذة على أكثر من 36 % من الإيرادات العالمية، وخلال العام الماضي، وصل حجم سوق تكنولوجيا المعلومات في أميركا الشمالية إلى 550 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 953.2 مليار دولار بحلول 2030، ويستفيد القطاع في هذه المنطقة المهمة من التقدم التكنولوجي، ووجود المقرات الرئيسة لعمالقة التكنولوجيا العالميين، ومبادرات التحول الرقمي، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا في مختلف الصناعات، ويعد التنفيذ المتزايد للتقنيات الذكية وتضخم الاستثمار الأمني من العوامل الرئيسة التي تدفع الطلب على خدمات تكنولوجيا المعلومات في المنطقة، أما في أوروبا، فإن إيرادات تكنولوجيا المعلومات تبلغ 411.8 مليار دولار، ومن المتوقع أن تظهر الإيرادات معدل نمو سنوي بنسبة 6.3 %، مما يؤدي إلى زيادة حجم السوق الأوروبية إلى 526.2 مليار دولار بحلول عام 2030. وفي السعودية، تصل قيمة سوق تكنولوجيا المعلومات إلى نحو 81 مليار ريال (21.6 مليار دولار)، مع توقعات بوصوله إلى 103 مليارات ريال (27.4 مليار دولار) بحلول عام 2030، حيث يعد السوق السعودي أحد أكبر أسواق تكنولوجيا المعلومات في الشرق الأوسط، إذ يمثل 57 % من سوق الاتصالات، و53 %من سوق تكنولوجيا المعلومات، وعلى سبيل المثال، فقد اجتذب قطاع الحوسبة السحابية حوالي 16.5 مليار ريال (4.4 مليار دولار) إلى السعودية، بينما يستهدف برنامج "التقنيات العميقة" أكثر من 400 شركة بحلول عام 2030، لابتكار أكثر من 100 حل تقني جديد، وقد جعل هذا التطور الملحوظ من السعودية مقراً لأضخم الاستثمارات في تقنية الحوسبة السحابية. د. خالد رمضان