شهدت بعض دول شبه الجزيرة العربية هذا الأسبوع، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وعمان، هطول أمطار غزيرة في يوم واحد تجاوزت متوسط هطول الأمطار السنوي لديها. وأدت هذه الأمطار إلى حدوث فيضانات هائلة تسببت في بعض الخسائر البشرية. ويتوقع علماء المناخ أن تشهد هذه الدول المزيد من هذه الظروف المناخية الشديدة في المستقبل القريب. وفي هذا السياق، قامت مجموعة من العلماء في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) العام الماضي بنشر تقرير عن المناخ المستقبلي قدم تحليلاً شاملاً لتغير المناخ وتبعاته على شبه الجزيرة العربية. وفي حين أنه من المتوقع أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة شدة حالات الجفاف وتواترها بحيث تؤثر في الإنتاج الزراعي والغذائي، إلا أنه يُتوقع أيضًا أن تؤدي إلى زيادة الفيضانات المفاجئة مثل تلك التي شهدتها المنطقة هذا الأسبوع. كما يعزوا العلماء أسباب حدوث الفيضانات أيضًا إلى ارتفاع منسوب مياه البحر، التي تشكل تهديدًا للمدن كلها، وليس الساحلية فحسب، على سبيل المثال كانت الرياض من بين المدن التي تضررت من الفيضانات الأخيرة، حيث شهدت أكثر من 10 فيضانات خلال الثلاثين عامًا الماضية. بالإضافة إلى ذلك، تتنبأ النماذج الواردة في التقرير بأن الحد الأقصى السنوي لهطول الأمطار سيزيد بنسبة 33% قبل نهاية القرن في ظل سيناريو ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة. يشار إلى أن البنية التحتية في العديد من المناطق حول العالم غير مستعدة لمثل هذه الظروف المناخية الشديدة كما هو الحال في شبه الجزيرة العربية. وسيكون لذلك تبعات كبيرة على الحياة ليس فقط على مستوى الخسائر البشرية، بل أيضًا على الصعيد الاقتصادي من تعطل الطرق والخدمات وإلغاء الرحلات الجوية وغيرها. وقال الدكتور هيلكي بيك، الأستاذ المساعد في كاوست والمؤلف المشارك في هذا التقرير "تعاني منطقة الخليج العربي على نحو متكرر من هطول أمطار غزيرة لفترة قصيرة، مما يؤدي عادة إلى تشكل فيضانات مفاجئة تجري بسرعة عبر الأودية باتجاه البحر أو المحيط. ومع ذلك، فإن التوسع العمراني، الذي يقوده النمو السكاني المتسارع في هذه المنطقة أدى إلى تغيير مسارات تدفق المياه الطبيعية، مما يعيق في بعض الأحيان مرور مياه الفيضانات بكفاءة، ومن ثم يتسبب في خسائر في الأرواح وأضرار بالبنية التحتية والممتلكات، وإغراق أنظمة الصرف الصحي واحتمال تفشي الأمراض". يوجد في المملكة العربية السعودية 574 سدًا مصممة خصيصًا للحماية من الفيضانات المفاجئة، إلا أن مواصفاتها لم تأخذ في الحسبان ظروف تغير المناخ في المستقبل. لذلك، تعمل كاوست على تسخير خبرتها ومواردها البحثية في هذا المجال لدعم وزارة البيئة والمياه والزراعة في المملكة في جهودها لتحسين إدارة السدود الجديدة والحالية وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر بالفيضانات المفاجئة. يشار إلى أن كاوست تمتلك مجموعة استثنائية من بيانات الأقمار الاصطناعية الخاصة بالمحيطات والغلاف الجوي للمنطقة، كما يقدم مختبرها للحوسبة الفائقة، المصنف الأعلى في المنطقة من حيث الأبحاث العامة، قدرات غير مسبوقة لتحليل هذه البيانات. ومع استمرار الأبحاث الجديدة في تقديم رؤى جديدة تعود بالنفع على المنطقة والعالم، يخطط البروفيسور بيك وعلماء المناخ في كاوست لنشر تقرير مناخي جديد لمؤتمر الأطراف السادس عشر في الرياض في ديسمبر 2024.