رأى رئيس مركز التغير المناخي في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور منصور المزروعي، أن احتمالية هطول الأمطار على جدة مستمرة إلى نهاية يناير وفقا للمؤشرات الأرصادية ولا تشكل مخاوف على أهالي العروس. وأشار ل«عكاظ»، إلى أن نماذج توقعات الطقس غير قادرة حاليا بشكل كبير التوقع بحركة الكتل الهوائية المدارية والشبه مدارية (جنوب المملكة)، بينما الكتل الهوائية بخطوط العروض الوسطى (شمال المملكة) يكون تمثيلها والتوقع بحركتها أوضح في هذه النماذج. وأضاف «أن حدوث الأمطار المتطرفة وتكرارها يعتقد أنه أحد مؤشرات التغير المناخي، مع التنويه إلى أنه لا توجد دلائل علمية في الوقت الحاضر بعدم تكرارها مرة أخرى سواء على مدينة جدة أو أي مدينة أخرى من المملكة». وفيما يلي نص الحوار: • أوضحت المؤشرات الأرصادية إلى أن احتمالية هطول الأمطار على جدة قائمة إلى نهاية يناير المقبل، كيف تقيمون هذه المؤشرات وفقا لمركز التميز لأبحاث التغير المناخي في جامعة الملك عبد العزيز في جدة؟ الأمطار المتوقعة على جدة قائمة إلى نهاية يناير ولا تدعو للقلق، ولا توجد مؤشرات تدل على تطرف هذه الأمطار، ولكن هذه المعطيات لاتمنع من أخذ الحيطة والحذر، حيث إن نماذج التوقعات الفصلية التي يقوم مركز التميز لأبحاث التغير المناخي في الجامعة بتطويرها لايشير إلى وجود تطرف أو هطول أمطار غزيرة فوق المعدل، ويعتبر شهر فبراير نسبيا أقل الشهور مطرا على مستوى المملكة خلال موسم الأمطار الذي يمتد من نوفمبر إلى أبريل. التقلبات المناخية • أجواء المملكة تشهد بين فترة وأخرى تقلبات مناخية، ما أسباب ذلك؟ تباين التوقعات الجوية على المملكة ناتج عن موقع المملكة الجغرافي، حيث إنها تتأثر بعدد من أنظمة الطقس سواء من شمالها كمنخفضات البحر الأبيض المتوسط المتحركة من الغرب إلى الشرق أو من جنوبها كمنخفض البحر الأحمر المصاحب لكتلة هوائية حارة رطبة، والذي يتحرك من الجنوب إلى الشمال، وتلاقي هذه الأنظمة يسبب حالات من عدم الاستقرار التي قد تكون قوية ويصاحبها هطول أمطار، كما أن نماذج توقعات الطقس غير قادرة حاليا بشكل كبير التوقع بحركة الكتل الهوائية المدارية والشبه مدارية (جنوب المملكة)، بينما الكتل الهوائية بخطوط العروض الوسطى (شمال المملكة) يكون تمثيلها والتوقع بحركتها أوضح في هذه النماذج ومن ثم يكون التوقع بالطقس المصاحب لها أكثر دقة من المناطق المدارية. الاحتباس الحراري • وماذا عن الوضع المناخي في العالم، ولاسيما مع زحف ظاهرة الاحتباس الحراري؟ العالم يشهد تغيرا مناخيا ملحوظا وملموسا ظهر جليا في العقود الثلاثة الماضية، تمثل في ارتفاع درجات الحرارة وحدوث موجات جفاف وفيضانات في العديد من مناطق العالم، والجزيرة العربية ليست بمنأى عن هذه التغيرات، وفي العقد الأخير من 2000 2010م شهد العالم أعلى مستوى من ارتفاع درجة الحرارة، فيما شهدت جدة في يونيو 2010 أعلى درجة حرارة مسجلة في تاريخها بلغت 52 درجة مئوية، كما أن الجزيرة العربية بشكل عام عانت موجة جفاف خلال العقدين الماضيين، وفي الآونة الأخيرة ظهرت بعض الظواهر المناخية المتطرفة ومنها هطول أمطار متطرفة على مدينة جدة في موسمين متتاليين وهذا غير المعتاد مناخيا، وذلك وفقا لمرصد جامعة الملك عبدالعزيز، حيث بلغت الكمية 111 ملليمترا. أمطار غزيرة • هل يعني أن الكمية 111 ملليمترا هو خروج عن التوقعات؟ إن حصول أمطار غزيرة في مفهومنا العام وخصوصا على منطقتنا التي تتصف بأنها جافة أو شبه جافة، هو أن تكون الأمطار بين 40 إلى 50 ملليمترا، وأن حصول هطول للأمطار بهذه الكميات وفي فترة زمنية قصيرة جدا لايحدث إلا في دول ذات معدلات مطرية عالية أو نتيجة للأعاصير المدارية، ولكن يعتقد أن حدوث هذه الأمطار المتطرفة وتكرارها يعتقد أنه أحد مؤشرات التغير المناخي، علما بأنه لا توجد دلائل علمية في الوقت الحاضر بعدم تكرارها مرة أخرى سواء على مدينة جدة أو أي مدينة أخرى من المملكة. التغيرات المناخية • يقودني السؤال السابق إلى معرفة مدى تأثر المملكة مستقبلا من التغيرات المناخية التي يشهدها العالم؟ العديد من الدراسات المناخية المستقبلية التي تعدها الجامعة من خلال مركز التميز لأبحاث التغير المناخي تشير إلى دلائل، بأن المناطق الشمالية من المملكة سوف تشهد حالات جفاف، بينما تشهد الأجزاء الجنوبيةالغربية منها مناخا ممطرا، وهناك مؤشرات أن السواحل الجنوبية للجزيرة العربية تجاه عمان واليمن سوف تشهدان أعاصير مدارية، كما لوحظ أن المناطق الساحلية من البحر الأحمر قد تشهد مستقبلا هطول أمطار غزيرة. سياسات وطنية • هل نحن بحاجة إلى سياسات وطنية لدراسات التغير المناخي؟ نعم هناك حاجة ماسة إلى خطة وطنية متكاملة لدراسات التغير المناخي وتأثيراته وانعكاساته على المملكة، واقترح عمل سياسات وطنية منشودة للحد من آثار التغير المناخي على المجتمع والبيئة تتمثل في: إجراء الدراسات العلمية المعمقة للتغير المناخي وتقييم آثاره، والتعرف على المناطق والفئات المجتمعة الأكثر هشاشة وأكثر عرضة للآثار السلبية للتغير المناخي، وذلك من خلال المراكز البحثية والجهات ذات العلاقة، مطالبا بتقديم الدعم والمساندة لكافة البحوث والدراسات في هذا المجال، وعمل استراتيجيات للتكيف مع آثار التغير المناخي والتي يمكن إعدادها من جميع الجهات الحكومية والخاصة وضرورة تبني هذه الجهات سياسات للتكيف مع التغير المناخي على المستوى القصير والطويل المدى، والعمل بها ومنها الاهتمام بزيادة الدفاعات ضد الفيضانات وبناء السدود الصغيرة واستغلال مناطق تخزين المياه بما فيها النظم الطبيعية وتحسين البنية الأساسية الخاصة بتجميع وتوزيع المياه، وعمل منظومة إنذار مبكر تشترك الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة فيه، بحيث تعطي تحذيرات آنية للتغيرات في الطقس والمناخ من خلال إنشاء محطات رصد جوي وبحري في الخليج العربي والبحر الأحمر، وتغطية المملكة بمنظومة شبكة رادارية لتتبع حركة وكميات الأمطار بصورة آنية، وزيادة الوعي الإعلامي للمواطنين والمقيمين من خلال جميع وسائل الإعلام المقروءة والمرئية.