الغاية القصوى في نعيم الآخرة والدرجة العليا من العطايا العظيمة لأهل الجنة وأفضل ما يعطى لهم رؤية وجه الله الكريم ورضاه عنهم والنظر إلى وجه الله تعالى هو من المزيد الذي وعد الله به المحسنين (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) [ق: 35]، (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) [يونس: 26]، وقد فسرت الحسنى بالجنة والزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم: (إذا دخل أهل الجنة وأهل النار نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئاً أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة)، فعن الحسن قال: نظرت إلى ربها فنضرت بنوره، وقال عكرمة: (وجوه يومئذ ناضرة) [القيامة: 22]، قال: من النعيم (إلى ربها ناظرة) [القيامة: 23]، قال: تنظر إلى ربها نظراً، ثم حكى عن ابن عباس مثله. وهذا قول المفسرين من أهل السنة والحديث، وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها وفي رواية طولها ستون ميلاً، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمنون، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)، ورؤية الله سبحانه وتعالى رؤية حقيقية لا كما تزعم بعض الفرق التي نفت رؤية الله تعالى بمقاييس عقلية باطلة وتحريفات لفظية جائرة، وقد سئل الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة عن قوله تعالى: (إلى ربها ناظرة) [القيامة: 23] فقيل: إن قوماً يقولون: إلى ثوابه. فقال مالك: كذبوا، فأين هم عن قوله تعالى: (إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) [المطففين: 15]، قال مالك: الناس ينظرون إلى الله يوم القيامة بأعينهم، وقال: لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعبر الله عن الكفار بالحجاب. (الجنة والنار / عمر سليمان، مواقع مداد)