قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. صلاح البدير إن الدنيا دار البليات والآفات والتنغيص، يقاسى فيها العبد طلب المعيشة والكد والتعب وعروض الآفات والأسقام والمصائب ومعاشرة الأضداد وتزيين الشيطان وأهل الفساد، ودعا الجواد الكريم الرحيم العظيم عباده المؤمنين إلى جنته ودار كرامته دار السلام والنعيم دار خالصة عن الغموم والهموم والأحزان والأكدار سالمة من المنفرات والآفات ((والله يدعو إلى دار السلام)). وأضاف في خطبة الجمعة أمس من المسجد النبوي في المدينةالمنورة: لا يخشون فيها خوفاً ولا هماً ولا صخباً ولا نصباً ولا يخافون فيها فقراً ولا ديناً ولا إخراجاً ولا انقطاعاً ولا فناءً وما هم منها بمخرجين، من يدخل الجنة ينعم لا يبأس، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه، ويناديهم مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشيبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، ويقال: يا أهل الجنة، خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. وتابع الشيخ البدير: تدخل عليهم الملائكة وتفد عليهم الملائكة وتسلم عليهم الملائكة وتهنئهم الملائكة، سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، فما أعظم هذا التقريب والتكريم في دار السلام، وإن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة؟ فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك؟، فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً. وقال: أما رؤية الله في الجنة فتلك الغاية التي شمر إليها المشمرون، وتنافس فيها المتنافسون، وحرمها الذين هم عن ربهم محجوبون، وعن بابه مطرودون قال الله تعالى: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ))، وعن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عدن". وأردف إمام وخطيب المسجد النبوي: فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول: يا أهل الجنة، فيكون أول ما يسمعون منه تعالى: أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني؟ فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة: قد رضينا فارضا عنا، فيقول: يا أهل الجنة إني لو لم أرضَ عنكم لم أسكنكم جنتي، هذا يوم المزيد فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة أرنا وجهك ننظر إليه فيكشف الرب جلا جلاله الحجب ويتجلى لهم فيغشاهم من نوره، وينسون كل نعيم عاينوه لولا أن الله تعالى قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تعالى محاضرة، حتى إنه ليقول: يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا وكذا -يذكره ببعض غدراته في الدنيا-، فيقول: يا رب ألم تغفر لي، فيقول: بلى، بمغفرتي بلغت منزلتك هذه. Your browser does not support the video tag.