ذكر المستشرق الهولندي كرستيان سنوك هور خرونيه في كتابه «صفحات من تاريخ مكة» عن عادات المكيين في شهر رمضان خلال القرن الثالث عشر الهجري، والذي يبدأ الناس فيه بتجهيز أنفسهم بداية شهر الصوم، وتصبح الأسواق حيوية بعد سماع أصوات العيارات النارية، ويتفنن التجار في صناعة أطباق الحلوى الرمضانية التي يتناولها الصائمون في وجبة السحور للتحضير للصيام، تصبح الأسواق حيث يجتمع الناس لشراء الطعام والزيتون والتمور والتين، وقبل المغرب يبدأ الناس في الاستعداد للإفطار يتجمعون حول بئر زمزم وينشرون السجادات ويجهزون الجرات المملوءة بالماء البارد، حيث توضع جرة واحدة لكل خمسة أشخاص توضع أيضًا بعض الجرات الخاصة التي تحتوي على ماء محلي أو ماء المطر أو ماء من العيون وذلك حسب رغبة الجالس يدخل الصائمون إلى المسجد عبر أبواب الحرم التسعة عشر، وكل شخص يحمل حقيبة صغيرة أو سلة مليئة بالطعام، ويحجز الناس أماكنهم في المسجد في انتظار لحظة الإفطار يصعد «الريس» إلى الطابق العلوي الذي يحيط ببئر زمزم ويشير بالعلم إلى القلعة، حيث ينتظر الجنود لإطلاق المدافع إشارة لبدء الإفطار، يصبح الصوت المميز للأذان مسموعًا من كافة أرجاء المسجد، ويبدأ الناس في شرب الماء من الدوارق والاستمتاع بالأطعمة والمشروبات. بعد الأذان يقدم الناس الشكر والتهاني لبعضهم البعض بمناسبة الإفطار، ويتواصل الاحتفال في الشوارع حيث يتجمع الناس للترحيب بشهر رمضان ويتبادلون الهدايا والحلوى وتستمر الأنشطة الاجتماعية والثقافية خلال شهر رمضان في مكة، حيث تُقام العديد من الفعاليات الدينية والثقافية مثل المحاضرات والدروس الدينية والمسابقات القرآنية، يتجمع الناس في المساجد لأداء الصلوات والذكر والتلاوة وفي السهرة يتجمع الناس في المقاهي والمطاعم لتناول وجبات الإفطار والسحور يتمتع الصائمون بتناول الأطعمة اللذيذة والمشروبات الباردة لإعادة تعويض الطاقة التي فقدوها خلال النهار، تتواصل هذه الأجواء الاحتفالية طوال شهر رمضان في مكة وتزداد الحركة والحيوية في الأيام الأخيرة من الشهر تمهيدًا لعيد الفطر، يحتفل الناس بعيد الفطر بالصلاة في المساجد والتباهي بأجمل الملابس وتبادل التهاني والزيارات الاجتماعية. (صفحات من تاريخ مكةالمكرمة / ك. سنوك هورخرونيه)