يشهد وطننا الغالي تحولًا هائلًا وتسارعاً كبيراً نحو تعزيز مكانة التقنية وتحفيز الابتكار في إطار رؤية السعودية 2030 الطموحة المدفوعة برغبة قوية في تنويع الاقتصاد وتقليص الاعتماد على النفط وإرساء أسس اقتصاد معرفي، هذه العملية التطويرية أسفرت عن تنمية شاملة وتحول حضاري في مختلف جوانب حياتنا بشكل يضاهي دول العالم المتقدم ويسعى لإرساء دعائم مجتمع المعرفة ويعزز مكانته كمركز تقني رائد على مستوى المنطقة والعالم. بدأت هذه الجهود بتطوير البنية التحتية الرقمية وتحسين شبكات الاتصالات وتوسيع نطاق الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة في جميع أنحاء المملكة، كما شملت بناء مراكز بيانات متقدمة وتطوير الخدمات السحابية لدعم القطاعات الحكومية الخاصة، بالإضافة الى إنشاء حاضنات ومسرعات أعمال تقنية وصناديق استثمارية، وتوفير الدعم المالي والتقني والتوجيهي للمبتكرين والشركات الناشئة وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال بوصفها محركات للنمو الاقتصادي، بالتالي أسفر هذا النهج عن ظهور شركات ناشئة ناجحة في مجالات متنوعة تشمل التقنية المالية، الصحة الإلكترونية، التعليم الرقمي، الذكاء الاصطناعي، وانتشار تقنيات حديثة أخرى كإنترنت الأشياء، الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة. وبات علينا اللحاق بركب التقنية الحديثة التي اندمجت بشكل عميق في ممارساتنا اليومية الى أن أصبح مصطلح "تك" Tech "اختصار تكنولوجيا" ماض معنا في جميع مجالات حياتنا، على سبيل المثال القطاع المالي ارتبط به مفهوم (Fintech)، اختصارا لتقنية المال (Finance + Technology)، ومثله في القانون (Legaltech)، في الأنظمة (Regtech)، في التأمين (Insurtech)، في الاستدامة (Greentech)، في الصحة (Healthtech)، في الغذاء (Foodtech)، في الزراعة (Agritech)، وفي التسويق والإعلان (Madtech/AdTech)، أيضا في التعليم Educationtech. ومما يدعو إلى الفخر ضمن هذا السياق إطلاق هيئة تقويم التعليم والتدريب مؤخرا مقياس "ألف ياء" الرقمي للذكاء بالتعاون مع وزارة التعليم الذي يعد أول مقياس عربي رقمي يقيس الذكاء العام، ويعكس جهود المملكة الحثيثة نحو تطوير التعليم، بشكل يعتمد على منهجية اللعب الإلكتروني ومواكبته للعصر الرقمي، ليقدم نهجًا جديدًا ومبتكرًا في تقييم الذكاء والمهارات المرتبطة بالموهبة والاحتياجات الخاصة وتشخيص الاضطرابات المختلفة مثل اضطرابات التعلم، الانتباه، التوحد وغيرها، مع مراعاة الخصوصية الثقافية والبيئية للمنطقة. كما يعتبر هذا المقياس سبقًا مهمًا في التقييم والكشف عن الموهوبين وتوجيه الطلاب نحو التخصصات التي تتناسب مع مهاراتهم وقدراتهم، وتقديم الدعم النفسي والتعليمي اللازم لذوي الاحتياجات الخاصة والمساهمة في تكاملهم الاجتماعي والأكاديمي، اضافة الى تقييم القدرات الذهنية والأكاديمية للطلاب في مراحل التعليم المختلفة، مما يساعد في توجيههم إلى المسارات العلمية والمهنية التي تتناسب مع مهاراتهم واهتماماتهم، وبالتالي تعزيز مشاركتهم الفعّالة في سوق العمل والإسهام في التنمية الوطنية. مجال التقنية في وطننا الحبيب يعتبر محورًا أساسياً في رؤية المستقبل الذي يؤدي إلى تحسين كبير في جودة الحياة والخدمات العامة، إضافة إلى أن الاستثمارات الضخمة في مجال التقنية وتطبيقاتها دافعة على الابتكار ويسهم في بناء اقتصاد رقمي قوي، ويعد نموذجاً يحتذى به من قبل الدول الأخرى نحو تحقيق تحول اقتصادي واجتماعي شامل يعكس التزام المملكة الراسخ بالابتكار والتطور نحو مستقبل مستدام ومزدهر.