كشف الرئيس التنفيذي لشركة «عرب نت» عمر كريستيديس أن القطاع الرقمي في المملكة، يلقى اهتماماً كبيراً من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مبيناً أن رؤية السعودية 2030 ركزت على هذا القطاع والكثير من برامجها تقوم عليه. واستدل كريستيديس على أن اهتمام الدولة بهذا القطاع بوجود إدارات معنية بالتحول الرقمي في الوزارات والجهات الحكومية المختلفة.. وشدد على أن الشركة تقيم حدثاً كبيراً مهماً في المملكة من خلال ملتقى «عرب نت الرياض»، الذي يحضره الآلاف من المديرين والمسؤولين إلى جانب الآلاف من رواد الأعمال؛ مؤكداً أنهم سيدخلون أسواقاً أخرى غير التي يعملون بها الآن، وموضحاً أن إستراتيجية الشركة تقوم على الابتكار والتطوير، هذا وأكثر ستجدونه في ثنايا حوارنا معه: لكم حضور طاغ فيما يخص القطاع الرقمي في الشرق الأوسط، كيف تنظرون لهذا السوق؟ - منذ أن بدأنا عملنا في عام 2010م حدث نمو كبير لقطاع تقنية المعلومات في العديد من الأسواق، حيث زاد عدد الشركات بمعدل 10 أضعاف في بعض الأسواق، وبلغ أجمالي عدد الشركات الناشئة أكثر من عشرة ملايين، بينما قدر إجمالي استثمارات بأكثر من 1 مليار دولار. وفي الماضي كان التركيز على الاتصالات، بينما هناك اليوم مجالات تركيز أخرى مثل التقنية المالية (fintech) وتقنية الأطعمة (foodtech) وتقنية الإعلانات (adtech) وغيرها. وتضع العديد من الحكومات في المنطقة أولويات للبرامج التي تركز على تنمية هذا القطاع، مثل الصندوق الوطني الكويتي والهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص لدى الحكومة السعودية تفويض هائل للتحول الرقمي. فهي الآن، تمشياً مع أهداف رؤية 2030م، تستثمر بكثافة في مجال تحويل النمو الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد على النفط ودعم الابتكار، كما أنها تضخ مليارات الدولارات في البنية التحتية العالية التقنية، وفي تنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية لتعزيز القطاع الرقمي وتيسير ممارسة الأعمال التجارية. وتهدف المملكة العربية السعودية إلى بناء نفسها كمركز مشجع لرواد الأعمال، سواء على المستوى العام والخاص. فمنذ أكثر من عقد من الزمان ظل برنامج بادر لحاضنات التقنية مركزا لدعم الشركات الناشئة، وساعدت مئات الشركات على النمو، ودعمت الاقتصاد السعودي بأكثر من 2 مليار ريال سعودي. وتأسست الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة منذ 3 سنوات فقط، ورغم ذلك كان لها تأثير هائل على قطاع الأعمال، وخاصة في مجالات دعم إنشاء ساحات وأسواق العمل المشترك، وزيادة مهارات مؤسسي الشركات السعوديين، وبناء ثقافة ريادة الأعمال، كما أنها أطلقت الشركة السعودية للاستثمار الجريء في عام 2018م، بتمويل بقيمة 1.33 مليار دولار. وتهدف الحكومة أيضاً إلى زيادة مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي من 20 % إلى 35 % بحلول عام 2030م. وتقدر قيمة قطاع التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمبلغ 8.3 مليار دولار أمريكي، وظل ينمو بمعدل نمو سنوي قدره 25 %. وتمتلك المملكة العربية السعودية أكبر حصة في السوق بنسبة تتجاوز 30 %. تجدر الإشارة أيضا إلى أن 68 % من السكان ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقضي هؤلاء المستخدمون ما متوسطه ساعتان و50 دقيقة في استخدام الشبكات الاجتماعية يومياً، كما أن استهلاك الفيديو عبر الإنترنت مرتفع للغاية، حيث يشاهد 95 % من مستخدمي الإنترنت مقاطع الفيديو عبر الإنترنت كل شهر، وأكثر من نصفهم (52 % منهم) يشاهدون محتوى البث التليفزيوني، و12 % منهم يشاهدون دورات الرياضات الإلكترونية. وباختصار، نستطيع القول: إن الحكومة ملتزمة بالوفاء بوعدها، وأن شركات القطاع الخاص تصعد وتيرة أنشطتها، ومستثمرو الشركات جاهزون، كما أن مناخ الأعمال قد تغير بانضمام النساء بشكل متزايد إلى القوى العاملة (20.5 %)، وأن قاعدة المستهلكين المحليين والمشترين هي الأكبر في المنطقة، ما يعني أن جميع عناصر النجاح متوفرة لتحكي قصص نجاح هائلة في مجال تقنية المعلومات، وأن الوقت قد حان للقفز على متن الطائرة. ماذا عن جهودكم للفترة المقبلة؟ - مع تطور الصناعة الرقمية أدركنا أن نقاط القوة الأساسية لدينا هي معرفتنا الواسعة في مجال الصناعة الرقمية، وقدرتنا على الوصول إلى أكبر وأوسع مجموعة من الخبراء وصناع القرار الرقميين، وإلى الفرص. ومع توسع الصناعة على مدى السنوات العشر الماضية حدث تحول في القطاع بانتقال التقنية من أقسام تقنية المعلومات إلى مجالس الإدارات، التي أصبحت تولي أولوية لإستراتيجيات الابتكار والرقمنة. ولتلبية احتياجاتهم أنشأنا شعبتي الأفكار وبرامج الابتكار، وركزنا على تنمية هاتين الشعبتين خلال المرحلة المقبلة. وتتعاون شعبة الأفكار مع العملاء لوضعهم في موضع قادة الأفاكر بتزويدهم بالمطبوعات والبحوث، بينما يغوص المحتوى المتخصص الذي نقدمه في التقنيات المزعزعة واتجاهات الشركات الناشئة، ويوفر إرشادات لصانعي القرار، مع أدوات مثل مقالات الرأي والتقارير ودراسات الحالة وغيرها. وعبر شعبة برامج الابتكار نتعاون مع شركائنا لوضع التصورات عن أنشطة الابتكار المصممة خصيصا لهم، مثل الهاكاثونات ومسابقات الشركات الناشئة وبرامج الحضانة لمدة عام كامل. ومع تزايد اهتمام الشركات بالابتكار وإنشاء الشركات يهمنا أن نساعد على بناء جسور جديدة وابتكار قنوات دعم جديدة، مثلما فعلنا عندما بدأنا عملنا. أخيراً أرى أن عرب نت أصبح أكثر انخراطاً مع صانعي السياسات في المنطقة. فقد طورنا علاقات قوية مع صانعي القرار الحكوميين الذين يركزون على الابتكار والرقمنة، وظللنا ندعمهم بالبيانات والتحليل، بالإضافة إلى تقديم المشورة واقتراح الحلول. كذلك دأبنا على دعوة القيادات الحكومية من جميع أنحاء المنطقة إلى منتدى السياسات الرقمية، حيث يمكنهم تبادل الخبرات والممارسات لبناء اقتصاد رقمي مزدهر. تعملون على تنظيم مؤتمرات سنوية في عدد من الدول، كيف ترونها.. وما هي الأهداف المستقبلية لذلك؟ - لطالما كانت رؤية عرب نت هي تحفيز النمو في صناعة تقنية المعلومات من خلال كونها منصة للمعرفة والتواصل تجمع بين صانعي السياسات الحكومية وقادة الشركات العاملة في المجال والشركات الناشئة والمستثمرين لإطلاق العنان للفرص الجديدة في هذا القطاع. وفي هذا الإطار نشير إلى أن معرض «عرب نت الرياض» هو الحدث الأكبر والأكثر تأثيراً في مجال الصناعة الرقمية والابتكار في المملكة، ذلك لأنه يجمع الآلاف من صناع القرار والمبتكرين للتواصل وتبادل الأفكار. ونسبة لتزايد أهمية المملكة العربية السعودية كمحور لرواد الأعمال، ومع تدفق الشركات الناشئة من جميع أنحاء المنطقة للعمل في المملكة، فإن «عرب نت الرياض» هو المنصة المثالية للانخراط مع الأسواق الرقمية الكبرى الأسرع نمواً في المنطقة، وسوف تكون المنصة المثالية لفهم ما يتطلبه الأمر لدخول السوق السعودية والعثور على الشركاء أو المستثمرين المناسبين والتواصل مع العملاء المحتملين. وسيجمع الحدث أكثر من 250 من الخبراء والمتحدثين من جميع أنحاء العالم، مع مسارات كاملة للبرمجة تغطي مجموعة من المواضيع في 5 منتديات: فهناك مسار «الإلهام السعودي»، الذي يركز على الشركات الناشئة والاستثمار في شركات تقنية المعلومات، ويضم كبار المستثمرين العالميين من وادي السيليكون والمملكة المتحدة وسنغافورة وهونغ كونغ وفرنسا والنمسا والمكسيك ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وسيشمل المسار أيضاً قادة سعوديين ملهمين، منهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، رئيس الاتحاد العربي السعودي للرياضات الإلكترونية والفكرية (SAFEIS) واتحاد الرياضات الإلكترونية العربية.وهناك المسار الإعلاني، الذي يهتم بالوسائط الرقمية وقطاع الإعلان، بمشاركة متحدثين كبار من مجموعة «أم بي سي» وسناب وفيسبوك وتيك توك وفايس ميديا ومجموعة الشلهوب و»أو أم دي: و»دي أم أس» وستارزبلاي وغيرها. وسيتناول مسار «فنفيرس» الخدمات المصرفية الرقمية والتقنية المالية، بمشاركة متحدثين مؤكدين، منهم ريان الفايز، المدير التنفيذي ومدير عام البنك السعودي الفرنسي، وسامي الرويثي، الرئيس التنفيذي الرقمي لسامبا، وستيفن موناغان، نائب الرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية الرقمية في بنك الرياض، وأندرياس سكوبال، الرئيس التنفيذي الرقمي ببنك الخليج الدولي. أخيراً، سوف يستعرض منتدى مديري المعلومات أفضل الممارسات نحو التحوّل الرقمي على مستوى الحكومات والمؤسسات، وسيضم كبار المسؤولين الاقتصاديين والمديرين التنفيذيين من الشركة الوطنية للمياه وشركة ألامار الغذائية والبنك العربي الوطني، بالإضافة إلى خبراء من شركة آي بي أم (IBM) وماستركارد وغيرهما. هل المؤتمرات أحدثت أثراً يلبي طموحاتكم في السوق السعودي؟ - بالتأكيد، كلنا في عرب نت نشعر بالفخر عندما نسمع الناس يتحدثون عن تأثير عرب نت عليهم. وبمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لإنشاء الشركة تواصلنا مع جميع خريجينا الذين شاركونا في برامجنا وكتبوا تقارير عن تأثير الشركة عليهم، ونحن فخورون بأن خريجينا قد واصلوا أنشطتهم لتوظيف أكثر من 650 شخصاً. ولدينا الكثير من قصص الإلهام لنرويها. فقد التقى الدكتور عبدالله إلياس، المؤسس المشارك لشركة كريم، بمؤسسها المشارك مدثر ومؤسسها المشارك مانجوس في أراب نت دبي في عام 2013م. وشارك كل من «هنجر ستيشن» و»نون أكاديمي»، في أول حدث لأراب نت بالرياض، ومضت «هنجر ستيشن» لتصبح رائدة السوق في مجال توصيل الوجبات الغذائية في المملكة العربية السعودية، بينما استطاعت «نون أكاديمي» جمع 8.6 مليون دولار في وقت مبكر من هذا العام، ما يعد أكبر حصيلة جمعتها شركة ناشئة مجال التقنية الأكاديمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولدينا العديد من القصص المشابهة الأخرى من جميع أنحاء المنطقة. في السعودية أنتم ذاهبون إلى أين؟ - يعتبر عرب نت الرياض حالياً أكبر مناسبة في مجال تقنية المعلومات في المملكة. وقد ظل ينمو بشكل مطرد على على مدى السنوات الماضية. وفي المناسبة المقبلة، التي ستقام الأسبوع المقبل، سينتقل المعرض إلى مكان جديد، وهو مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، لاستيعاب أكثر من 6000 من الحضور وأكثر من 150 مستثمراً وما يزيد على 300 من الشركات الناشئة في أكبر معرض لمبادرات تقنية المعلومات في المملكة. وكما ذكرنا سابقاً، سيجمع عرب نت الرياض أكثر من 250 من الخبراء والمتحدثين من جميع أنحاء العالم، مع مسارات كاملة للبرمجة تغطي مجموعة من المواضيع. وعلاوة على ذلك فإن برنامج هذا العام مليء بالمبادرات والنشاطات المتنوعة التي تجمع قادة ورجال أعمال ملهمين وناجحين من خلال عدد من الأنشطة مثل: الحلقة الأكاديمية، التي تعقد فيها ورش العمل حول ريادة الأعمال والتسويق والتجارة الإلكترونية؛ وحلقة النساء الرائدات، التي تضم جلسات نقاش وتدريب تشارك فيها عدد من المديرات التنفيذيات الناجحات، من أمثال أمل دخان، الرئيسة التنفيذية للمملكة العربية السعودية في الشبكة العالمية لريادة الأعمال، وأضوى الدخيل، مؤسسة فلك للأعمال والاستثمار، وولاء نحاس، نائبة الرئيس للتسويق في يسر؛ وصالة المستثمر، وهي سلسلة من الاجتماعات بين الشركات الناشئة وكبار المديرين التنفيذيين في الشركات؛ وحلقة سوالف الرياضية، التي تجمع رجال أعمال سعوديين وخليجيين ناجحين للتفاكر حول تجاربهم، بمن في ذلك مؤسسو أكاديمية نون ومرسول ويونت إكس وكويود، الذين دشنوا حملة لجمع الأموال نجحت في تجميع ملايين الدولارات. كم هو حجم الاستثمار الرقمي في المملكة؟ - شهدت المملكة العربية السعودية طفرة في استثمارات الشركات الناشئة في السنوات القليلة الماضية. كان الدافع وراء ذلك جزئياً الرؤية 2030، التي تهدف إلى تحويل المملكة من الاعتماد الاقتصادي على النفط تجاه ريادة الأعمال والابتكار كمحركات للنمو الاقتصادي، عبر تشجيع الاستثمار في الشركات الناشئة والاستثمار فيها. ويمثل رفع معدل الإسهام الحالي للشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي من 20 % إلى 35 % بحلول عام 2030م أولوية قصوى للمملكة. وفي عام 2019م، شهدنا عدداً من الاستثمارات الكبيرة، بما في ذلك استثمار بقيمة 8.6 مليون دولار في أكاديمية نون برئاسة مشتركة بين شركة «رائد فنتشرز» وشركة «سعودي تكنولوجي فنتشرز»، ما يمثل أكبر حصيلة تمويل على الإطلاق تجمعها شركة ناشئة في مجال تقنية التعليم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ونجحت «نانا دايركت»، وهي منصة بقالة على الإنترنت، في جمع 6.6 مليون دولار بقيادة مشتركة بين «ميدل إيست فينشر بارتنرز وإمباكت 46. كذلك حصلت يونت أكس، وهي شركة ناشئة في مجال الحوسبة الفائقة ولدت من رحم جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا (KAUST)، على مليوني دولار من صندوق الابتكار في جامعة الملك عبدالله وصندوق وعد التابع لشركة أرامكو السعودية. ويأتي هذا في أعقاب استثمارات كبيرة في عام 2018م، بما في ذلك جولة استثمار تلفاز التي جمعت 9 ملايين دولار وحملة تمويل يونيفونيكس الضخم التي جمعت 21 مليون دولار. وتعد الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إحدى الكيانات الرئيسية العاملة في مجال تطوير وتنمية قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. ومن الخطوات الرئيسية التي اتخذتها الهيئة تأسيس الشركة السعودية للاستثمار الجريء في عام 2018م، بتمويل قيمته 1.33 مليار دولار. وفي عام 2018م أيضا بدأت الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية (SAGIA) في منح تراخيص للمستثمرين بوتيرة متسارعة، وأطلقت مبادرة لاجتذاب رؤوس الأموال العالمية. وفي نهاية عام 2018م، أطلقت الهيئة أيضاً رخصة أعمال مدعومة لجذب الشركات الناشئة إلى المملكة.