يقدم لنا ريتشاردسون رحالة الصحراء الكبرى نظرة عن تجربته وتفاعله مع المجتمع المحلي في هذا الشهر الكريم في أول أيام رمضان، لاحظ ريتشاردسون أن شوارع غدامس في ليبيا كانت خالية تمامًا من المارة حيث كان الناس لا يزالون نيامًا أو ملتزمين بالبقاء في منازلهم. كانت لدى ريتشاردسون وجهة نظر مادية حول الصوم حيث اعتبره باطلاً طالما كان الناس يأكلون في الليل وينامون معظم النهار قارن ذلك بالمسيحيين الذين يصومون عن الطعام ليلاً نهارًا ومع ذلك لاحظ أن الصوم في غدامس ظاهرة شاملة حيث يصوم الشيوخ والشباب والأغنياء والفقراء وأنه يوجد مشاعر دينية قوية ترافق هذا الصوم بالإضافة إلى ذلك كان من الملفت للنظر أنه لم يكن هناك أي شخص غير صائم في سن الصوم. في إحدى الأيام حضر ريتشاردسون حفلًا دينيًا في منزل الرايس حيث تلاوة آيات من القرآن الكريم وإقامة مجالس للذكر والتقى ريتشاردسون بأحد الفقهاء الذي شرح له وقت السحور والإمساك وأن تحديد وقت الإمساك كان مسؤولية الفقهاء لفت انتباه ريتشاردسون أن سكان غدامس كانوا يمارسون العبادات الدينية بشكل منتظم خلال رمضان بما في ذلك أداء الصلوات الخمس وقراءة القرآن، كما لاحظ أن الصيام يعزز الانتماء الاجتماعي والروحي بين الناس حيث يشاركون وجبات الإفطار والسحور معًا ويزورون بعضهم البعض لتبادل التهاني والتمنيات في هذا الشهر الكريم، بالإضافة إلى ذلك قدم ريتشاردسون بعض الملاحظات حول الرموز والتقاليد التي يتبعها المسلمون في غدامس خلال رمضان على سبيل المثال لاحظ أن الأضواء المزينة والفوانيس فيها تضفي جوًا احتفاليًا على الشوارع والمنازل كما رأى الناس يتبادلون الهدايا والتبريكات في هذا الشهر. في نهاية تجربته خلص ريتشاردسون إلى أن رمضان في غدامس هو وقت مميز يمزج بين العبادة والتضامن الاجتماعي والتركيز على الروحانية أبدى إعجابه بروح المحبة والسلام التي ينعم بها المسلمون خلال هذا الشهر واحترامه لتفانيهم في ممارسة الصيام والعبادة بصبر وتفانٍ وقد أثرت هذه التجربة في نظرته للصيام والثقافة الإسلامية بشكل عام. (كتاب السفر إلى المغرب، المؤلف/ جيمس ريتشاردسون)