عند حلول شهر رمضان المبارك، يتأهب أهل مكةالمكرمة للإتيان بعمرة من حِل الجِعرانة، المكان المشهور عندهم، بوصفها أفضل مواقيت العمرة من مكة؛ لإحرام النبي صلى الله عليه وسلم منها، وارتبط هذا الموقع بأحداث السيرة النبوية العطرة حين وزع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم بعد معركتي حُنين وأوطاس بها، وأحرم منها للعمرة بعد غزوة الطائف في السنة التاسعة من الهجرة. وأبرز المعالم فيها مسجد الجعرانة ويبعد نحو 25 كم عن الحرم المكي من ناحية الشمال الشرقي، ويبعد عن طريق السيل الطائف نحو 10 كم، وبئر ماؤها شديد العذوبة، وسبب تسميتها بالجعرانة نسبة إلى امرأة من قريش يقال لها «رائطة» ولقبها الجعرانة، وكانت تغزل فإذا أرمت غزلها نقضته، على الرغم من تعبها على الغزل وعلى النقض، إلا أنها لم تستفد سوى الخيبة وسفاهة العقل، وقال العباس رضي الله عنها: إنها هي التي نزل فيها قوله تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة}. وقد عُثر في عدد من الصخور على مجموعة من النقوش الإسلامية المبكرة، ربما لشخصيات زارت هذا المكان للإحرام منه، أو ربما للقاطنين فيها من أهلها. أما عن اعتمار أهل مكة فإنهم يكثرون الاعتمار منها في رمضان ويتخذون منها متنزهًا لما في مائها عذوبة، وفي هوائها نقاء يُنعش الأبدان، ولكون الجعرانة من أهم مواقيت العمرة لأهل مكة أمرت الحكومة السعودية بإعمار مسجدها على الطراز الحديث في سنة 1421ه، وكانت هذه العمارة على مساحة قدرت بألف مترًا مربع ليستوعب نحو 600 مصل، واشتملت هذه العمارة على جميع الخدمات الإنسانية التي تُسهل للمعتمرين والزوار إحرامهم بأسهل وأفضل الطرق، جزاها الله خير الجزء. *باحثة دكتوراة في التاريخ