انتعشت القيمة السوقية لقطاع التمور العالمية إلى مستوى قياسي بلغ 29.4 مليار دولار في عام 2023، فيما يتوقع أن تحلق السوق المزدهرة من 31 مليار دولار في العام الجاري إلى 49.1 مليار دولار بحلول عام 2030، وذلك بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.7%، ويعود زخم النمو والمكاسب السوقية في القطاع إلى الصورة الذهنية الطيبة المنتشرة عن التمر، والتي تعتبر ثمرة صحية توجد في أشجار النخيل المزروعة في المناطق الاستوائية، وتعد بديلاً مثالياً للسكر الأبيض، لأنها حلوة بشكل طبيعي، من جهة أخرى، تعتبر التمور من أقدم المأكولات الشهيرة في العالم العربي والشرق الأوسط، وهناك عدة عوامل تدعم الطلب العالمي على التمور، وفي مقدمتها الاتجاه الناشئ لتناول الوجبات الخفيفة الصحية، مثل البسكويت بالتمر والحلويات والمخابز المرتبطة بالتمر، حيث تحتوي التمور على عناصر غذائية صحية وحيوية مضادة للالتهابات، وتحتوي أيضاً على كمية كبيرة من الألياف الخام، بالإضافة إلى قوة الطلب من الصناعات التحويلية، والتي تزيد من مكاسب السوق. توفر التمور الطازجة مجموعة متنوعة من الفوائد الصحية، فهي مصدر جيد للفيتامينات والمعادن مثل الكالسيوم والحديد والفوسفور والصوديوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم والزنك، كما أنها تساهم بالألياف في النظام الغذائي وتساعد على الوقاية من سرطان المعدة، ومن ثم، يؤدي الوعي المتزايد بالفوائد الصحية لاستهلاك التمور إلى تعزيز وارداتها في جميع أنحاء العالم، وعلاوة على ذلك، تزايدت أيضاً المبادرات الحكومية لتلبية الطلب العالمي على التمور، وعلى سبيل المثال، أطلقت السعودية في عام 2022، مبادرة رقمية لتشجيع التمور على مستوى العالم، ودشن المركز الوطني للنخيل والتمور رسمياً منصة التمور السعودية المبتكرة، وهي سوق إلكترونية ملائمة وفعالة للتواصل بين الشركات من أي مكان في العالم، حيث يمكن للمشترين من أي مكان شراء التمور بكميات كبيرة من البائعين في المملكة. تقيد الأنظمة الصارمة في القطاع، والآفات والأمراض المتعلقة بالنخيل، والمخاطر الجيوسياسية نمو السوق، لكن، زيادة وعي المستهلكين بالفوائد الصحية للتمور يبقى الداعم الأكبر للسوق، حيث يتمتع التمر بملف غذائي ممتاز، فهو مصدر غني بالفيتامينات والمعادن، بما في ذلك الحديد والبوتاسيوم وفيتامين ب والنحاس والمغنيسيوم والألياف، ويعد أيضاً مصدراً جيداً لمضادات الأكسدة، خاصة الكاروتينات والفينولات، فضلاً عن أن التمر هو طعام شعبي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وعلامة مهمة على حسن الضيافة والكرم، ويقدم بشكل اعتيادي لتحية الضيوف مع القهوة العربية. وفقًا لقاعدة البيانات التجارية ITC Trade Map، فقد كانت الهند الدولة الأكثر استيرادًا للتمور في عام 2023، حيث بلغ حجم الواردات 475 ألف طن، فيما تحتل ترينيداد وتوباجو المركز الثاني في واردات التمور بواردات بلغت حوالي 177 ألف طن متري، بينما تعد إندونيسيا مستورداً رئيسياً آخر للتمور في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، من جهة أخرى، يتزايد استهلاك التمور في الدول الأوروبية، وفي مقدمتها فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وهولندا، في الوقت الذي يبحث فيه المستهلكون الأوروبيون عن بدائل صحية للوجبات الخفيفة التي يمكن أن تحل محل الوجبات الكاملة، ويتحول المستهلكون الأصغر سناً من الحلويات والوجبات الخفيفة من الشوكولاتة إلى الخيارات منخفضة السكر مثل التمر، وبالنظر إلى هذه العوامل، من المتوقع أن يشهد سوق التمور نمواً كبيراً خلال السنوات القادمة. السعودية الرائدة عالمياً في إنتاج التمور تعد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا أكبر أسواق التمور على مستوى العالم، وتهيمن السعودية والإمارات والعراق ومصر وتونس وإيران على تجارة التمور في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتعد السعودية الرائدة عالمياً في القطاع، وهناك إمكانات كبيرة لزيادة مساحة إنتاج النخيل لتلبية الطلب المحلي والخارجي المتزايد، حيث تتصدر المملكة المركز الأول عالمياً في صادرات التمور، وقد ارتفعت صادراتها من التمور 14% في 2023، بقيمة إجمالية 1.4 مليار ريال، وتذهب الصادرات السعودية إلى 119 دولة، من جهة أخرى، تؤدي المهرجانات الشعبية إلى زيادة مبيعات التمور، وعلى سبيل المثال، في القصيم، يتم الاحتفال سنوياً بمهرجان بريدة للتمور، حيث يتم بيع نحو 300 ألف طن متري، وتسويق منتجات حوالي 11 مليون نخلة، إذ تجذب هذه المهرجانات والأنشطة التراثية المصاحبة قطاعاً كبيراً من تجار وعشاق التمور في الدول المجاورة، مما يؤدي إلى زيادة الاستهلاك. تعتبر سهولة الهضم ضمن العوامل المؤثرة التي تجعل من التمور بالغة الأهمية، مما يسمح للجسم باستخدام عناصرها الغذائية بشكل كامل، ومن المعروف أن التمر يحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم، ويمكن أن توفر حصة واحدة حوالي 20٪ من احتياجات الألياف الغذائية، وهي متوفرة طوال العام في المملكة، وغالباً ما تستخدم لصنع العصائر، ولذلك، ستغذي العوامل الإيجابية نمو السوق خلال العقد الحالي، ويتم جمع التمور لحلاوتها، حيث تبقى غذاءً أساسياً منذ آلاف السنين في جميع أنحاء العالم، وخاصة في مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا، ولهذا، تعتبر ثمرة التمر فريدة من نوعها في الدول الإسلامية، ويتم تقديمها بشكل تقليدي على موائد الإفطار لكسر الصيام خلال شهر رمضان المبارك، كما يتم تقديمها أيضاً في تحية الضيوف والمناسبات، ويبلغ الطلب على التمور ذروته خلال الشهر الفضيل، مما يؤدي إلى ارتفاع الواردات العالمية. يمكن لمنتجي التمور في المملكة تسويق تمورهم الفاخرة والصديقة للبيئة من خلال تطبيق أساليب الزراعة المستدامة والعضوية، ويجذب هذا التميز جزء من السوق الراغب في إنفاق المزيد على خيارات غذائية صحية ومنتجة بشكل أخلاقي، حيث أصبح المستهلكون أكثر فضولاً بشأن أصول أغذيتهم وعمليات الإنتاج مع تزايد أهمية شفافية سلاسل الإمدادات الغذائية، بينما تعزز ممارسات الزراعة المستدامة والعضوية الثقة وتعزز ولاء العملاء من خلال إظهار التفاني في الزراعة الأخلاقية والتقنيات المستدامة وخيارات الطعام الصحية، وتشمل الأساليب المستدامة والبيئية الحفاظ على المياه، واستخدام مواد كيميائية أقل، وإدارة الأراضي بشكل جيد، ويمكن لمثل هذه الإجراءات أن تعزز مرونة صناعة التمور على المدى الطويل من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية، وبالتالي دفع إيرادات سوق التمور. يسعى اللاعبون الرئيسيون في سوق التمور بالسعودية إلى زيادة الطلب من خلال الاستثمار في عمليات البحث والتطوير، ويشمل سوق التجزئة في التمور، محلات السوبر ماركت، والمتاجر المتخصصة، والبيع عبر الإنترنت، وتسيطر فئة محلات السوبر ماركت على السوق بشكل تقليدي، حيث تتمتع قنوات التوزيع التقليدية بشبكة متاجر كبيرة وإمكانية الوصول بسهولة إلى مجموعة واسعة من المواد الاستهلاكية، بما في ذلك التمور، في مكان واحد مناسب، وتوفر محلات السوبر ماركت عادةً مجموعة واسعة من أنواع التمور، بدءاً من الخيارات المعروفة إلى الاختيارات المتخصصة مثل الحلاوي والعجوة، فيما تعمل محلات السوبر ماركت مع علامات تجارية معروفة للتمور لزيادة ثقة المستهلكين، من جهة أخرى، من المتوقع أن يتسارع نمو مبيعات التمور عبر الإنترنت خلال عام 2024، وما يليه، حيث يمكن هذا الخيار، المستهلكين من شراء التمور من منازلهم بسهولة، باعتبار أن منصات الإنترنت توفر راحة لا مثيل لها، بالمقارنة مع المتاجر الكلاسيكية التي تلبي احتياجات العملاء، وكثيراً ما يروج البائعون عبر الإنترنت لمجموعة أكبر من أنواع التمور، وبأسعار أقل من المتاحة في المتاجر. يؤدي الطلب المتزايد على المواد الغذائية المستندة إلى صناعة التمور مثل الوجبات الخفيفة المختلفة وزيت نواة النخيل إلى زيادة الطلب داخل قطاع تجهيز الأغذية، ويعزز ارتفاع عدد السكان المهتمين بالصحة، والواعين بشأن الفوائد الصحية لاستهلاك التمر، زيادة الطلب الإجمالي على سوق التمر العالمي، علاوة على ذلك، فإن العمر الافتراضي الطويل وإدخال النكهات والتركيبات الجذابة ذات المحتوى الغذائي تعد استراتيجية مثالية يستخدمها اللاعبون في السوق لزيادة الطلب في السوق، ومع ذلك، فإن مخاطر آفات وأمراض التمور والمنافسة مع البدائل تعتبر تحدياً رئيسياً أمام نمو السوق، ومن المنتظر أن تقود أمريكا الشمالية سوق التمر بسبب ارتفاع الطلب من صانعي الوجبات الخفيفة، ومنتجي الأغذية الوظيفية، فيما من المتوقع أن تتوسع منطقة آسيا والمحيط الهادئ بمعدل نمو كبير بسبب ارتفاع الوعي الصحي وزيادة الطلب على الأطعمة المغذية، من جهة أخرى، تؤدي زيادة نصيب الفرد من الإنفاق الاستهلاكي في الدول الناشئة والمتقدمة إلى زيادة الطلب على منتجات المخابز والحلويات، مما يعزز مبيعات التمور في السنوات المقبلة، فضلاً عن زيادة الاستثمارات الحكومية، ودعم الشركات الزراعية المنتجة للتمور.