حسم بطولات بأهداف لا تتكرر.. وتحمل خشونة المدافعين برحيل الأمير ممدوح بن سعود بن عبدالعزيز (1372- 1445ه) بعد معاناة طويلة مع المرض.. طوى تاريخنا الرياضي صفحة مضيئة لواحد من ألمع نجوم النصر في عصره الذهبي الأول.. مهاجم هداف ارتبط اسمه مع بدايه شق (فارس نجد) طريق البطولات الكبرى على مستوى المملكة عام 1393ه / 1973م، إذ كان سموه -رحمه الله- بجانب الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز -رمز الأهلي- اللاعبين الوحيدين من أبناء الأسرة المالكة الكريمة اللذين لعبا في صفوف الأندية السعودية من خلال النصر والأهلي في حقبة التسعينات الهجرية. ولأن الحديث عن تاريخ وإنجازات النجم الراحل الأمير ممدوح بن سعود يحتاج إلى أكثر من صفحة.. إذ نشرنا في عدد الجمعة الماضية (الجزء الأول) من رحلة هذا النجم الكبير مع الكرة الذي اعتزل في أوج عطائه بداعي الإصابة ثم مر بمعاناة مرضية خلال السنوات ال15 الماضية. ونواصل اليوم الحديث عن سيرته وكشف المزيد من أوراقه التاريخية عبر حوار «الرياض» الخاص مع قائد النصر السابق والمدرب الوطني المعروف الكابتن ناصر الجوهر، الذي كان واحداً من أقرب اللاعبين النصراويين إلى قلب النجم الراحل. ممدوح بن سعود نجم لا يتكرر في البداية يؤكد الجوهر أن الأمير الراحل كان له دور كبير في دعم مسيرة فريق النصر خصوصاً في بداية صعوده المنصات وتحقيقه البطولات منذ موسم 1393ه / 1973م، وقال: «كان للأمير ممدوح بن سعود -رحمه الله- أثراً إيجابياً وسط زملائه بتواضعه وحسن تربيته وخلقه الرفيع، لم يكن يشعرنا أنه أحد أفراد الأسرة المالكة الكريمة، وهذا التواضع في شخصيته جعله محبوباً من اللاعبين ويقدره الكل، فلا تشعر أنك تلعب بجانب أمير يداعب الكرة كلاعب مع فريقك في وسط الملعب لبساطته وتعامله المثالي، حتى مع الخصم كان تعامله في قمة البساطة ويتمتع بأخلاق عالية، كان صديق الجميع». في مجلسه تذوب كل الميول وبعد المباراة يفتح مجلسه لكل اللاعبين على مختلف انتماءاتهم، فيجتمعون في قصره بحي الشميسي ويتناولون طعام العشاء على مائدته ويتسامرون في جو أسري رياضي جميل تذوب فيه كل الميول، مجسداً الروح الرياضية في أسمى معانيها. لعب في أكثر من مركز أما اللاعب ممدوح من الناحية الفنية، فقد ساهمت موهبته الكروية في تمكينه من اللعب في مراكز عديدة فلعب كرأس حربة ثانٍ، وكنا نتعاون كثيراً في كل خانة، ولعب في مركز الوسط، وعلى الطرف كجناح، لكن وجوده كان أكثر فاعلية كرأس حربة، فكان مهاجماً سجل أهدافاً مميزة في مباريات قوية أمام فرق ثقيلة فنياً بنهائيات البطولات قبل أكثر من نصف قرن، ولا أبالغ إذا قلت أعتبره من أفضل اللاعبين الذين مروا على نادي النصر، وحتى مع المدربين كان نجماً محبوباً ومطيعاً لتوجيهاتهم يضعونه نصب أعينهم في خططهم ويطلبون أشرطة لمبارياته فيجدون فيه لاعباً مميزاً ينفذ ما يطلب منه في الملعب. نجم مثالي يتقبل التعليمات لقد كان الأمير ممدوح لاعباً مثالياً إلى أقصى درجة في الملعب، وكل كباتنة النصر الذين عاصرهم ولعب تحت قيادتهم أمثال أخي الأكبر سعد الجوهر وسعود أبو حيدر -رحمهما الله-، ثم تقلدت شارت القيادة من بعدهما وكان الأمير الراحل يتقبل منا كل شيء من تعليمات وإرشاد، وحتى في التوجيه كان من اللاعبين الذين تعتمد عليهم في تنفيذ ما تطلبه بصفتك ككابتن. مهاجم منقذ بأهدافه سألت المدرب الوطني القدير ناصر الجوهر عن السر الفني في إشراك ممدوح بن سعود في مباريات النصر بالشوط الثاني بدلاً من اللعب أساسياً، فرد قائلاً: «كان مدرب النصر يعتمد عليه كمهاجم منقذ بأهدافه في حالات صعبة يكون الفريق فيها عاجزاً عن التسجيل للرقابة المفروضة على أبرز مهاجميه أمثال محمد سعد والدنيني فيدفع به المدرب لاستغلال هذه الرقابة، ونجح ممدوح بهذا الأسلوب بالتسجيل أكثر من مرة فور نزوله للملعب لذكائه وحسن تقديره وتمركزه السليم في المواقع الأقرب للمرمى مع إجادته قراءة نقاط ضعف الدفاع والحارس المقابل. إضافة إلى ذلك كانت تمارينه مخصوصة من الناحية اللياقية والبدنية من واقع قياسات معينة للمدربين في اختيار الوقت المناسب لإشراكه وغالباً ما يكون بالشوط الثاني فيكون حضوره الفني والبدني واللياقي أفضل من إشراكه منذ البداية. ومن خلال تلك المقاييس الفنية التي ظهر أثرها الإيجابي والتهديفي على المهاجم ممدوح في مباريات كثيرة، ولهذا يفضل أن يكون احتياطياً، وهذا لا يعني أنه لم يلعب بعض المباريات أساسياً رغم أن صفوف النصر كانت تزخر بنجوم عديدة. تحمل خشونة المدافعين من الجوانب الفنية الرائعة في المهاجم ممدوح تقبله وتحمله الضغط عليه من مدافعي الفرق التي كنا نواجهها سيما في الأدوار النهائية مثل دفاع الوحدة والأهلي في تلك الحقبة، وكان الأمير ممدوح يتعرض للإصابة في الملعب حاله كحال أي لاعب آخر من زملائه، وكان يتحمل الخشونة من مدافعي الفريق المقابل ويتجنب مجاراة الخصم في أساليبها، ولهذا كان -رحمه الله- من النجوم المميزين الذين تعتمد عليهم. بروشتش آخر مدربيه قبل اعتزاله وبسؤال قائد النصر السابق عن المدربين الذين أشرفوا على تدريب زميله الراحل ممدوح بن سعود، أجاب: «أتذكر منهم المدرب السوداني (ترنه) والمصري ميمي عبدالحميد ومواطنه محمود أبو رجيلة والسوداني حسن خيري واليوغسلافي بروشتش الذي كان آخر مدرب أشرف عليه في مباراته الأخيرة بنهائي كأس الملك 1396ه / 1976م الذي كسبناه أمام الأهلي (2/0)، وصنع ممدوح فيه الهدف الثاني لزميله سعد السدحان. وبعدها اعتزل وكان في أوج عطائه الفني بالعصر الذهبي الأول لنادي النصر، وجاء اعتزاله نتيجة إصابات عديدة لحقت به، فقل عطاؤه في الأيام الأخيرة التي سبقت إعلانه الاعتزال وحرص على توديع الملاعب بذكرى جميلة لما قدمه من إنجازات للنصر كان آخرها كأس الملك. ساعد لاعبي النصر بسيارات وذكر الكابتن ناصر الجوهر أن للنجم الراحل وقفات نبيلة مع زملائه اللاعبين المعوزين مادياً في تلك الفترة وقال: «كما تعرف لاعبي تلك الفترة كانوا هواة بلا مرتبات ولا عوائد مادية مجزية، فكان الأمير ممدوح بن سعود كريم اليد وقريباً منهم، حتى أنه اشترى سيارات لعدد كثير من اللاعبين بجانب حرصه على معالجة مشكلات لاعبي النصر الذين يلجؤون إليه لحل معضلاتهم». إطلاق اسمه على صالة النادي وفي ختام حديثه ل(الرياض) تمنى الجوهر من إدارة النصر تقدير اسم اللاعب المخلص ممدوح بن سعود بتكريم يليق بما قدمه من عطاء وإنجازات لناديه بإطلاق اسمه على إحدى صالات النادي وتوضع فيها مجموعة صوره مع كؤوس بطولات النصر التي ساهم في تحقيقها، وأضاف قائلاً: «مثل هذا التكريم المعنوي أقل ما يقدم لنجم مخلص ضحى من أجل النصر وخدمه بكل صدق ووفاء ودعم النادي حتى مادياً في مراحل سابقه فضلاً عن استمرارية خدماته لناديه بعد الاعتزال من خلال عمله كمشرف إداري للفريق في فترة ذهبية أخرى حقق فيها النصر المزيد من البطولات أبرزها كأس الملك للمرة الخامسة 1407ه، رحمه الله رحمة واسعة». الأمير ممدوح بن سعود -رحمه الله- بشعار النصر القديم 1390ه الأمير ممدوح متوجاً بكأس الملك 1407ه ويظهر في الصورة الأمير سلطان بن عبدالعزيز والأمير فيصل بن فهد -رحمهم الله- ممدوح مع كأس الشهداء وزميله عبدالرحمن القباع -شفاه الله- 1389ه اللاعب ممدوح بن سعود «الثالث من اليسار وقوفاً» مع النصر وكؤوس الملك وولي العهد و الدوري التصنيفي ويظهر الامراء عبدالرحمن و نايف وعبدالعزيز بن سعود1396ه النجم الراحل في السادسة من عمره 1378ه الأمير ممدوح في صغره مع بعض لاعبي الحارة ويظهر نجم الشباب السابق فهد بن بريك «الأول من اليسار جلوس» كأس ولي العهد 1393ه مع سعد الجوهر وإلى جانبه الأمير ممدوح وناصر الجوهر صورة نادرة تنشر لأول مرة للملك سعود وبين يديه نجله الأمير ممدوح -رحمهما الله- بعد ولادته عام 1372ه ويقف إلى جانب برواز الصورة الأمير الراحل الكابتن ناصر الجوهر مع المحرر قائد النصر ناصر الجوهر مع كابتن الهلال محسن بخيت 1395ه