في ذكرى يوم التأسيس أقيمت أمسية ثقافية بعنوان «في يوم التأسيس أمجادُ وطنٍ تتجدد» أقامتها جمعية الأدب بمقهى «أشجار كافيه» تحت مظلة مبادرة الشريك الأدبي متمثلة بهيئة الأدب والنشر والترجمة، مستضيفة الدكتور خالد الحافي والأستاذ عبدالله الحسني والشاعرة ربيعة الذيابي، وأدار الحوار الأستاذ خالد الداموك. بدأت الأمسية بتقديم خالد الداموك رحّب فيه بالحضور الكريم قائلاً: «حضورنا الكريم.. في ليلة للتاريخ للمجد الأغر، حضورنا الكريم.. تحيات وترحاب بكم، في أجمل لقاء يجمعنا بكم، مجدي إلى مجدك ينتمي وطني، وذكرك سائغ وطني، وقدرك شامخ وطني، فديتك بالدم، كالشهد ينضح في فمي، كالشمس فوق الأنجم». بعدها تحدث الدكتور خالد الحافي مستعرضاً تاريخ التأسيس، وأشار إلى اعتماد يوم 22 فبراير بعد صدور الأمر الملكي الكريم في تاريخ 24 /6 /1443ه، والذي ينص على الاحتفاء في كل عام بذكرى تأسيس الوطن السعودي باسم (يوم التأسيس) ويكون إجازة رسمية بهذه المناسبة الوطنية التي يستعيد فيها الوطن منشأ جذوره الراسخة ابتداء من عام (1139ه/1727م)، حيث قيّض الله لهذا الوطن الإمام محمد بن سعود آل سعود وأبناءه من بعده إلى عصرنا الراهن، متخذاً من الدرعية عاصمة ومنطلقاً له، وأضاف: «هذا الحدث التاريخي العظيم لم يمر في ذاكرة التاريخ مرورًا عابرًا وإنما كانت له تجليات واضحة في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية». بعدها انتقل الحديث للزميل عبدالله الحسني الذي وجه شكره لجمعية الأدب التي جعلت هذا اللقاء فرصة جميلة لنحتفي سوياً في هذا اليوم العظيم بيوم تأسيس هذه الدولة السعودية منذ أكثر من ثلاثة قرون؛ حيث قامت على العدل والمساواة بعد أن أسسها محمد بن سعود، هذا الإمام العظيم، وأضاف: «من يتتبع هذه الشخصية أو قصة تأسيس الدولة السعودية الأولى يعتريه الذهول والإعجاب في الوقت ذاته؛ فهو حدث تاريخي أشبه بالمعجزة؛ فلنا أن نتخيل أنه من بلدة صغيرة كالدرعية التي تأسست على قريتين هما المليبيد وغصيبة، ثم أصبحت لاحقاً عاصمة للدولة السعودية الأولى»، ولفت الحسني إلى أن المؤسس يحمل فكراً رؤيوياً، وكان يحمل هاجساً مُلحّاً ألا وهو تأسيس دولة، ومضى الحسني في استعراضه لهذا الحدث التاريخي، كما أشار إلى أن هذا المؤسس العظيم كان بعيد الهِمّة والطموح، وكان لديه مشروع وحدوي عظيم واستطاع أن يقيم هذه الدولة بعد مسيرة كفاح وعطاء، ولفت الحسني إلى أن الأمر الملكي الذي دعا للاحتفاء بهذا اليوم التاريخي من شأنه أنه يعزز لدينا الانتماء والهوية، ويشعرنا بأن الدولة هذه لم تكن طارئة بل تجاوزت ثلاثة قرون. الشاعرة ربيعة الذيابي أمتعت الحاضرين وألهبت حماسهم ببعض القصائد الوطنية الجميلة منها قصيدة «وطن العلا»: يا روحُ إني في عيونِكَ أجملُ وأنا وذاتي في غرامِكَ نَحفلُ أتلوكَ في كفَّ الثُّريا قصةً وطنُ العلا بينَ النُّجومِ يُرتَّلُ ماذا يريدُ الشِّعرُ حينَ يزورُني إذ في عيونِك َ سحرُهُ يَتمثلُ لي في هواك َ حكايةٌ مرويةٌ مِنْ قبلِ أنْ ألقاكَ كانتْ تُنقَلُ لَملمْتُ أوردتي لأعزفَ نغمةً قربانَ عينيكَ الجميلةِ تَكمُلُ أنا والذي رفعَ السَّماءَ بحسنِها لثراكَ أسجدُ عاشقاً وأُجَندَلُ وطني أحبُّكَ لا سبيلَ لخافقي إلا هوىً في قِبلتَيكَ يُسَلسَلُ يا موطنَ الأمجادِ حسبُكَ رفعةً أنَّ الهُدى في حُرمَتيكَ مُنزلُ يا مالكَ الأكوانِ باركْ مَوطنًا يُتلى بهِ القرآنُ وهْوَ الموئِلُ اقرأْ فإنَّكَ سوفَ تخترقُ المَدى اقرأْ بلا عجزٍ فأنتَ المَنهَلُ واهْدرْ فما بلغَ الطغاةُ بحشدِهِمْ إلَّا القبورَ وكلُّنا لكَ جَحفلُ الصَّمتُ فيكَ تفكرٌ ببلاغةِ الآياتِ، والذِّكرُ الحكيمُ مُرتَّلُ تبقى عظيماٌ آمنًا يا موطني للعاكفينَ وحبُّهُمْ بكَ يكمُلُ ومضت الشاعرة في إلقاء القصائد وسط إعجاب وتصفيق من الحضور، بعدها فتح باب المداخلات حول التأسيس وقيمته، وغيرها من الأسئلة التي عرجت على العديد من القضايا الثقافية الراهنة. ثلاثة قرون تحكي مسيرة فخر واعتزاز وقيم متوارثة وفي رد للزميل الحسني حول الثقافة ودور الرؤية في إنعاشها أشار إلى أن الرؤية أحدثت تغييراً مجتمعياً وثقافياً وسياسياً عظيماً، وأنها رؤية ممتدة ومنسربة في جميع مناحي الحياة وليس على المستوى الثقافي أو الاقتصادي أو الاجتماعي فقط؛ فهي متناغمة ومتحركة في جميع الاتجاهات في وقت واحد، وأضاف: «وبالنسبة لي كعامل في الحقل الثقافي أعتقد بأن الثقافة كانت جزءاً من التحول الوطني الرهيب، وأن سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان عندما دشن وزارة الثقافة كوزارة مستقلة قال إننا سنعمل ونبرز موروثنا ومخزوننا التراثي، خاصة أن المملكة العربية السعودية هي ملتقى ثلاث قارات، وفيها تنوع وكنوز تاريخية ومعرفية وفيها فنون أدائية وتنوع في التضاريس والجغرافية المختلفة فلدينا الجبال ولدينا البحر ولدينا السهول ولدينا الصحراء الشاسعة، وقد استطاعت وزارة الثقافة أن تلم هذا الشتات المتنوع، وكما نعلم فإن الجهود كانت فيما سبق متوزعة في وزارة الإعلام والثقافة، فما كان لها ذاك العمل المؤسسي، ولكن عندما أصبحت وزارة الثقافة جزءاً من هذا التحول رأينا كيف أنها عملت بنهج تشاركي مع المبدعين في البلد واستطاعت أن تسهم في تمكينهم من خلال الأنظمة والتشريعات التي نظّمت كل حقول الثقافة، منوهاً بهذا العهد الزاهر الذي يشكّلُ الشغفُ والطموح وتوارث القيم الناظم الأهم لها على امتداد تاريخها. بعدها ألقى رئيس جمعية الأدب الدكتور صالح زياد الغامدي كلمة استعرض من خلالها جهود سفراء الجمعية والدور الثقافي الذي يسعون من خلاله إلى مد الجسور بين جميع مبدعي المملكة وتقديم جهد ثقافي يتواكب مع الرؤية الطموحة التي تعيشها بلادنا والحراك الذي شمل الوطن بأكمله، بعدها سلم رئيس الجمعية الدروع التذكارية للمتحدثين. عوضة الدوسي ومحمد الغامدي في مداخلتين حول التأسيس وآفاقه د. صالح زياد وكلمة عن أدوار الجمعية وسفرائها المتحدثون واستعراض مسيرة التأسيس ومدير الأمسية خالد الداموك جانب من الحضور لقطة جماعية عقب الأمسية