تختلف منطلقات الأشخاص وتصوراتهم عن الأشياء والمواقف وردود الفعل. تتباين التصرفات وفقًا للتقييم الخاص للماهية، وسياق الأحداث.. وتتغير الاعتبارات من شخص لآخر، حتى مع تكرار الظروف والمعطيات والأطر. البديهي، أو ما يمكن وصفه بهذه الكيفية، غير متفق عليه. كل ما هو ليس قانونيًا يظل فضفاضًا، وقابلًا لبناء سيناريوهات متعددة، ويكون التقييم بناء على خلفيات الأشخاص وخبراتهم. الثوابت الشخصية صلبة لدى البعض، في حين هي غير ذلك لدى كثيرين. تقف الفئة الأولى، وهي الأقلية، على أرضية الوضوح والامتحانات المتعاقبة.. بينما تنطلق الأغلبية من منصة التعاطي الوقتي، وفقًا لما تمليه عليهم الحالات، وقد لا تتشابه سلوكياتهم كل مرة. تعتمد الشريحة الأولى على أمرين مهمين: الأول (القيم الذاتية)، وهي مجموعة القيم المتبناة، المبنية على قناعات عميقة، وتمثل الملامح الأساسية للشخصية، أو ما ترغب أن تكون عليه. لكل شخص طريقته وشروطه وأولوياته، في بناء منظومة القيم.. بعض هذه القيم تتقاطع مع المجموعة الأكبر والمجتمع، وبعضها لا تشبهه. تتطور القيم وقد تتغير، وأحيانًا تصل إلى الضد، وهذا مرهون بالمرونة وقابلية الاستجابة والتغيير. الأمر الثاني: (القرارات المحسومة)، وتعني ضمان تشكل الآراء بشكل ناضج وصلب تجاه القضايا والمشكلات الأساسية، ونسج منهجية واضحة المعالم للتعامل مع مستجدات هذه الملفات. وهذا يتطلب رحلة طويلة من التأمل والتفكير، والبحث والمقارنة والشك، وملاحقة ما يطرأ عليها.. ومراجعتها كل فترة واختبارها. كلا الأمرين بحاجة لثقة كبيرة، وجدية في الرغبة والاعتناق والتطبيق، والقدرة على خلق رؤى مستقلة، تشبه صاحبها وتمثله، وتكون مرجعًا أساسيًا لبناء أي موقف أو اتخاذ أي قرار. بالتوازي.. تبقى الشريحة الثانية في تذبذب دائم، وصراع مستمر لاختيار ردات الفعل، وهذا ما يجعلها تظهر كشخصيات غير مستقرة، في أغلب الأحيان، وبمواقف لا تتطابق حتى مع نفس الأحداث. قد تكون "القيم والحسم" أشياء جزئية أو نسبية لديها، لكنها هشة؛ تتهشم سريعًا، ولا تضمن البقاء في المنطقة الأولى. ما يمكن التأكيد عليه هو أن أي قيمة أو قرار أو رأي مستورد أو مسروق؛ لا يعول عليه. لا يمكن البناء على قناعات الآخرين. والسلام..