يغبطنا الجميع على أننا ماضون بعيداً في ثقافتنا، والتعريف بها، ليس هذا فحسب، فقد جعلناها رافعة قوية تنهض بمهام غاية في الأهمية والتأثير، فأصبحت الثقافة جزءاً من التحول الوطني لرؤية 2030، وأخذت تساهم في التعريف بنا وبهويّتنا وبتراثنا، فاتحة نوافذ جديدة للطاقات الإبداعية عندنا كسعوديين، مستفيدة من تراثنا الغني وتقاليدنا العريقة والمتنوعة، فانطلقت -بدعم من قيادتنا الحكيمة- نحو آفاق قصيّة تليق بمكانة بلادنا وبثقافتها الأصيلة. اليوم لا تقف جهودنا الثقافية محلياً، وإنما تساهم في دعم الثقافة العربية والإسلامية وفنونها المتنوعة والمختلفة، في استشعار يعكس قيمة المملكة وحجم أدوارها التي تشكل الفنون الإسلامية والثقافة أبرز ملامحها. «بينالي الفنون الإسلامية» هو إحدى المنصّات الرائدة والذي تنظمه مؤسسة بينالي الدرعية، وتعمل من خلاله لاستضافة وتشجيع الحوار وتوسيع المعرفة بالفنون الإسلامية، من خلال ما يوفره من فرص للتعلم والبحث والتأمل في مختلف مجالاته. وهذا البينالي يقام مرة كل عامين في صالة الحجاج الغربية بمطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، المدينة التي مثّلت على مدار التاريخ بوابة العبور الرئيسة للحجاج والزّوار، قاصدي بيت الله الحرام في مكةالمكرمة. وقد أقيمت الدورة الأولى لبينالي الفنون الإسلامية عام 2023 تحت شعار «أول بيت»، قد حقّقت نجاحاً كبيراً بحضور ما يزيد على 600 ألف زائر، متضمنة نحو 40 عملاً فنياً وما يقارب من 500 قطعة أثرية معارة من مختلف المؤسسات المحلية والدولية. في شهر يناير من العام 2025 ستنطلق الدورة الثانية من «بينالي الفنون الإسلامية»، والتي ستشهد للمرة الأولى إطلاق «جائزة المصلّى» الدولية. ويكتسب بينالي الفنون الإسلامية أهمية كبرى لكونه البينالي الأول من نوعه المكرّس لفنون الحضارة الإسلامية، وينفرد -كما يشير القائمون عليه- بأنه سيسلّط الضوء على الإرث الغني لهذه الحضارة من خلال عرض خلّاق يجمع الأعمال التاريخية والمعاصرة في موقع وسرد واحد، ويقام في صالة الحجاج الغربية، التي تتمتع بمكانة خاصة لدى كافة الحجاج والمعتمرين على اختلاف ثقافاتهم، إذ تمثل بوابة الاستقبال والعبور للملايين من ضيوف الرحمن. بقي أن نشير إلى أن «بينالي الدرعية» يأتي متسقاً ومتجاوباً مع التنامي المتسارع الذي تشهده المملكة، ومن التراث الحضاري الغني لموقع الدرعية، إذ يضطلع برسالة مهمة وبدور كبير يسهم في رعاية التعبير الإبداعي وغرس قيم التقدير نحو مختلف جوانب الثقافة والفنون وقدرتها على إحداث التحولات الكبيرة، وكذلك العمل على تحفيز كافة أفراد المجتمع على التعلم مدى الحياة، وتوفير فرص المشاركة في المشهد الفني المحلي سيما في ظلّ هذا الازدهار الثقافي والفني على جميع الصعد.