لطالما حرصت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك على تحسين وتطوير خدماتها، والوصول بها إلى المستوى المأمول، الذي يتمناه المستفيدون من جانب، ويطور آليات العمل الداخلي من جانب آخر، هذا الحرص دفعها إلى دعوة عموم المستفيدين من خدماتها إلى مشاركتهم في إبداء الآراء، واقتراح الحلول للتحديات التي تواجههم، إلى جانب بحث فرص الارتقاء بمستوى الخدمات، وأثمرت هذه الطريقة عن إيجاد خدمات جيدة، نالت رضا المستفيدين واستحسانهم. اهتمام الهيئة الذي تزايد مع إطلاق رؤية 2030 دفعها مرة أخرى إلى تحقيق أعلى درجات الالتزام من المكلفين في مجال التصدير والاستيراد، وفقًا لأفضل الممارسات، وبكفاءة عالية، وحماية الأمن الوطني، وتنظيم جميع الأنشطة المتعلقة بالعمل الجمركي والمنافذ الجمركية، وإدارتها، بما يكفل الارتقاء بمستواها إلى أقصى درجة من الكفاية والإنتاجية والتنافسية؛ وذلك من خلال تقديم خدمات عالية الجودة، يتم فيها التركيز على العميل وخدمته وفق أفضل الممارسات. وفي هذا الإطار، أصدرت الهيئة أخيراً القواعد المنظمة لتشغيل مناطق الإيداع في المملكة، هذه القواعد وصلت من الشمولية، إلى حد تضمنت معه تحديد الأحكام النظامية المتصلة بترخيص مناطق الإيداع، فضلاً عن أسس ممارسة الأنشطة داخلها، ليس هذا فحسب، وإنما شملت أيضاً توضيح كل ما يتعلق بالتزامات المشغّلين، ودور وصلاحيات الهيئة الإشرافية والرقابية على هذه المناطق. ولا يخفى على أحد أهمية مناطق الإيداع لفئة المستوردين والمصدرين، باعتبارها أحد النظم والأوضاع الجمركية الخاصة التي تمكّنهم، إلى جانب دعم الشركات اللوجستية، العاملة في تخزين البضائع والسلع، والقيام بالأنشطة والعمليات اللوجستية داخل هذه المناطق، في وضع معلق للرسوم الجمركية والضرائب، لحين إدخالها إلى السوق المحلي أو إعادة تصديرها، وحتماً سيكون لمناطق الإيداع تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد الوطني، حيث ستسهم في تمكين المملكة من أن تكون مركزًا لوجستيًا عالميًا عبر تيسير التجارة من وإلى المملكة بانسيابية تامة، وعليه ستكون المملكة منصة لوجستية عالمية، يستفيد منها المستثمرون من مصدرين وموردين، سيكون بإمكانهم تطوير عملياتهم، بما ينعكس على بقية القطاعات الإنتاجية الأخرى. ولأن الهيئة تستهدف توضيح كل ما خفي على المستفيد، في الاستفادة الكاملة من مناطق الإيداع، فهي حرصت على أن تشتمل القواعد على إيضاح كل إجراءات التراخيص، وأنشطة مناطق الإيداع، وشروط التقديم على الرخص، وكذلك الاشتراطات والمواصفات والالتزامات لمناطق الإيداع، إضافةً إلى الأحكام المرتبطة بالتزامات المشغلين، وصلاحيات الهيئة في هذا الشأن، وهي إجراءات تساعد جمهور المستفيدين على التعامل الصحيح والمثالي مع مناطق الإيداع، وتعظيم درجة الاستفادة منها. أعيد وأكرر، إن مناطق الإيداع، تُسهم في نهاية الأمر في زيادة المرونة المطلوبة في إدارة السيولة المالية، كما توفر بيئة تنظيمية داعمة لتنمية الحركة التجارية، إلى جانب تحقيق مرونة مماثلة في عمليات الفسح والتخزين، وإعادة التصدير إلى الوجهات المختلفة، وهذا كله ينعكس على آلية تيسير إجراءات الاستيراد والتصدير لشحنات مناطق الإيداع، ويرفع كفاءة التبادل التجاري، كل هذا يؤدي إلى تعزيز مكانة المملكة في أن تصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا، وليس هذا الأمر بمستحيل، قياساً على حجم الجهود التي تبذلها الدولة، لتحقيق كامل تطلعات رؤية 2030.