رغم الظروف المعاكسة، إلا أن سوق العلف الحيواني العالمي يواصل تحقيق مكاسبه، حيث قفزت القيمة السوقية للقطاع إلى 597.2 مليار دولار خلال عام 2023، ارتفاعاً من 570.7 مليار دولار في 2022، ومن المتوقع أن ينمو القطاع بمعدل سنوي مركب بنسبة 4.6٪ خلال عام 2024 وحتى عام 2030، وبنهاية العقد الحالي تكون إيرادات القطاع مرشحة للوصول إلى 816.7 مليار دولار، وفيما تتعدد أسباب هذا الزخم في النمو، تتركز الأسباب الرئيسة حول زيادة الإنتاج الحيواني التجاري المتطلع للاستفادة من ارتفاع الأسعار وجني المزيد من الأرباح، بالإضافة إلى قوة الطلب على البروتين المشتق من الحيوانات مثل الحليب واللحوم والبيض، وزيادة الوعي الصحي للمستهلكين العالميين والذي يعزز الطلب على الدواجن والماشية، مما يحفز نمو سوق الأعلاف، بما في ذلك المركبات والمركزات، حيث يستخدم المصنعون مجموعة واسعة من المواد الخام مثل الحبوب والبذور الزيتية والبروتين والفيتامينات لصناعة الأعلاف التي تلبي المتطلبات الغذائية لمختلف أنواع الحيوانات. هناك أيضاً مجموعة من العوامل المساعدة التي تدعم نمو سوق العلف الحيواني في 2024، ومنها انتعاش صناعة الألبان التي شهدت نمواً كبيراً خلال 2023 بسبب قوة الطلب على منتجات الألبان بسبب فوائدها الصحية واستخداماتها المتنوعة، بالإضافة لذلك، فإن هناك طفرة عالمية كبيرة في تربية الماشية، والتي تعد مصدراً أساسياً لمنتجات الألبان مثل الحليب والقشدة والزبدة واللبن والجبن وغيرها، ومن المتوقع أن يساهم هذا التركيز المتزايد على تربية الماشية في توسيع صناعة الألبان خلال العقد الحالي، فيما سيؤدي نمو عدد سكان العالم إلى أكثر من 8 مليارات نسمة، وقوة الطلب في الدول النامية إلى نمو صناعات الإنتاج الحيواني، وعلى سبيل المثال، فقد ارتفعت أعداد الماشية في الهند إلى 193.2 مليون رأس في عام 2023، ولهذا، وصل إنتاج الحليب في الهند إلى 108.3 ملايين طن متري، وهذه زيادة كبيرة بنسبة 20.6٪ عن الأرقام المسجلة في عام 2022. خلال العام الماضي، هيمن قطاع الدواجن على السوق محققاً نصيب الأسد من الإيرادات بحصة بلغت 36٪، مدعوماً بالنمو المستمر في إنتاج دجاج التسمين، حيث تعد تربية الدواجن عنصراً هاماً في القطاع الزراعي العالمي، وتتركز التربية العالمية هنا على إنتاج الدجاج والديك الرومي والبط وغيرها من الطيور الداجنة للحوم والبيض، وهي مصدر حيوي للبروتين الحيواني، وتوفر الغذاء لملايين الأشخاص حول العالم، وبالتالي، يسعى المنتجون إلى تطوير قطاع الدواجن مما يسمح باستخدام مصنعي أعلاف الدواجن مزيجاً من المكونات المختلفة، مثل الحبوب والبذور الزيتية ووجبات البروتين والفيتامينات والمواد المضافة، من أجل تحسين الوجبات الغذائية المتوازنة للمراحل المختلفة من نمو الدواجن، بما في ذلك دجاج التسمين والدجاج البياض. ليست كل الأمور وردية، إذ تواجه صناعة الأعلاف تحديات هائلة مثل التذبذب في أسعار المكونات، وتفشي الأمراض الحيوانية التي قد تؤثر على إنتاج البروتين الحيواني وتوريده، وقد شهد قطاع الأبقار العالمي نمواً ملحوظًاً خلال عام 2023 بسبب الطلب المتزايد على لحوم الأبقار عالية الجودة، وخاصة في الدول الغربية مثل الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة والعديد من الدول الآسيوية، فيما أصبحت الصين أكبر مستهلك ومنتج للحوم البقر، ولا شك أن تزايد أعداد الأبقار يسهم في نمو قطاع الأعلاف الحيوانية، وقد سيطر قطاع الأحماض الأمينية على السوق في عام 2023 بأعلى حصة إيرادات بلغت 30.6٪، وذلك بسبب قدرة المواد المضافة على تعزيز مناعة الحيوانات، وهناك أنواع مختلفة من إضافات الأعلاف الحيوانية التي تحقق نجاحاً ملحوظاً في السوق مثل الإنزيمات، ومضادات الأكسدة، والمضادات الحيوية، والفيتامينات، والأحماض الأمينية، والتي تستخدم لتحسين الكفاءة وإضافة القيمة الغذائية، وهناك زيادة كبيرة في الاستهلاك لدى الدول النامية، حيث يحفز ارتفاع الدخل والتوسع الحضري رغبة المستهلكين في تنويع وجباتهم الغذائية. تلعب الأحماض الأمينية دوراً مهماً في الوقاية من مشاكل الأظافر والجلد لدى الحيوانات، كما أنها ضرورية للوقاية من الخلل الدماغي، والذي يمكن أن يؤدي إلى عدم تناسق العضلات، ونتيجة لذلك، هناك طلب كبير على الأحماض الأمينية في مكملات الأعلاف الحيوانية وصناعات أغذية الحيوانات الأليفة، بالإضافة إلى ذلك، تستخدم المضادات الحيوية على نطاق واسع لتعزيز نمو الماشية، مما يجعلها عاملاً مهماً يساهم في نمو السوق، كما تعمل المضادات الحيوية على تحسين جودة اللحوم عن طريق زيادة محتوى البروتين وتقليل محتوى الدهون، في المقابل، أدى الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية، كمحفزات للنمو، إلى ظهور بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، ولا شك أن الآثار السلبية للمضادات الحيوية في اللحوم والإفراط في استخدامها سيكون له تأثير على صحة الإنسان، في حين يتم خلط مكملات الفيتامينات الإضافية في علف الحيوان لضمان التغذية السليمة وتعزيز صحة الحيوان وتحسين النتائج الإنجابية لدى الماشية، وهناك زيادة في الطلب على هذه الفيتامينات في قطاع اللحوم العالمي. ينتج قطاع الأعلاف العالمي أكثر من مليار طن من أعلاف الماشية سنوياً، ولا شك أن إطعام الحيوانات جيداً سيغذي العالم بشكل أفضل، وهذا الأمر يدعم الاستثمارات في القطاع، حيث تهيمن على الصناعة مجموعة من الشركات الغربية وأبرزها الأميركية والأوروبية، وفي مقدمتهم شركة آرتشر دانيلز ميدلاند الأميركية ومقرها في مدينة ديكادور بولاية إلينوي، وشركة باسف إس إي الألمانية ومقرها مدينة لودفيغسهافن، وشركة لاند أو ليكس بورينا الأميركية ومقرها مدينة كاليفورنيا، وشركة كارجيل الأميركية ومقرها مدينة مينيتونكا في ولاية مينيسوتا، حيث يتبنى هؤلاء اللاعبون الكبار استراتيجيات للتوسع من خلال خدمة قاعدة هائلة من المستهلكين وقدرتهم على توفير الأعلاف المختلفة في كافة المناطق الجغرافية حول العالم. أما بالنسبة لخريطة قطاع البروتين الحيواني، فإن منطقة آسيا والمحيط الهادئ تحظى بنصيب الأسد، بعدما سيطرت على السوق في عام 2023، محققة أعلى حصة إيرادات بنحو 37.6٪، مدعومة بالنمو السكاني، وارتفاع دخل الطبقة المتوسطة، وزيادة التحضر، وتغيير عادات المستهلكين الغذائية، وعموماً، فإن هناك طلباً متزايداً على المنتجات المشتقة من الحيوانات، مما يعزز الحاجة إلى العلف الحيواني، ومن المتوقع أن يقوم كبار اللاعبين في الصناعة بتوسيع عروض أعلاف الدواجن الخاصة بهم استجابةً لتفضيلات المستهلكين لاستهلاك اللحوم، ولهذا، قد يتوسع قطاع الأعلاف بشكل أكبر على مدى السنوات الخمس المقبلة، بفعل الإمكانات غير المستغلة لسوق الأعلاف العضوية، وزيادة الطلب على الأعلاف الحيوانية في القارة الآسيوية. في المقابل، تشهد سوق أمريكا الشمالية، زيادة ضخمة في استهلاك اللحوم والبروتين الحيواني، ومن المتوقع أن تكون اللوائح الصارمة المتعلقة بجودة اللحوم دافعاً كبيراً لازدهار الصناعة، كما أن وجود مصانع راسخة في القطاع، ونمو صناعة أغذية الحيوانات الأليفة سيساهم في زيادة الطلب على منتجات الأعلاف الحيوانية، بالإضافة إلى أن زيادة الوعي الصحي لدى المستهلكين، وارتفاع نصيب الفرد من استهلاك اللحوم، سيعزز نمو الصناعة، وسيؤدي توافر المواد الخام إلى توسع سوق الأعلاف خلال 2024، وليس مفاجئاً أن تحتل الولاياتالمتحدة مكانة مرموقة في سوق أمريكا الشمالية، حيث تستفيد صناعة الأغذية الحيوانية في الولاياتالمتحدة من اتفاقية التجارة الحرة مع كندا والمكسيك، والتي تسهل تصدير الأعلاف، وتعد محركًا رئيسيًا لنمو سوق الأعلاففي هذه القارة المهمة للقطاع المزدهر. د. خالد رمضان