استحضرت ندوة حوارية بمهرجان الكُتّاب والقُراء أشعار الأمير خالد الفيصل، وأغاني الراحل طلال مداح، في أدب يمزج بين الشعر والغناء، بمسمى «القصائد المغناة». واستضافت الندوة الشاعر سلطان الضيط، والملحن عبدالله الشريف، والمؤرخ علي الحسن الحفظي، وأدار حوارها الشاعر سعد زهير، وذلك في مركز الأمير سلطان الحضاري بمحافظة خميس مشيط، في منطقة عسير. واستهل الندوة الشاعر سعد زهير بطرح أبيات مُغناة من قصيدة «أراك عصيّ الدمع»، وطرح تساؤلاً عن السبب الذي جعل بعض القصائد تُغنى وأخرى ليست ملائمة للغناء، مستحضراً تاريخ القصيدة مع أشعار صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وصاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن، وأغاني الفنان الراحل طلال مداح (تعلق قلبي، على شاطئ الوادي، أميلي مقام البدر، وقف بالطواف)، وأغاني الفنان محمد عبده (ألا يا صبا نجد، أراك عصي الدمع، بات ساهر الطرف، أنشودة المطر)، وعلاقة الانفصال والاتحاد في كل من الموسيقى والقصيدة، والعالم الذي تخلقه في ارتباطهما فنياً. وتحدث الشاعر سلطان الضيط عن التخليد وتباين الانتشار لبعض القصائد عن غيرها، وأكد أن الأغنية والقصيدة مرتبطتان منذُ قدم التاريخ، بدأت القصيدة ثم تلاها التغنّي بها، مستعرضاً قصص الزير سالم «المهلهل»، فهو من هلل الشعر وأطاله، وامرؤ القيس في القصيدة الطللية، وأضاف «كانت العرب تتغنى بالقصائد عبر الآلات غير العربية في جلسات السمّر»، ذاكراً علاقة زرياب والموصلي وارتحاله للأندلس وتأسيسه أول مدرسة لتعليم الغناء. وكان للشاعر الضيط رأياً مغايراً في أن ما يرفع القصيدة هي الأغنية، مستشهداً بتجربة الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب في تلحين قصائد الشاعر بدر شاكر السياب، فالقصيدة إذا تُغني بها يجب أن يستشعرها الملحن وإلا فهي لن تصمد في بوابة الغناء. وصدح الشاعر والملحن عبدالله الشريف بصوته في قصائد مغناة، منها «مالي أراها لا ترد سلامي»، و»الأماكن» وبعضاً من أغاني طلال مداح، مؤكداً أن الأغنية هي الثوب الجميل الذي يكسي القصيدة، وأن ثُلثي جمال القصيدة في تلحينها، متحدثاً عن أهمية الثقافة الموسيقية للشاعر «فالقصيدة المغناة أقرب للحفظ من القصيدة المُلقاة، وكل ما نحتاجه هو أذنٌ موسيقية لتستطيع التلاعب في الصوت والأداء». وأضاف «أنا أتحدث بلغة مختلفة عنكم، بعيداً عن قصائد نزار قباني وأغنية قارئة الفنجان، فالقصيدة الجنوبية التي انتشرت (تقول الله يطعني) هي إثبات بأن اللحن والصوت يساعدان على الانتشار في المجتمع أكثر منها بين النقاد والأكاديميين». وشدد المؤرخ والشاعر علي الحسن الحفظي على أن الآداب العربية احتفظت بالشعر على شكل أحداث قبل الإسلام، ومنذُ ذاك التاريخ والكلمة الفصيحة ترتبط ارتباطاً وثيقاً باللحن والغناء «وأجزم بأن الكلمة قد خُلدت بالغناء مثل حِداء الإبل وغيرها». وعن شدة تأثير لغة القصيدة في اللحن، يقول: «القصيدة عند كتابتها تمتلك طابعين، أحدهما جامد والآخر يتحرك باللحن، وهناك ألحان تُذهب جدوى القصيدة». وتأتي الندوة ضمن البرنامج الثقافي لمهرجان الكُتّاب والقُراء، الذي اختتم الأربعاء، وتضمن سلسلة من الندوات الثقافية والمناظرات الأدبية التي استضافت نخبة من الأدباء والشعراء والنقاد، وتناولت مواضيع شيقة لامست واقع الأدب المحلي وفنونه المختلفة، وسلطت الضوء على أهم العوامل والجهود والمؤثرات التي أسهمت في تطوير المشهد الأدبي السعودي. الشاعر سلطان الضيط الملحن عبدالله الشريف