النوخذة مصطلح واسم يطلق على ربان السفينة وصاحبها لأغراض الصيد والتجارة وقبطانها، والنهام هو المغني الذي يواكب سير العمل في السفينة، يؤدي أغاني مقصورة على البحر والبحارة مثل اليامال والخطف والمداوي وأغاني شعبية أخرى، وهذا ما قدمته مؤخراً مسرحية «بحر» لفرقة جمعية الثقافة والفنون بالأحساء في مهرجان الرياض للمسرح الذي اختتمت فعالياته 24 ديسمبر الماضي، ونالت المسرحية على إثر ذلك جائزة أفضل عرض متكامل، مع جائزة أفضل ممثل والإخراج والموسيقى المسرحية، وللحقيقة فإن مسرح جمعية الثقافة والفنون بالأحساء عبر تاريخه الممتد ل 60 سنة مضت، قدم خلالها إبداعات وفعاليات مسرحية للمجتمع، حيث كان هذا المسرح حاضراً محلياً وخارجيا وما زال إلى اليوم يمضي في خطط فنية متميزة عن الفرق المسرحية الأخرى بالمملكة، ولطالما صنع هذا المسرح مسرحيات حملت رسالة المسرح السعودي مؤطرة بالثقافة والفن، نقل معه واقعنا الاجتماعي وميراثنا الأصيل، كانت آخر إبداعاته مسرحية «بحر» بمثابة إضاءة جديدة للمسرح السعودي، وهي مستوحاة من نص «النهام بحر» لأحد أهم رواد المسرح السعودي «عبدالرحمن المريخي» -رحمه الله-، التيمة الدرامية فيها نشوء علاقة حب وود ما بين النهام بحر ونوره بنت النوخذه صقر، أظهرت للجمهور ملامح الطبقية واختلافها ومشاهد ما بين الرفض تارة والقبول تارة أخرى، رافقتها استغلالية أهمية النهام بحر لغرض استمراريته في عمل النواخذة، إلا أن النهام بحر يكتشف في مراحل متقدمة من عمره كمية الخداع الذي تعرض له والاستغلال، خاصة بعد محاولته الزواج من نوره بنت النوخذه صقر، الأمر الذي أفقده أقوى ما يملكه «صوته» كنهام وإحساسه كشاعر، العرض ظهر فيه ماضي النوخذة صقر مع المرأة التي تبين أنها أنجبت منه ولد «بحر» بطريقة غير شرعية عاش في كنف ورعاية نوخذة آخر، النص مكتوب بمهارة وحساب درامي بين الفعل وردة الفعل بين الشخصيات بحساب زمني دقيق، أعطى الإخراج للعرض فاعلية جمالية لها التأثير المميز على الجمهور، وبالتالي اتسمت الصورة الإخراجية للمسرحية بالثبات مع حركية مساقط الضوء من الأعلى والجوانب مع الديكور، الأمر الذي حقق تواصلية مؤثر لدى الجمهور، مع هيمنة الطبل في الأعلى يمثل إدارة فنية للإيقاع الذي اتسم بالأفقية تارة وعمودية في مشهدية الأداء بين الممثلين، الممثلون لهم حضور أدائي فاعل تفاعل معهم الجمهور لا سيما بحر الذي ظهر متقناً لأدوات التعبير الصوتي والحركي، ولا نقلل من قدرات الممثلين الآخرين الذين ظهروا على نحو من الأداء المتقن الذي تفاعل معه الجمهور، بهذا العرض المنتمي للمسرح الاجتماعي أثبت أن الفاعلين في مسرح الأحساء من مؤلفين ومخرجين وممثلين وفنيين أنهم نواخذة المسرح السعودي، وكل واحد منهم يستحق لقب نهام مسرحي بجدارة واستحقاق.