ليست ككل مكتبات الكون، انفردت بمميزات لا تتوفر في أشهر مكتبات العالم الكبرى منها والعتيقة، هي مجاورتها بأمتار قليلة لأقدس بيت، في أطهر بقعة، وفي مهوى الأفئدة من كل فجاج الأرض ومن منطلق التنوير والتعليم والتثقيف أم القرى، حيث تتضاعف الحسنات، وتختلط الثقافة بمهابة البيت وروحانيته لتشبع الذائقة بجرعات ثقافية لا تنسى تظل خالدة في الذاكرة، هي مكتبة المسجد الحرام الواقع في الدور الثاني من توسعة الملك فهد - رحمه الله -، كمنارة ثقافية تقصدها بحبور طبقات مختلفة تسعى للاستزادة من العلم والثقافة في رحلة العمرة. هذه المميزات الفريدة حولت مكتبة المسجد الحرام إلى خلية نحل، وهي تستقبل قاصدي بيت الله الحرام من المعتمرين من مختلف دول العالم وهو ما يضيف الميزة الثالثة أنها ملتقى لتعدد الثقافات والجنسيات والمدارس الفكرية في قارات العالم. وفي ثورة وسائل التواصل وهوس الهواتف المتنقلة وجدنا مكتبة المسجد الحرام وكأنها حصن حصين تدافع عن الكتاب وتحمي المخطوطات وتصمد بقوة أمام اكتساح وسائل التواصل، في ظل موجة العزوف والهجرة للمكتبات، بدت لنا المكتبة وكأنها تتباهى بكثرة المترددين عليها من النخب الثقافية والفكرية وطلاب العلم. "الرياض" تسللت بين المترددين لرصد حزمة من المشاهدات كشفت أن الفترة المسائية الأكثر إقبالاً، خاصةً ما بين صلاتي المغرب والعشاء ونسبة كبيرة من المعتمرين من دول أفريقيا وآسيا. وقال حمدون عالي - جزائري -: فترات القراءة في مكتبة المسجد الحرام لحظات لا تنسى، حيث اعتبرها حلقة مهمة من حلقات محطات رحلة العمرة، ففي أحضر أحرص على زيارة المكتبة؛ لأنها بمثل ما تنفرد به من مكانة ومهابة فإنها تنفرد باحتضان كتب قيمة ومخطوطات نادرة. وبمجرد اقتراب "الرياض" منه أشار عبدالمأمون سامر - معتمر مصري - إلى أن متعة القراءة بجوار بيت الله العتيق وبين أبنية وأروقة لها روحانيتها تمثل في الحقيقة متعة لا توصف، بل وخلقت جواً ثقافياً وفكرياً ماتعاً، لا يتكرر في أي مكتبات العالم، فضلاً أن المكتبة أصبحت جسراً للتعارف بين المفكرين والمثقفين والمهتمين بالثقافة والقراءة من كل دول العالم. وتقع مكتبة المسجد الحرام على مساحة تفوق 1000 متر، وتحتوي على أكثر من 30000 مجلد، تتضمن أكثر من 5600 عنوان في مختلف العلوم والمعارف، ومن خلال تجربها الثقافية واكبت المكتبة احتياجات ومتطلبات المثقفين والمفكرين وطلبة العلم، حيث وفرت خدمات لذوي الاحتياجات الخاصة، وخدمات الاستعلامات والتصوير الذاتي، وتصفح الكتب الرقمية والمخطوطات الرقمية، والصوتيات التي تشمل الخطب والدروس والتلاوات، والنسخ - الكتب الرقمية والخطب - والاطلاع الرقمي عبر الإنترنت لرواد المكتبة. وتحتفظ المكتبة بكُتب مطبوعة نادرة من القرن الثاني الهجري، تعرض ملامح منها في طاولة للعرض بمدخل المكتبة التي تم افتتاحها تعزيزاً لرسالة الحرمين الشريفين العلمية والدعوية، ولتقديم مزيداً من الخدمات التوجيهية والإرشادية والتعليمية الموجهة لرواد الحرمين الشريفين. وتسعى إدارة مكتبة المسجد الحرام إلى نشر الثقافة الإسلامية في الحرم المكي الشريف وقاصديه من جميع أنحاء العالم، للاستفادة القصوى من مقتنيات المكتبة، وتقيس أثر اطلاع زوار المكتبة وتؤمن المراجع العلمية والكتب الحديثة التي يرغب الباحثون بتوفرها في المكتبة، وتوفر التقنية الحديثة باستخدام أجهزة الحاسب الآلي والتصوير والطباعة والنسخ. إقبال كبير من المعتمرين مدخل المكتبة كما بدا ل»الرياض»