شهدت الأيام الماضية في المنطقة الشرقية بادرة تعتبر مميزة لا سيما ما شوهد من الحضور الكبير في المعرض والإعلام المصاحب لهذا الجمهور والرؤى البصرية التي واكبت وانعكست جمالياً وتفاعل معها المتلقي، ومع الانفتاح الواقعي البيئي وتماثلات الطبيعة مع الضمان للقيمة الفنية وتكاملها مع الحياة اليومية تقنياً وتنفيذياً، وهو ما جعل المنطقة الشرقية تستحق أن يكون هذا المعرض موجوداً في ظل افتقار المنطقة للمعارض. معرض الفن الصناعي الذي أطلقت فعالياته وزارة الثقافة في معرض الظهران إكسبو بكل ما حمل من تركيز على الصناعة الفنية والبحث الفني الذي يخدم المحيط والبيئة ويتفاعل أكثر في توازناتها ويعتمد على خاماتها ويوجّهها حسب الفائدة العامة والضمانة الجمالية والبصرية مع فكرة استغلال الخامة مهما كانت سواء مخلفات صناعية أو غيرها من المواد. المعرض يعتبر همزة وصل بين ما هو فني وما هو مفهومي ما هو صناعي وما هو جمالي وذلك بتركيز درجات وعي متبادلة بين المتلقي والفنان وبين المنظمين وثقتهم في العمل الفني والثقافي ودوره المهم في تركيز مبادئ تخدم التطور والنهضة الواعية بالجماليات الشاملة والمنبعثة من الكتل الصلبة والجامدة والتي قد تبدو بلا جدوى ناجعة في بيئتها الظاهرة، وهو ما جعل من نسب الحضور والإقبال على المعرض تكون كبيرة تدفعها المعرفة ويستحثها الفضول والاكتشاف، خاصة أن المعرض حمل خصوصية الدهشة والإدهاش من حيث تثبيت الأعمال الفنية المعاصرة بخصوصياتها الجمالية في تكثيف الحركة والظلال والمزج بينها في الانتماء للفضاء مع تخصيص مساحة للأطفال تتعلق بالجوانب الصناعية لتركيز وعي كامل للأجيال بالصناعة وعلاقتها بالفن بالمجال والمساحة واستغلال كل شيء للابتكار الفني والجمالي. وصلت الأعمال المعروضة إلى 35 عملاً لفنانين سعوديين ومن مختلف دول العالم وهي فرصة لتبادل التجارب والخبرات والتعريف بالتجارب السعودية في هذا المجال الفني الهادف خاصة أن الخامات المشتغلة من مواد صناعية متنوعة مثل الحديد والمواد الصلبة و"الخردوات" مع إعادة التدوير والتصرف الفني فيها وتحويلها من كتل جامدة إلى كتل حسية جمالية فنية ذات معنى ولها رسائل واعية في الابتكار والتذوق الجمالي، تعكس هذه التجربة الفريدة من معرض الفن الصناعي تحولات بصرية في أذهان المتلقي للفن خاصة أنها تخرج به من الفهم المتعوّد للجمالي وللفن التشكيلي المعتمد على اللوحة فقط وبالتالي الإقبال عكس القيمة المعاصرة والإدراك المتجدّد في تلقي العمل الفني بوعي القيمة والهدف وهي مبادرات يتحمّس لها المتلقي وتمثّل ميزة فنية في المنطقة الشرقية ذات خصوصيات صناعية في المملكة.