وقف مؤذن شاب على لوح شديد الانحدار من الخرسانة المتشققة والقضبان المعدنية المعوجة أمام قبة مائلة بزاوية 45 درجة لرفع الأذان من فوق أنقاض مسجد تعرض للقصف في غزة. ولا تزال المئذنة قائمة لكنها بدت غير مستقرة بعد سقوط جزء علوي منها واستقرار قاعدتها على أنقاض مسجد التوبة في خان يونس بجنوب قطاع غزة. والمسجد هو واحد من عدة جوامع تعرضت للضربات الإسرائيلية في غزة، وتزعم إسرائيل حركة (حماس) بإخفاء ممرات الأنفاق وصواريخ ومواقع لإطلاق الصواريخ وغير ذلك من البنى التحتية في المساجد. وتنفي حماس ذلك وتتهم إسرائيل باستهداف أماكن العبادة من مساجد وكنائس وتوجيه اتهامات باطلة تهدف إلى تبرير مقتل مدنيين. وأظهرت لقطات لثلاثة مساجد في خان يونس التقطتها رويترز "الأربعاء" في اليوم السادس للهدنة حجم الدمار الذي لحق بالمباني الدينية. واختفت تماما القبة التي كانت تعلو مسجد التوبة متعدد الطوابق، والجزء الوحيد المتبقي منها هو قاعدتها الدائرية وسطح منهار مائل حيث كان يقف المؤذن. وفي مسجد الأنصاري بمنطقة أخرى من المدينة، أمكن رؤية كومة من سجاجيد الصلاة التي يغمرها التراب داخل غرفة مليئة بخرسانة تم سحقها حتى باتت تشبه الحصى. وشوهد البلاط المكتوب عليه باللغة العربية والقضبان المعدنية الملتوية من فجوة بين السقف المنهار والجدران المائلة. ويقع المسجدان في منطقتين مكتظتين بالسكان وبجوارهما مبان تشبه تلك السكنية. وفي مسجد ثالث، وهو مسجد الأمين محمد، لا يزال جزء من القبة الصفراء موجودا لكن مع وجود تشقق كبير في الأعلى وميل بزاوية شديدة الانحدار في الهيكل بعد انهيار أحد جوانب المبنى الموجود أسفلها. وكان بجوار المسجد مساحة مفتوحة من الأرض الرملية حيث أقيم مخيم للنازحين ومن ورائه مبان سكنية والبحر المتوسط. ونزح ثلثا سكان غزة ولجأ معظمهم إلى خان يونس ومناطق أخرى في جنوب القطاع بعدما أمرت إسرائيل بإخلاء شمال غزة بالكامل، ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأوضاع في غزة بأنها كارثة إنسانية ملحمية.