توقع خبراء في الاقتصاد، أن تشهد التجارة العالمية قفزة إنتاجية كبرى بعد انطلاق مشروع الممر الاقتصادي الجديد الذي يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا ضمن ممرين منفصلين أحدهما شرقي يمتد من موانئ الهند إلى دولة الإمارات عبر مسار بحر العرب، والآخر شمالي بري يقطع المملكة عبر سكك حديدية، ليصل إلى البحر المتوسط، ومنه إلى أوروبا. والمشروع الذي أعلن عنه عرَّاب الرؤية ولي العهد رئيس مجلس الوزارء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- يأتي ليجسد المصالح الاقتصادية السعودية والخليجية في شكل غير مسبوق، إذ يتوقع أن يرتفع حجم التجارة العالمي إلى 120 تريليون دولار، ليتخطى حاجز ال 105 تريليونات دولار وهو القيمة الفعلية حاليا للتجارة العالمية وفق المؤشرات الدولية. وهو ليس بعيداً عن طموحات المملكة ممثلة في رؤية 2030 التي تُعد الدافع الأكبر للنمو الاقتصادي الرامي لتنوع الدخل، وعدم اعتماده على النفط، فهذه السياسات الاقتصادية الكبرى تدعم أهداف الرؤية؛ وتحقق دعما واقعيا يتجسد على أرض الواقع انطلاقا من المستقبل القابل للتطبيق، مما سيمكن من تحقيق دخل اقتصادي مهم في منطقة الخليج، والمشروع الذي يعرف اختصارا ب»IMEC» وقعت على مذكرة إنشائه دول اقتصادية كبرى على الصعيد العالمي، هي المملكة، والولايات المتحدة والأميركية، الهند، الإمارات، فرنسا، ألمانيا الاتحادية، إيطاليا، والاتحاد الأوروبي»، وقال د. محمد دليم القحطاني الخبير الاقتصادي أستاذ الإدارة الدولية والموارد البشرية والمشاريع بجامعة الملك فيصل ل» الرياض»: «إن توقفنا على حجم التجارة العالمية اليوم سنجدها عند مستوى 105 تريليونات دولار، ما يعني أننا نتحدث عن نحو 14 تريليون دولار تمر عبر ممر السعودية، ونتوقع أن يرتفع حجم التجارة العالمية بحلول 2035 إلى نحو 120 تريليون دولار؛ لترتفع بذلك حجم التجارة في منطقة الخليج بعد إنشاء الممر لنحو 20 تريليون دولار، ما يعني حصول دول الخليج مجتمعة على نحو 6 تريليونات دولار خلال عقد، وهذا يتجاوز ميزانية دولة اليابان الغنية اقتصاديا بنحو 3 أضعاف، خاصة إن علمنا أن ميزانية اليابان تبلغ نحو 2 تريليون دولار، وذلك بسبب الترابط التجاري الذي سيحققه الممر الاقتصادي الجديد». الممر الاقتصادي الجديد وأضاف «أن التجارة العالمية تمثل الجزء الأهم من تقدم الدول، فالعالم في ظل النمو والازدهار والتطور ورفاهية الشعوب وارتفاع معدل الأعمار بالعالم ليصل ل 80 أو 90 عاما يدفع بالاقتصاديات العالمية لتعزيز حجم النمو لديها من خلال العمل على خلق فرص اقتصادية جديدة، كالممر الاقتصادي الجديد»، وتابع «إن هذه الممرات ستحرر التجارة العالمية بشكل غير مسبوق، وتعطي مجالا للدول التي لديها نقص في الموارد لتحصل على الموارد التي بدورها ستعزز بناء أو تحريك البنى التحتية والمواصلات وعمليات الشحن، كما ستعزز من خلق الفرص الوظيفية المصاحبة التي تعد ضخمة في قطاعات ذات ارتباط بهذه المجالات». وعن الواقع الاقتصادي الذي عززه ولي العهد الأمين قال د. القحطاني: «إننا أمام شخصية قيادية سياسية واقتصادية تذلل العقبات التي تعيق كل تقدم مهم يلبي طموحات الشعب السعودي، فولي العهد تمكن خلال فترة زمنية مفصلية ومهمة من خلق مناخ اقتصادي قابل للتطبيق مع الدول العظمى في العالم، وأزاح النقائض وركز على السياسة الاقتصادية التي مكنت من التقارب لما فيه مصلحة اقتصادية للجميع»، وأضاف «لدينا حركة تنموية مع كافة دول العالم، ودول الغرب عملوا بأنانية في القرن العشرين وفي آخر القرن العشرين انفجر العالم، فولي العهد الأمين قد قال، سنجعل من الشرق الأوسط أوروبا الثانية في دلالة مهمة على القدرات الاقتصادية التي تتمتع بها المملكة ومنطقتنا، فأنشأ العلاقات مع الجميع بما يخدم الأهداف الاقتصادية ويحافظ على ثوابتنا السياسية والاقتصادية»، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يكون لدينا تجمعا اقتصاديا مهما يمكنني تسميته ب»الكتلة الخليجية بلس» التي يكون فيها لتركيا دور اقتصادي، فتركيا ووجودها مع دول الخليج اقتصاديا سيجعل من الكتلة الاقتصادية الرابعة من ناحية القوة العالمية، وإذا انضمت دول أخرى ستقفز هذه الكتلة لمراحل أكثر تقدما، وتابع «إن سياسة المملكة الاقتصادية قائمة حسب قراءتي لها على الاعتدال ومد الجسور مع الجميع، وولي العهد استطاع بقدراته السياسية الهائلة وتوضيفها لصالح الاقتصاد السعودي أن يمكن المنطقة من تجاوز التناقضات التي تتقاطع فيها مصالح الدول، وهو ما نسميه الذكاء الاقتصادي الذي سيجعل من دول الخليج مجموعة اقتصادية كبرى على الصعيد العالمي بما يتوافق مع مصالح الشعب السعودي ومصالح شعوب المنطقة». وشدد حسين المعلم على أن المملكة تحتل مكانة مهمة في التجارة العالمية، إذ تعد من أكبر الدول المصدرة والمستوردة للبضائع والخدمات في العالم، ما يجعل من الممر الاقتصادي مهما لها وللعالم كونها تقع في مكان جغرافي هام للغاية، وقال: «تشير الإحصاءات الخاصة بالربع الأول من العام الحالي 2023 إلى أن المملكة بلغت قيمة الصادرات السلعية لها 313.5 مليار ريال»، مضيفا «ذلك يعطينا نبذة عن حجم الصادرات للتجارة العالمية، إذ تصدر المملكة مجموعة متنوعة من السلع والخدمات، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية والمواد الغذائية والمواد الكيميائية والمنتجات الصناعية، كما تستورد المملكة مجموعة متنوعة من السلع والخدمات، بما في ذلك السلع الاستهلاكية والمعدات الصناعية والخدمات اللوجستية». وتابع «إن موقع المملكة الجغرافي مهم، إذ تربط بين الشرق والغرب، ما يجعلها مركزًا تجاريًا مهمًا بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتساهم التجارة الخارجية للمملكة في تحقيق عدة أهداف اقتصادية، كتعزيز النمو الاقتصادي المؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، كما تخلق فرص عمل جديدة، وسيسهم الممر الجديد في خلق واقع اقتصادي متقدم «. حسين المعلم