أخذ الأرق حيزًا كبيرًا من اهتمام المختصين والعامة على حد سواء كأحد أهم اضطرابات النوم، وهو دون شك مشكلة طبية مهمة، ولكن هناك مشكلة طبية أخرى لا تقل أهمية وقد يكون لها مضاعفات أكبر ولكنها لم تلق الاهتمام نفسه. هذه المشكلة هي زيادة النعاس أثناء النهار أو زيادة احتمالات النوم في أوضاع غير مناسبة للنوم. والذين يعانون هذه المشكلة قد ينامون في أوضاع غير مناسبة كالنوم أثناء القراءة أو أثناء مشاهدة التلفاز، وفي بعض الأحيان قد ينام المصاب في الأماكن العامة أو في العمل مما قد يسبب الكثير من المشكلات للمصاب. وقد تؤدي هذه المشكلة إلى مضاعفات خطيرة للمصاب إذا حدث النوم أثناء القيادة أو إذا كان المصاب يتعامل مع آلات ثقيلة أو حادة. وزيادة النعاس مشكلة شائعة نسبيًا؛ فقد أظهرت بعض الدراسات أن 5 في المئة من الناس يعانون منها. * ما أسباب زيادة النعاس؟ * أهم سبب لزيادة النعاس أثناء النهار هو عدم الحصول على ساعات نوم كافية أثناء الليل، وهو سبب شائع يتعلق بنمط حياة الشخص وظروف عمله، ولن نتطرق لهذا السبب في حديثنا هنا؛ حيث إن تعديل نمط الحياة يؤدي عادة إلى زوال المشكلة. الذي يهمنا في هذا السياق أن هناك عددًا من اضطرابات النوم العضوية التي تسبب زيادة النعاس. والمريح في الأمر أن أكثر هذه الاضطرابات يمكن تشخيصها تشخيصًا دقيقًا وعلاجها والحصول على نتائج جيدة إذا حضر المصاب إلى الطبيب المختص في وقت مبكر. وسنوجز هنا في تعريف أهم هذه الاضطرابات: الشخير وتوقف التنفس أثناء النوم: وفي هذا الاضطراب ينسد مجرى الهواء العلوي بشكل متكرر أثناء النوم بصورة كاملة أو جزئية، مما يؤدي إلى انقطاع التنفس، أو التنفس بشكل غير فعّال، الأمر الذي يؤدي إلى تقطع في النوم، وهذا التقطع بدوره يؤدي إلى زيادة النعاس أثناء النهار. وانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم هو مشكلة طبية معروفة تحتاج إلى العناية الطبية، وإذا أهملت هذه المشكلة فإنها تؤدي إلى عدة مضاعفات، بعضها قد تهدد حياة المصاب. وتصيب هذه المشكلة 2 إلى 4 في المئة من الأشخاص متوسطي العمر، ويقدر أن 18 مليون أمريكي مصابون بانقطاع التنفس أثناء النوم، وللأسف لا توجد إحصاءات مماثلة في السعودية، ولكن من ممارستنا الطبية يبدو أن هذه المشكلة شائعة جدًا. ويمكن تلخيص أعراض المشكلة في التالي: زيادة النعاس أثناء النهار أو كثرة الخمول والتعب، والشخير، التوقف عن التنفس أثناء النوم، الشعور بالاختناق (الشرقة) والاستيقاظ. والمرضى المصابون بتلك الأعراض هم عادة من الذكور المتوسطي العمر الذين يعانون من الوزن الزائد (السمنة)، ولكن هذا الاضطراب قد يصيب أشخاصًا من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين وحتى أصحاب الأوزان الطبيعية. وبعض المرضى قد يكون لديهم مشكلات غير طبيعية في الأنف أو الحلق أو أي جزء من مجرى الهواء العلوي. مرض نوبات النعاس أو النوم القهري: النوم القهري مرض يصيب الجهاز العصبي ويرافق المريض مدى الحياة، وإن لم يشخّص ويعالج فقد يؤثر في المريض تأثيرًا بالغًا. وأهم أعراض هذا المرض نوبات شديدة من النعاس لا يمكن مقاومتها تحدث أثناء النهار، ويمكن أن تحدث في أي وقت ودون سابق إنذار. وقد تحدث هذه النوبات في أوقات وأوضاع غير مناسبة؛ فقد تحدث أثناء قيادة السيارة أو بعض الأعمال التي تحتاج إلى التركيز مما قد ينتج عنه عواقب وخيمة. وقد يستمر النوم من لحظات إلى أكثر من ساعة ويشعر بعدها المريض بالنشاط.. ويقدر أن المرض يصيب نحو 1: 1000 من الناس من كلا الجنسين أغلبهم لا يتم تشخيصهم. ويمكن أن تظهر أعراض النوم القهري في أي عمر ولكنها تظهر في معظم الحالات في بداية سن المراهقة. وهناك أدوية حديثة تساعد المريض كثيرًا. والنوم القهري مرض عضوي ولا علاقة للمرض بأي سبب نفسي. ولأن المرض غير معروف بعد لدى الكثير من الناس، فإن المرضى المصابين بهذا المرض يعانون الكثير قبل أن يتم تشخيصهم. وتجد العائلة والمدرسون والزملاء صعوبة في فهم ما يحدث للمريض. وحتى المريض نفسه يجد صعوبة في فهم ما يحدث له. ويصوّر الناس الشخص المصاب بالنوم القهري في صورة الشخص الكسول والخامل مما ينعكس سلبًا على نفسية المريض ويقلل من ثقته بنفسه ويخلق له مشكلات كثيرة في المدرسة والعمل. وقد يصاحب زيادة النعاس أعراض أخرى أهمها: الشلل المفاجئ أثناء اليقظة: وهذا العرض هو العرض المميز للنوم القهري. وخلاله يحدث شلل أو ضعف في عضلات الجسم كلها أو بعضها كأن يكون هناك ضعف في عضلات مفصل الركبتين أو عضلات العنق التي تحمل الرأس أو عضلات الفك السفلي أو عضلات الذراعين أو عضلات التحدث مما يجعل الكلام غير واضح، وفي بعض الحالات يكون هناك شلل كامل في الجسم، وقد يسقط المريض على الأرض ويظهر وكأنه مغمى عليه ولكنه في واقع الأمر في كامل وعيه. وعادة ما يكون هذا الضعف للحظات قليلة ولكنه في بعض الحالات قد يستمر لدقائق. وعادة ما تبدأ نوبات الشلل أو الضعف في المواقف العاطفية المفاجئة كالانفعال والغضب أو السرور والضحك. شلل النوم: هو عدم القدرة على تحريك الجسم أو أحد أعضائه عند بداية النوم أو عند الاستيقاظ. وتستغرق أعراض شلل النوم من ثوانٍ إلى عدة دقائق، وخلالها يحاول بعض المرضى طلب المساعدة أو حتى البكاء؛ لكن دون جدوى، وتختفي الأعراض مع مرور الوقت أو عندما يلامس أحدٌ المريض أو عند حدوث ضجيج. الهلوسة التي تسبق النوم: وهي أحلام تشبه الحقيقة تحدث عند بداية النوم ويصعب أحيانًا تفريقها عن الواقع. وتوصف بالهلوسة وتكون في بعض الحالات مخيفة. وما يميز هذه الأحلام أنها تحدث عند بداية النوم، في حين أن الأشخاص الطبيعيين يبدؤون الأحلام بعد ساعة إلى ساعة ونصف من بدء النوم. وهذا المرض لا يؤثر بصورة مباشرة في الذكاء أو القدرات العقلية ولكنه قد يؤثر بصورة غير مباشرة في التحصيل العلمي نتيجة للنوم الزائد ونقص ثقة المريض بنفسه. لذلك يجب التعرف على المرضى بأسرع وقت وبدء علاجهم. كما أنه يجب شرح الحالة للمدرسين في المدرسة أو للزملاء في العمل حتى يتم تفهم المرض ومساعدة المرضى. حركة الأطراف الأرجل أثناء النوم: وتتميز بنوبات متكررة من حركة الأطراف (عادة الأطراف السفلى) خلال النوم، ينتج عنها عدم استقرار النوم وجعل النوم خفيفًا، الأمر الذي يمنع المصاب من الوصول إلى مراحل النوم العميق المهمة لراحة الجسم. وعادة ما تحدث الحركة في إصبع القدم الكبير، في حين يكون الكاحل والركبة والورك في حالة انثناء بسيطة. ويحدث انقباض العضلات بصورة متكررة كل 20 إلى 40 ثانية، ويستمر كل انقباض لمدة نصف ثانية إلى خمس ثوانٍ، وقد تكون الحركة بسيطة ولا تستطيع العين غير الخبيرة اكتشافها، ولكنها كفيلة بجعل النوم غير مستقر ومتقطعًا. وتتلخص أهم أعراض هذا الاضطراب في التالي: الأرق: فقد وجد في إحدى الدراسات الطبية أن هذا الاضطراب يتسبب في 17 في المئة من حالات الأرق. زيادة النعاس خلال النهار: وجد أيضًا في الدراسة السابقة أن هذا الاضطراب تسبب في 11 في المئة من حالات زيادة النعاس خلال النهار. الحركة التي قد توقظ المريض، وفي بعض الأحيان الشخص الذي يشاركه السرير. الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى تقطع النوم ومن ثم زيادة النعاس: كترجيع الحمض للمريء أثناء النوم واضطرابات التنفس المزمنة ونقص وظائف الغدة الدرقية. * فرط النعاس المجهول السبب، كيف يتم تشخيص الحالة؟ * لا بد في البداية من جمع معلومات كافية عن نوم المريض من المريض نفسه والشخص الذي ينام معه ومن ثم إجراء دراسة تشخيصية دقيقة تعرف بدراسة النوم، ويُعتبر إجراء دراسة النوم أساسيًا للمرضى المصابين بزيادة النعاس نظراً إلى تعدد أسباب زيادة النعاس أثناء النهار. وتجرى دراسة النوم في الليل حيث يقضي المريض ليلة واحدة في غرفة خاصة بها كل المستلزمات من تلفاز ودورة مياه وغيرهما، ويتم المحافظة على خصوصية المريض التامة خلال الدراسة. وأثناء الدراسة يتم مراقبة العديد من الوظائف الفيزيولوجية في الجسم، حيث يتم مراقبة المؤشرات التالية: الموجات الكهربائية في الدماغ، حركات العضلات، التنفس من خلال الفم وفتحتي الأنف، الشخير، معدل وانتظام دقات القلب، حركات الساقين، حركات الصدر والحجاب الحاجز، معدل الأوكسجين في الدم ومعدل طرد ثاني أكسيد الكربون من الجسم. ولمراقبة هذه الوظائف، نضع بعض الأقراص المعدنية على الرأس والجلد باستخدام نوع من المواد اللاصقة، إضافة إلى أحزمة مطاطية مرنة توضع حول البطن والصدر لمراقبة التنفس. وسوف يثبت أنبوب صغير من البلاستيك بالقرب من الفم والأنف لمراقبة التنفس. أما مستوى الأوكسجين فيتم قياسه من خلال مشبك مثبت على الأصابع. أما إذا كان هناك اشتباه في إصابة المريض باضطراب النوم القهري فإن الأمر يتطلب إجراء اختبار نوم آخر كجزء من تقييم النوم، يدعى هذا الاختبار: اختبار احتمالات النوم خلال النهار (MSLT). ولإجراء هذا الاختبار فإن على المريض البقاء في مركز اضطرابات النوم معظم اليوم التالي لليلة دراسة النوم. وخلال هذا الاختبار يسمح للمريض بالحصول على عدة غفوات وفق معايير محددة. * كيف يتم علاج زيادة النعاس؟ * توضع الخطة العلاجية لكل مريض على حدة بناء على تشخيص حالته ونتائج دراسة النوم. وأود هنا أن أؤكد على أهمية دراسة النوم في تحديد التشخيص الإكلينيكي للحالة. والحديث عن علاج كل اضطراب يطول ولا يتسع له السياق، ولكن المهم أن يعلم الشخص المصاب بزيادة النعاس أنه يمكن علاج معظم الحالات وبفاعلية كبيرة، وتكون نتيجة العلاج سريعة في أغلب الحالات طالما توافرت الأجهزة والإمكانات اللازمة للتشخيص والعلاج. بريد القراء ثقل النوم * أنا شاب عمري 32 سنة، عندي ثقل شديد في النوم، لا أحس بالمنبه مطلقا، وبالكاد توقظني زوجتي مع أن مستوى نومي جيد غالبا سبع ساعات وأحيانا يطول النوم عندي إلى تسع ساعات، وتغذيتي جيدة، فهل من حل بارك الله فيك؟ * زيادة ساعات النوم وثقل النوم مشكلة تصيب بعض الشباب ولا يوجد علاج قاطع لها. أنصحك بمحاولة النوم مبكراً وممارسة الرياضة بانتظام وتجنب استخدام الأجهزة اللوحية والجوال قبل النوم بساعتين، والعمل في بيئة بها إضاءة قوية نهارا والانتظام في مواعيد الطعام وتناول الأكل الصحي، ولا بد من وجود عزيمة قوية على الاستيقاظ. متلازمة الساقين * أعاني منذ ما يقرب من ست سنوات من شعور بوخز وكهرباء في الساقين واليدين تزداد حدة الألم عند الجلوس مشاهدة التلفاز الأكل وكذلك عند الاستعداد للنوم فتكثر حركة الساقين وأشعر بتململ وألم فأحركهما ليخف الألم حتى أثناء النوم تكون الحركة غير إرادية وتؤذي من بجانبي الفحوصات والأشعة والتخطيط أثبتت أني سليم عضويًا من مشاكل عصبية، فهل هذه أعراض متلازمة الساقين؟، وإن كانت هي أو غيرها بماذا تنصحونني؟ * نعم، هذه أعراض متلازمة الساقين، وهو اضطراب شائع نسبيا وله علاجات فعالة، ولكن يجب عمل بعض التحاليل لاستبعاد نقص الحديد وفيتامين دال، وكذلك وظائف الكلى ومستوى السكر في الدم. الاستيقاظ المفاجئ * أنا من أسبوع تقريبا حصل معي حالة غريبة في النوم أول مرة تحصل معي، وهي أني أنام ساعة وأصحو فجأة من النوم من دون سبب ولا أستطيع العودة إلى النوم مجددا.. أنا أبلغ من العمر 32 ومتزوج وليس لدي مشاكل اجتماعية أو صحية غير مشكلة حساسية الجيوب الأنفية التي تعاودني من فترة لفترة. * الاستيقاظ المفاجئ قد يكون له أسباب عضوية مثل توقف التنفس أو ضيق مجرى التنفس العلوي أثناء النوم، أو حركات في الأطراف أو ارتجاع الحمض من المريء، لا بد من الحصول على معلومات أكثر، وقد نحتاج أن نعمل تخطيط للنوم في حال الاشتباه في أي سبب عضوي. المطر ومرضى الربو * تزداد عندي أعراض الربو عند هطول الأمطار، فهل هناك علاقة علمية بين الأمرين أم أنه مجرد صدفة؟ * وثق علميا ازدياد حالات الربو في عدد من المدن الغربية بصورة كبيرة وبائية وقت سقوط المطر، وتم دراسة هذه الظاهرة بصورة علمية موثقة في عدد من المدن الغربية. ففي دراسة أجريت في لندن (نشر البحث في المجلة الطبية البريطانية عام 1996) خلال فترة شهدت أمطارا رعدية وزيادة ملحوظة في أعراض الربو وجد الباحثون أن هناك عدة تغيرات تسبب الزيادة في أعراض الربو كما أن الأعراض قد تظهر لدى أشخاص لم يكونوا يعانون من الربو بسبب وجود محسسات أو مثيرات جديدة. وكانت التغيرات على عدة مستويات فهناك تغيرات جوية وتغيرات في مستوى حبوب اللقاح في الجو وتغيرات في مستوى ملوثات الجو. فالتغيرات الجوية التي وجد أنها تؤثر على أعراض الربو شملت انخفاض سريع في درجات الحرارة، تغير سريع في درجة رطوبة الجو وتغير سريع في الضغط الجوي وهو ما يصاحب عادة العواصف الرعدية. أما بالنسبة لمستوى حبوب اللقاح في الجو، فقد وجد ازدياد كبير في تركيزها في الجو وقد وضحت بعض الدراسات أن الازدياد قد يصل إلى خمسين ضعف خلال الأمطار. ولأن بعض حبوب اللقاح صغيرة جدا في الحجم وقد تصل للرئة فإن استنشاق كمية كبيرة منها في وقت قصير قد يسبب أعراض الحساسية الصدرية الحادة. وبسبب الزيادة السريعة والكبيرة في مستوى هذه الحبيبات فإن الأعراض قد تظهر لدى بعض الأشخاص الذين لم يكونوا يعانون من الربو سابقا وإنما من حساسية خفيفة في الأنف. كما أن بعض الدراسات وجدت أن الأمطار قد تزيد من نسبة بزيرات الفطريات في الجو خلال وبعد هطول الأمطار مما قد يزيد من نسب التحسس. كما أظهرت أبحاث أخرى ازديادا في بعض ملوثات الجو خلال الأمطار مثل ثنائي أكسيد الكبريت والأوزون وربطوا بين ذلك وزيادة أعراض الربو. وليس من الضروري أن تظهر أو تزداد أعراض الربو مباشرة بعد هطول المطر، ولكن ذلك قد يستغرق 48 ساعة قبل أن تظهر أعراض الربو. ومهما كانت المسببات فالمؤكد أنه خلال هطول الأمطار تزداد حالات الربو، لذلك ننصح المصابين بالحساسية بتوخي الحذر خلال الأمطار والانتظام على أدوية الحساسية الموصوفة لهم وتجنب البرد وسرعة مراجعة الطبيب عند بدء ظهور الأعراض.